..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مضايا التي تموت جوعاً بصمت؟!

داود البصري

١ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5753

مضايا التي تموت جوعاً بصمت؟!
160111061804_madaya_640x360_ap_nocredit.jpg

شـــــارك المادة

وسط كرنفال الاحتفال الدولي الصاخب بمفاوضات جنيف الغامضة المضمون والخالية الوفاض، ووسط أزيز الصواريخ وهدير الطائرات، وأدوات القتل الإرهابية الروسية، تدور مجزرة صامتة بمعرفة العالم الحر المتفرج على المأساة، والمشارك ضمنا في الجريمة عبر السكوت والمماطلة والتسويف والخروج عن نص الشرعية الدولية والإنسانية التي تحتم التدخل لإنقاذ الحياة البشرية من مجازر مروعة ومع سبق الإصرار والترصد!. 

فهنالك مدن وقرى وقصبات سورية تموت جوعاً وتتعرض لحرب إبادة واستئصال ممنهج وتحت أنظار العالم وبشكل مباشر!، بل إن العالم لم يعد يهمه من أمر الفقراء والضعفاء شيئا في ظل صراع المصالح وأجندة التحالفات المتغيرة المنافقة. (مضايا) تلك القرية الجبلية الجميلة التي كانت تعيش لفترة طويلة على السياحة الجبلية وعلى التهريب الذي يشكل عماد اقتصاد المنطقة في ظل نظام سياسي اشتراكي الظاهر إقطاعي الواقع يحرم على الناس الكسب الحلال إلا تحت إشراف عصابة النظام ومافيوزاته الإرهابية تمثل صورة حقيقية لحقد النظام المافيوزي السوري على الإنسان السوري، وحملات عصابات النظام السوري على مضايا ليست جديدة بل إن لها سوابق قديمة تمثلت في غارات الجيش والجمارك على السكان المحليين ومصادرة أموالهم وأرزاقهم بذريعة إضرار نشاطاتهم بالاقتصاد الوطني!، واليوم إذ تدخل (مضايا) تاريخ القمع والمعاناة الإنسانية فإنها تدشن عصراً كاملاً من المواجهة المباشرة، شخصياً عرفت مضايا لأول مرة في فبراير 1984 وكان الصراع السياسي الداخلي في سوريا بين أجنحة النظام الأسدي المتصارعة على أشده بعد المواجهة بين الشقيقين الرئيس حافظ أسد وشقيقه اللواء وقتها رفعت الأسد قائد سرايا الدفاع وهو صراع كادت دمشق أن تدفع ثمنه خراباً وتدميراً بعد وصول المواجهة بين الطرفين لمرحلة حاسمة تدخل خلالها السوفيات (الروس) أيضاً ومنذ مرحلة مبكرة عبر تسفير رفعت لموسكو ومن ثم لمنفاه السويسري الفاخر ومعه ملايين الشعب السوري المسروقة!، المهم أن مضايا وبقية المناطق الحدودية مع لبنان كانت تعاني من شظف العيش وكان اقتصاد تلك المناطق يعتمد على التهريب مع لبنان عبر الجبال، وكان النظام يراقب الأوضاع وتتحفز عصابات مخابراته على الدوام للانقضاض على أهل تلك المناطق، اليوم وبعد توسع الإطار الجغرافي للثورة السورية وخروج مناطق الزبداني وبلودان ومضايا والغوطتين عن سيطرة النظام تعيش هذه المناطق أبشع حروب استنزاف وقتل وتطهير وإبادة شاملة ضد البشرية لم يشهد لها التاريخ السوري مثيلاً وتدخل ضمن قواميس حروب الإبادة الدولية الممنهجة، والعجيب أن الموت جوعاً تحول ليكون ظاهرة مقبولة ومسكوت عنها عند الدول الكواسر التي تثير الدنيا لمصرع مواطن لها في غابات آسيا أو إفريقيا بينما تصمت صمت الحملان عن معاناة أهل مضايا الذين سقط منهم حتى اليوم العشرات صرعى للجوع وبشكل أبشع مما جرى في معسكرات الاعتقال النازية الشهيرة! والفرق أن النازيين لم يقتلوا شعبهم بل أعداءهم! أما النظام السوري الإرهابي فقد أظهر قدراً كبيراً من البراعة في قتل شعبه وبنجاح منقطع النظير وليعمم حالات القتل ويعطيها الصفة الأممية من خلال استدعاء الحليف المافيوزي الروسي للمشاركة في الجريمة طبعاً دون تجاهل مساهمات الحليف الإيراني من خلال عصابة حزب الله اللبناني!!، ورغم أن المجتمع الدولي حاول التدخل من خلال إرسال بعض الشحنات الغذائية إلا أن ذلك الفعل يمثل عملا ناقصا ومعيبا، فإنقاذ البشرية والإنسانية له الأولوية على كل الاعتبارات الأخرى، والنظام السوري الذي يقول البيت الأبيض إنه فقد شرعيته لا يوجد ما يؤكد تلك المقولة من خلال ممارسات وتصرفات القوى الدولية الكبرى التي تتجاهل تماما معاناة الناس بل تغض البصر عنها في فضيحة أخلاقية تؤكد عجز المجتمع الدولي عن الإيفاء بأدنى متطلبات الدفاع عن الشعوب المسحوقة!، فلا توجد جدية في إلزام النظام وحلفائه بفك حصارهم القاتل والجبان عن تلك المناطق ولو تحت أحكام البند السابع التي تبدو بأنها مصممة لمعايير معينة لا علاقة لها بمستقبل وحياة الشعوب المكلومة، كل دول العالم مساهمة اليوم للأسف في المحرقة السورية البشعة، وما حصل في مضايا من إرهاب وتعد على الإنسانية قد مر دون عقاب بسبب سياسة البلطجة الروسية والخنوع الغربي والضعف العربي، مضايا تموت بصمت بينما القوى الكبرى مشغولة بمحادثات ضبابية، وبتسويق أوهام لتسوية سياسية لن تحدث أبدا، فالفاشية في الشام لن تتراجع أبدا بعد خمسة أعوام من الثورة، والمراهنة على انصياع النظام ورحيله عن مسرح التاريخ أشبه بالمراهنة على تقوى إبليس... أنقذوا الإنسانية في مضايا وبقية المدن السورية، والتاريخ لن يرحم المتخاذلين وقتلة الشعوب. 

 

 

 

الشرق القطرية 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع