زياد الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 6236
شـــــارك المادة
حدث ما كان متوقعا من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية بعد هجمات باريس وبشكل خطير وسريع، وبدأ استغلال الحادث الباريسي ضد المسلمين المتواجدين في أوروبا على وجه الخصوص يظهر جليا بعد أيام قليلة من تاريخ وقوع الحادثة.
وبناء على بعض التوقعات المبنية على معلومات يمكن القول: إن هجمات باريس قد تكون لها من الآثار والتداعيات الخطيرة والسلبية على المسلمين - التي بدأت طلائعها بالظهور – ما يعتبر أشد شراسة وسوءا وخطورة على المسلمين من آثار وتداعيات أحداث 11 من سبتمبر 2001م .
إن مجرد إحصاء واستقصاء التصريحات المعادية للإسلام بعد الهجمات، والقرارات التي اتخذت للنيل من الوجود الإسلامي الكبير هناك، والممارسات العملية على الأرض في كل من أمريكا والدول الغربية بعيد الهجوم بأيام أو حتى ساعات، يكفي للتأكيد على أن ما كان متوقعا قد حدث وبشكل ربما يكون أكثر من المظنون.
ويمكن الإشارة إلى بعض تلك التصريحات والقرارات والممارسات للدلالة على مدى استغلال كل من أمريكا والقارة العجوز للعمليات الإرهابية التي تحدث على أراضيها ضد الإسلام والمسلمين، سواء من خلال محاولة تشويه صورة الدين الحنيف، أو من خلال زيادة "الإسلاموفوبيا" والرهاب من خاتم الأديان للحد من الانتشار الرهيب لدين الله هناك.
1- تهديد وزير الداخلية الفرنسي "برنار كازنوف" بإغلاق المساجد التي يزعم أن الدعاة المسلمين فيها يحرضون على الكراهية والعداء" بينما لم يرى المتابع أي قرار حكومي اتخذ لإغلاق الأفواه التي تنال من المسلمين ومن دينهم ومقدساتهم، والتي تعتبر المسبب الرئيس في انتشار "الكراهية والعداء"، كما أن أوروبا لم تتحرك جديا لوقف مسلسل الاعتداءات على المسلمين ماديا ومعنويا، ولم تتخذ قرارا مشابها بإغلاق بعض الكنائس التي ينحدر منها المتعصبون الأوروبيون بدعوى تلقيهم خطاب كراهية هناك!!
لم تكتف الحكومة الفرنسية بالتهديد بإغلاق المساجد فحسب، بل توعدت بطرد من وصفتهم "أولئك الذين يحرضون على الكراهية" من فرنسا - وهي تعني بهم المسلمين فحسب دون غيرهم - مستغلة حالة الطوارئ التي أعلنت بعد هجمات باريس.
2- مطالبة الرئيس الفرنسي في كلمة له أمام غرفتي البرلمان الفرنسي بقصر فرساي بتمديد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر أخرى، وبتعديل بعض النصوص القانونية لتشمل التطورات التكنولوجية الجديدة.
أما حالة الطوارئ فهي الغطاء القانوني الذي تستطيع الحكومة الفرنسية من خلاله ملاحقة المسلمين والتضييق عليهم وإلصاق تهم الإرهاب بمن تشاء منهم، وأما التعديلات القانونية الدستورية – وخصوصا المادتين 16 و36 المتعلقتان بضبط آلية اتخاذ القرار في حالات الحرب والخطر الداهم، وشروط إعلان الأحكام العرفية وحالة الطوارئ ومدتها القانونية وشروط تمديدها – فهي لإطلاق يد الحكومة للنيل من حقوق المسلمين دون أن تلجمها أو تحدها القوانين الوضعية.
ولعل من أكثر التعديلات القانونية خطورة على المسلمين تلك المتعلقة بسحب الجنسية، حيث يرغب "هولاند" في أن يتيح له القانون الفرنسي بعد تعديله سحب الجنسية من المدانين بالتورط في أعمال إرهابية من مزدوجي الجنسية، حتى لو كانوا مولودين على الأراضي الفرنسية، وكذلك إمكانية منعهم من دخول فرنسا إذا كانوا يشكلون "خطرا إرهابيا"، وهو ما يعني محاولة التقليل من أعداد المسلمين المتزايد في فرنسا على وجه الخصوص.
3- وإذا ما انتقلنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها لم توفر هجمات باريس، بل سارعت لاستغلال الحادثة أبشع استغلال للنيل من المسلمين، وظهر ذلك جليا في إعلان ست ولايات أمريكية -على الأقل- رفضها استقبال لاجئين سوريين.
ولا ينبغي لمسلم عاقل أن يستمر في الانخداع في تصريحات البيت الأبيض التي رفضت الربط بين اللاجئين و"الإرهاب"، فهي كما يعلم الجميع تصريحات دبلوماسية استعراضية لا بد منها سياسيا، أما الواقع والحقيقة فلا يمت إلى هذه التصريحات بأية صلة.
والعجيب في الأمر أن أمريكا لم تستقبل إلا النذر اليسير جدا من لاجئي سورية، ومع ذلك لم تفوت فرصة استغلال هجمات باريس للتملص من تعهدها باستقبال 10 آلاف لاجئ سوري خلال عام بدعوى المخاوف الأمنية.
4- تسريع ترحيل طالبي اللجوء الذين ترفض طلبات لجوئهم في الدول الأوروبية، والذي تعمل دول الاتحاد الأوربي على تفعيله من خلال مسودة مشروع لوزراء الداخلية، يدعو فيه الدول الأعضاء لزيادة القدرة الاستيعابية لسجون الاتحاد لاحتجاز طالبي اللجوء المرفضوين كإجراء يهدف إلى ترحيلهم بسرعة قبل أن يتمكنوا من الاختفاء أو الانتقال إلى دول أوروبية غير الدول التي تم رفض طلبات لجوئهم فيها، وهو ما يعني فتح الباب على مصراعيه لترحيل كل من تشتبه بهم أوروبا من المسلمين.
هذه في الحقيقة أولى مظاهر تداعيات هجمات باريس، وما سبق مجرد بداية للآثار المعلنة المتوقعة من هذا الحادث الذي تعتريه الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، وما خفي ربما يكون أعظم.
المسلم
راجح الخوري
علي حسين باكير
أسعد حيدر
طارق الحميد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة