ياسر الزعاترة
تصدير المادة
المشاهدات : 2761
شـــــارك المادة
لأن تركيا أصبحت لاعبا أساسيا وكبيرا في المنطقة، كانت الشماتة كبيرة بنتائج انتخابات يونيو الماضي، حين فقد حزب العدالة والتنمية أغلبيته في البرلمان، وصار لزاما عليه التحالف مع حزب أو أحزاب أخرى من أجل تشكيل الحكومة، وذهب كثيرون يومها، وفي مقدمتهم الحلف الإيراني إلى أن الحزب يدفع ثمن سياسته الخارجية، وبخاصة في سوريا، فيما ذهب آخرون من التحالف العربي المناهض للثورات والربيع، وعلى رأسه نظام السيسي إلى أنه يدفع ثمن مواقفه منهم، وكانت شماتتهم من ذات الصنف الإيراني. اليوم ينقلب المشهد، وتخرج الأصوات إياها من الجحور في حالة من الهذيان، وبالطبع لأنها لم تتوقع أن يتمكن حزب العدالة والتنمية من استعادة أغلبيته في البرلمان، ومن ثم تشكيل الحكومة منفردا، فكنا خلال يومين أمام مشهد سوريالي من الندب، ومن ذات الأصناف السابقة التي احتفلت بالخسارة، فيما أضيفت إليها نخب تدعي الحرص على الحرية والديمقراطية، فيما يعمل بعضها كأبواق مزمنة للدكتاتورية. لا شك أن الفوز كان مفاجئا، وبالطبع قياسا بالانتخابات السابقة وليس شيئا آخر، وفي العموم، فلو كان النجاح هو معيار التصويت في الانتخابات، لكان من حق حزب العدالة والتنمية الحصول على نسبة أصوات أكبر بكثير من تلك التي حصل عليها تبعا لنجاحاته الباهرة، ولكن ثبت عمليا حتى في الدول الأوروبية أن الحساسيات العرقية والطائفية لا يلغيها شيء، ولا شك أنها كانت حاضرة بقوة في حالة الأكراد والعلويين، وبشكل أكبر هذه المرة والمرة السابقة، وما نسبة التصويت المذهلة بالمقاييس العالمية (%87) سوى دليل على ذلك. فارق النسبة بين المرة الماضية وبين هذه المرة جاء نتاجا لشعور قطاع لا بأس به من الشعب بأن فوز الحزب ضرورة للاستقرار وتماسك الاقتصاد، بعد التراجع خلال الشهور الماضية، فضلا عن تخلي الخائفين من قضية تعديل الدستور عن مخاوفهم، بعد خروجها من التداول. أيا يكن الأمر فقد جاء الفوز ليعيد تعديل ميزان الوضع السياسي في المنطقة، وبالطبع لأن موقف الحزب سيكون أقوى في التعاطي مع مختلف القضايا. وذلك هو ما يجعلنا متأكدين من كراهية السيسي ونتنياهو وبشار وإيران لذلك الفوز، ومعهم بعض أنظمة الثورة المضادة العربية التي استثمرت المليارات ضد الربيع ومخرجاته، وكانت لها أدوار حتى في التخريب على أردوغان، الأمر الذي ينطبق أيضا على إيران التي ضربت ربيع العرب في سوريا، وطاردت أردوغان في الداخل عبر دعم الجناح المتطرف في حزب العمال الكردستاني. بعد لقاء فيينا حول الشأن السوري جاء فوز حزب العدالة والتنمية، وهذا سيترك أثره على المفاوضات من دون شك، وبطبيعة الحال على عموم الملف السوري، وكذلك الحال على عموم مشهد الصراع مع مشروع التمدد الإيراني في المنطقة، لاسيَّما أن التفاهم السعودي التركي يبدو مميزا هذه الأيام. لكن التعويل على ذلك الفوز في تغيير مسيرة الصراع حول الحرية والديمقراطية، لا يبدو ممكنا في القريب، بخاصة بعد انكسار موجة الربيع العربي مرحليا، ودخول نظام السيسي في مربع الاستقرار النسبي رغم فشله المزمن، وبالطبع نظرا لتماسكه العسكري والأمني من جهة، وبسبب الدعم الخارجي الهائل من جهة أخرى. على أن من حق المستضعفين رغم ذلك أن يجدوا لهم متنفسا في تركيا التي باتت تؤوي الكثير من الهاربين من جحيم الظلم، في الوقت الذي تفتح نافذة أمل للسوريين، بينما يحصل الفلسطينيون على بعض الدعم السياسي، ولا أقول كثيرا من الدعم تبعا للوضع الشائك لتركيا وعضويتها مع الناتو، فضلا عن علاقتها التاريخية مع الكيان الصهيوني التي يصعب التحلل منها سريعا. ولنا أن نضيف لأسباب الفرح أن يبقى في المنطقة نموذج حي للنجاح، ومعه نموذج حي للديمقراطية والتداول السلمي على السلطة. يوم الأحد كان يوم فرحة من دون شك، انعكست بصورة لافتة في مواقع التواصل الاجتماعي عبر مئات الآلاف من التغريدات والتعليقات، فيما كانت الأطراف الأخرى تعيش مأتما حقيقيا، إن كان لأسباب تتعلق بالسياسة، أم لأخرى تتعلق بالأيديولوجيا من أناس لا يرون الإسلاميين إلا مرشحين للموت أو السجون والسحق، وليس للحكم والسياسة. والخلاصة: أنه بصرف النظر عن الخلاف الممكن حول تأثير ذلك الفوز على المحيط الإقليمي والوضع العربي، فإن نتائجه ستكون إيجابية على قضايا المستضعفين، حتى لو اختلفنا حول مستوى تلك الإيجابية، مع التذكير بأن قضايا المنطقة أكثر تعقيدا، من قدرة حزب أو بلد وحده على مواجهتها.
العرب القطرية
برهان غليون
أكرم البني
محمد الجوادي
الطاهر إبراهيم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة