علي الأمين
تصدير المادة
المشاهدات : 6814
شـــــارك المادة
يكثر الهرج والمرج حول الدور الروسي في سورية، وانتقلت الجهود الفكرية السورية المعارضة والمؤيدة بكل أنواعها إلى الرقص على ايقاعات التصريحات التي تصدر من شخصيات روسية مهما كان دورها هامشياً مما يؤكد استمرار الضياع و عبثية الجهود والمخاطرة بالتضحيات الأسطورية لشعب سورية العظيم.
وللخروج من عنق الزجاجة الذي وضعنا ثورتنا فيه يجب أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:
أولاً: الاستخفاف بالدور الروسي يهزمنا
لم يكن غياب الدور الروسي عن الساحة الدولية نتيجة لفشل الروس في معرفة كيفية الولوج إلى الساحة الدولية، أو التقاعس عن ممارسة دور القوة العظمى التي لا تسمح للقوى الأقل شأناً بأن تأكل الفرائس وتنتظر هي الفتات. وإنما كانت، وبدون شك، بسبب أن الروس كانوا يعملون على إعادة بناء الاتحاد الروسي ليصبح دولة متطورة متماسكة اقتصادياً وسياسياً.
لقد عملت روسيا وعلى مدى عشرين عاما على تحديث مؤسساتها وإعادة ترتيب أوراقها الداخلية حتى تخرج للعالم بثوب جديد أكثر صلابة وقوة.
فروسيا اليوم باتت تنال ما تريد في نهاية المطاف مهما كانت جعجعة العالم تعزف على وتر أن الروس لم يكونوا يوماً ناجحون فيما يخططون له.
وحقيقة، لا يمكن لوم المراقبين على هذه النظرة السلبية لأنهم لم يعايشوا إلا فترة انكسار الاتحاد السوفييتي، وشهدوا بأم أعينهم تدهور الوضع الاقتصادي لروسيا الاتحادية عقب ذلك الانهيار ولم يروا عكس ذلك، فحكموا على الروس بأنهم هيكل يوحي بالقوة ولكنه فارغ كالطبل لا يجب القلق منه.
لقد كانت فترة العشرين عاماً المنصرمة من الانكفاء الروسي الدولي كافية لإعادة بناء الاتحاد الروسي كدولة عظمى وقد آن أوان الولوج إلى الساحة الدولية من البوابة السورية.
ثانياً: روسيا وسورية
تسلحت روسيا بمقولات سياسية في تعاملها مع المجتمع الدولي فيما يخص الأزمة السورية مكنتها من السيطرة على المشهد الإقليمي بشكل مطلق. فهي ما فتئت تعلن بأنها:
وهي في الحقيقة تريد السيطرة المطلقة على نصف العالم الشرقي وقد نجحت في ذلك نسبيا من خلال إقامة حلف دول البريكس الذي أضافت له إيران. وقد حان الوقت لرسم حدوده مع النصف الآخر من العالم، ولسوء الحظ أن سورية هي المنطقة الفاصلة بين العالمين، فكان لا بد من رسمه بالطريقة التي تخدم المشروع الروسي.
روسيا فعلاً لا يهمها شخص بشار الأسد، ولا يهمها انهيار الدولة السورية الحالية “حالياً“، وما يهمها حقيقة هو إعادة ترتيب الدولة السورية، والاستحواذ عليها بكل الوسائل.
فروسيا لا تريد سورية هونغ كونغ أخرى– هونغ كونغ بمعنى -جيب غربي- في خاصرة الامبراطورية الجديدة.
الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة لم تضع ثقلها كاملاً في بناء هذا الجيب -السوري- لأنها تشتت في التخطيط لاستحداث أكثر من جيب “غربي،” ومع أنها نجحت جزئياً في اختراق باهت لأوكرانيا، غير أن روسيا كانت لهم بالمرصاد، واستطاعت الالتفاف على المشروع الغربي، وربما كانت هذه الخطوة “نعمة” أصابت روسيا أكثر من كونها مسماراً مؤلماً في جسدها حتى الآن على الأقل.
مقولة أن روسيا تحافظ على أمنها القومي من الإرهاب الجهادي كاذبة ومثيرة للضحك. فالنظام الروسي الديكتاتوري قد حصن نفسه ضد أي اختراق أمني من هذا النوع على عكس الدول الغربية المكبلة بقوانينها الديمقراطية الذاتية.
وباتت روسيا المدير لشبكات المافيا الإسلاماوية في العالم توجهه حيث تريد وتخّوف به من تشاء. ومن الواضح جداً أنها نجحت في استقطاب معظم أصدقاء الشعب السوري إلى صفها من تحت الطاولة بحجة محاربة الإرهاب الذي هي راعيته المطلقة.
فمثلما كانت الدول الغربية تنفذ إلى مصالحها بأغلفة حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية، أخذت روسيا تنفذ إلى مصالحها بغلاف محاربة الإرهاب، الأمر الذي أقتع حتى الغرب بأنه يؤمن مصالحهم.
واستطاعت من خلال استغلال غلاف الحفاظ على الشرعة الدولية، أن تجد طريقها المعبد بالورود لتأمين مطامعها في عالم القرن الحادي والعشرين.
السياسة الروسية فيما يخص إنفاذ مخططها في سورية خاصة:
تتبع روسيا أسلوب “الحرباء” في التخفي في تقديم نفسها لجميع الفرقاء المتصارعين على سورية. فهي نجحت بتقديم نفسها باللون الذي يناسب من يقترب منها. فذات الجلد تجده ملوناً بما يناسب من ينظر إلى بقعة من جلد تلك الحرباء. وهي، بذات الوقت، على استعداد تام لأن تخلق ألواناً جديدة ترضي ناظرون جدد مع بقاء ما تحت الجلد، كما هو، حرباء تسعى لهدفها بكل ثقة وربما بكل نجاح.
فمن يصر، من الفرقاء، على أنه لا مستقبل للأسد في أي مرحلة من مراحل الحل السوري، تعطيه ما يريد بداية لتأخذ منه ما تريد تالياً. ومن يؤكد على وجود الجيش الحر كممثل للشعب السوري تتفق معه، وتطلب منه ـ أو تحرجه بمعنى أدق ـ التعاون في جلب ممثلي ذلك الجيش إلى طاولة المفاوضات، لتقبض منه “انتظرونا حتى نخلق ذلك الجيش“.
ومن ينظر إلى مايجري في سورية على إنه إرهاب ومؤامرة، تفتح لها ذراعيها وتطلب منه التعاون في الإجهاز عليه كما يحصل الآن من تنسيق للأعمال العسكرية بينها وبين التحالف.
كل ذلك يتم بهدوء، وتؤدة باعتبار أن ساحة الاضطرابات ليست أرضاً روسية ولا شعب تلك البقعة ناخب مؤثر لرموز النظام الروسي قد يثير الضوضاء، وفناءه غير مهم لأي مجتمع بشري.
المخطط الروسي في سورية:
تعمل روسيا على الهيمنة الروسية على سوريا القادمة مهما طال الزمن. وهي تخطط للاستفراد في عملية إعادة تشكيل الدولة السورية بما يخدم مصالحها بدون أخطاء. فهي الآن تستغل وجود نظام موال لها، بالرغم من أنه فقد معظم هيبته العسكرية و السياسية، لإعادة هيكلة سورية من الصفر وذلك بـــ:
لن يتم تقديم أية خطوة من الخطوات الأربع على الأخرى، وستكون بهذا التسلسل حتى ولو استغرق أمر حدوثها عقوداً من الزمن.
وليس هنالك ما يمنع روسيا من تحقيق مخططها على الإطلاق إلا أمراً واحد يقلقها شكلياً ولكنه عملياً لا توجد بوادر لحدوثه. وهذا الأمر بدون شك هو انبثاق قوة سورية وطنية تمتلك مشروعاً وطنياً واقعياً قابلاً للحياة يحرج كل الأطراف الدولية وليس روسيا لوحدها.
الثورة السورية الثانية هي الحل:
خمس سنوات مرت من السير المتعثر للثورة، والتائه أحيانا كثيرة، والمتراجع أحياناً أكثر أصبحت أكثر من كافية لتلهم قادة الفكر الثوري السوري وقادة النضال الوطني لاتخاذ قرار ببدء الثورة السورية الثانية.
هذه الثورة التي يجب أن تمتلك مشروعاً وطنياً منطقياً عقلانياً يحدد أهدافه بوضوح ويقدم خارطة طريق تفرض نفسها على الداخل والخارج.
ومن نافل القول أن من صفات ذاك المشروع أنه يستجيب لتطلعات الشعب السوري الذي ثار بداية على النظام الأسدي المجرم، وبذات الوقت يأخذ بعين الاعتبار تجريد المجتمع الدولي من تخوفاته المحقة مما قد يحدث في بلدنا دون تفريط بالسيادة، ودون تفريط بالأمن أو بتضحيات الشعب السوري العظيم.
مشروع ثورة حقيقية يسقط النظام السوري، ولا يسقط الدولة.
مشروع يحيي المواطنة ويقويها ولا يقسم المجتمع طائفيا.
مشروع يشجع السوريين على التصالح مع ذواتهم ومع أقرانهم ومع العالم.
فمن لهذا المشروع؟؟؟
كلنا شركاء
زهير سالم
صالح عبد الله السليمان
نوال السباعي
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة