مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3491
شـــــارك المادة
علمت أن تعبير "العربدة الثورية" الذي استعملته في الحلقة الأخيرة سيثير غضب أنصار النصرة، فاعتذرت سلفاً بأنني لم أقصد به التجريح، وإنما أنا حقيقةً لم أجد أفضلَ منه لوصف الممارسات البشعة التي تقوم بها جبهة النصرة في المناطق المحررة التي تخضع لسيطرتها في الشمال.
نعم، توقعت أن يغضبوا من الكلمة التي استعملتها، ولكنْ لم يخطر ببالي أن ينكروا تلك الممارسات وكأنني اخترعها من الخيال. ما ذنبي إن كانوا لا يعلمون أن النصرة تصادر دائماً حصة كبيرة من الأسلحة والذخائر التي تتلقاها الكتائبُ الصغيرة من الداعمين؟ ليسألوا إن كانوا لا يعلمون، أمّا الإنكار على من يعلم فإنه حجة الضعفاء. وما الدليل الذي تطلبونه مني؟ إيصالات قبض مثلاً عليها ختم وتوقيع؟ اسألوا كتائب الجيش الحر في إدلب وحماة تعرفوا الخبر اليقين.
أما إنكارهم لتجاوزات جبهة النصرة بحق المدنيين فمن أعجب العجب، فقد سارت بها الركبان وغطّت وجهَ الشمس، فأنّى يمكن الإنكار؟ فلما عجز بعضهم عن الإنكار قال: أليست كل الفصائل ترتكب أمثال تلك التجاوزات؟ أي أنهم اعترفوا بها ولكنهم أنكروا إنكارنا لها لأننا لم ننكر على الباقين. فماذا لو أخبرناهم أن جبهة النصرة وحدَها مسؤولةٌ عن ثلاثة أخماس جميع التجاوزات التي ترتكبها كل الفصائل مجتمعة، رغم أن حجمها لا يكاد يتجاوز نصفَ عُشر الجسم الجهادي في سوريا!
* * *
قررت قبل تسعة أشهر إحصاء تجاوزات جبهة النصرة لأني خفت أن أنتقدها ظلماً بغير حق، وبدأت فعلاً بتسجيل الحوادث التي تحققتُ منها وتستحق أن تُروى، تاركاً ما لم يثبت من أخبار وما لا يستحق الرواية منها لأنه من الهنات التي تقع من الجميع، فلم أكد أتمّ ثلاثة أسابيع حتى تركتُ هذه المهمة مللاً واستثقالاً لأنها تحتاج إلى فريق من المتفرّغين. وإليكم القائمة التي سجّلتها في تلك الفترة القصيرة:
حملة تفتيش واعتقالات في معرة النعمان طالت مدنيين تظاهروا ضد جبهة النصرة (23/1). اعتقال وضرب مدنيين في البارة بجبل الزاوية بسبب التظاهر ضد جبهة النصرة (27/1). استشهاد الشاب صفوان بوابة تحت التعذيب في سجن جبهة النصرة في معرة مصرين بريف إدلب، وقد أشرف على تعذيبه أميرُ النصرة في البلدة خالد أبو قدور (29/1)، وقد اعترفَت النصرة بمقتله في سجنها معتذرة بأن السجّانين "بالغوا قليلاً في درجة التعذيب" (أي أن تعذيب المعتقلين جائز عندهم ولكنْ ليس لدرجة الموت، بل قريباً منه فقط). اعتقال مدني في قرية جوزف بجبل الزاوية، ثم اعتقال أخيه الذي حاول السؤال عنه (31/1). اعتقال 12 مدنياً في البارة بجبل الزاوية، بينهم طفل في الثالثة عشرة (3/2). اعتقال خمسة مدنيين في كفرنبل، أُطلق منهم ثلاثة في اليوم التالي وبقي اثنان رهن الاعتقال دون معرفة الأسباب (11/2). مداهمات واعتقالات طالت عدداً من المدنيين في ترملا بجبل شحشبو (12/2). مداهمات واعتقالات وإصابات في معرّة حرمة (14/2)، وقد قُتل مصطفى حمود زريق في سجن النصرة بعد اعتقاله. اعتقال إعلاميَّين في قرية عين لاروز (16/2). استشهاد مضر أيوب في سجن النصرة بخان شيخون بعد أسبوعين من الاعتقال (16/2).
هذا كله في ثلاثة أسابيع فقط، وقبلها مباشرة كانت فضيحة حافلة المدنيين الأكراد (المسلمين السنّة) التي أوقفتها جبهة النصرة على حاجز الإيكاردا -على طريق حلب دمشق الدولي- واحتجزت ركابها لمدة أسبوعين، وفيهم ستّ فتيات تعرضنَ للتعذيب مع بقية الركاب في معتقل النصرة في الزربة.
وكان أكثر ما أحزنني في تلك الفترة -وأنا أتابع تجاوزات جبهة النصرة- أنها بدأت بمحاكاة سلوك الأجهزة الأمنية في نظام الاحتلال الأسدي، فعندما تعجز عن اعتقال أحد المطلوبين تقوم باعتقال بعض أقربائه للضغط عليه ودفعه إلى تسليم نفسه! صنعت ذلك في ترملا بجبل شحشبو في المداهمات المذكورة آنفاً (12/2) حيث حاولت اعتقال أحد الرجال بتهمة كتابة شعارات معادية للنصرة على جدران القرية، وحينما عجزت عن اعتقاله قامت باعتقال أولاده فاضطر إلى تسليم نفسه. كما اعتقلت محمد ناصر زريق في معرة حرمة (14/2) للضغط على أخيه الذي فشلت في اعتقاله، وهو قائد في ألوية الأنصار التي قاتلتها جبهة النصرة في ريف إدلب الجنوبي في وقت سابق. كما شهد أسرى حافلة الإيكاردا بعد تحريرهم بوجود نسوة مسلمات سنّيات محتجَزات في سجن جبهة النصرة في الزربة، لا تهمةَ لهنّ سوى أن أبناءهن مطلوبون وهاربون.
هذه التجاوزات الخطيرة وأمثالها (وما أكثرَ أمثالَها) هي التي دفعتني إلى استعمال ذلك التعبير الذي أنكره عليّ أنصار جبهة النصرة، فهل استعملته ظلماً أم أنه وصف منصف صريح صحيح؟
سألوني عن جبهة النصرة -10- سألوني عن جبهة النصرة -9- سألوني عن جبهة النصرة -8- سألوني عن جبهة النصرة -7- سألوني عن جبهة النصرة -6- سألوني عن جبهة النصرة -5- سألوني عن جبهة النصرة -4- سألوني عن جبهة النصرة -3- سألوني عن جبهة النصرة (1،2)
الزلزال السوري
لبيب النحاس
ماهر علوش
صالح عبد الله السليمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة