أحمد رحال
تصدير المادة
المشاهدات : 3358
شـــــارك المادة
ثلاثة أسابيع من الفشل المتوالي للتحركات العسكرية والعمليات التي أعقبت الهجوم الجوي لطائرات الاحتلال الروسي، ثلاثة أسابيع فُتحت خلالها خمس جبهات من القتال، بدءاً من جبهة ريف حماة الشمالي الشرقي التي استهدفت فصل جبهة إدلب عن جبهة حماة واستعادة الشريان الأهم الذي يصل حمص بحلب وفشلت، انتقالاً إلى فتح جبهة سهل الغاب التي أرادت استعادة جسر الشغور وسهل الغاب وفشلت، انتقالاً إلى فتح جبهة الساحل التي تهدف لاستعادة الطريق الدولي (اللاذقية- حلب) وجبلي الأكراد والتركمان وفشلت، انتقالاً إلى فتح جبهة ريف حمص الشمالي بهدف تقطيع أوصال جبهتي حماه وحمص وتهجير سكان أهل المنطقة (طائفياً) بعد السيطرة عليها وفشلت أيضاً، وأخيراً فتح جبهة ريف حلب الجنوبي بهدف فصل جبهات حلب الجنوبية عن الغربية والعودة خلفاً نحو طريق حمص- حلب والسيطرة على بلدتي سراقب وخان شيخون وأيضاً كان مصيرها الفشل.
ثلاثة أسابيع كانت كافية أيضاً لأن يكتشف الرئيس (بوتين) كذب الجنرال قاسم سليماني (الحاكم العسكري الإيراني لسوريا) الذي زار موسكو الشهر الماضي وقطع وعوداً لـ(بوتين) بإحداث تغيير نوعي وخرق ميداني وتغيير بميزان القوى العسكري، إذا ما كان هناك غطاء جوي ودعم لوجيستي روسي لعمليات أرضية يخوضها التحالف الرباعي (ميليشيات الأسد وحزب الله والقوات الإيرانية والفصائل العراقية عدا عن المرتزقة التي تم استقدامها من كل أصقاع الأرض).
ثلاثة أسابيع وتقارير غرفة العمليات الجوية الروسية في مطار حميميم (المسربة) ترفع تقارير لوزارة الدفاع الروسية تقول فيها إنها غير قادرة على البقاء في السماء السورية وفوق جبهات القتال 24/24 ساعة، لأنه وبمجرد مغادرة الطائرات والحوامات الروسية وعودتها لقواعدها في مطاري حميميم وحماة، تعود ميليشيات النظام وحلفائه لتخسر المساحات التي أمنت السيطرة عليها الطائرات الروسية، ولتضيف تلك التقارير أن ميليشيات الأسد وحلفائه لا تملك إرادة القتال ولا الشجاعة في مواجهة (المسلحين).
الرئيس (بوتين) يعلم أن خيار التدخل في سوريا لم يكن الخيار الصائب؛ لكنه يعلم أيضاً أنه كان مرغماً عليه؛ لأنه أتى على خلفية تقارير استخباراتية وعسكرية روسية من أن نظام الأسد اقترب من مرحلة الانهيار. و(بوتين) يعلم أن الغرب والعرب لن يعطوه الكثير من الوقت أمام مشاهد القتل والدمار التي تُلحقها الطائرات الروسية بالمدنيين السوريين وفصائل الجيش الحر التي لا يمكن وصفها بالإرهاب مع ضربات جداً خجولة ضد (تنظيم الدولة الإسلامية) لا تستطيع أن تمنحه الشرعية لفترة طويلة من الزمن، وبالتالي فإن الغرب لا يستطيع الحفاظ على صمته أمام هذا الواقع المأساوي الذي حل بالداخل السوري مع قدوم القوات الروسية.
والرئيس (بوتين) يدرك أن دخول المضادات الجوية ووقوعها بأيدي الجيش الحر وبقية فصائل الثورة قد تطيح ليس بالأسد فقط بل قد تطيح به مع أولى الطائرات الروسية التي ستتساقط في سماء سوريا، وبالتالي وجدنا (بوتين) يحذر الغرب من تزويد المعارضة بهذا السلاح إدراكاً منه لمدى الخطورة التي قد تلحقها تلك الصواريخ بمستقبله السياسي مع حتمية انهيار نظام (الأسد)، ومعه ستكون خسارة الورقة السورية التي يمكن أن تشكل قوة إضافية لروسيا في قضيتها الأساسية المتمثلة بالعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على موسكو وقضيتها الأهم وهي أوكرانيا والقرم.
استدعاء (الأسد) وبالشكل الذي تم به، بعيداً عن أي أشكال البروتوكول الدبلوماسي المتعامل به بزيارات الرؤساء، وبعيداً عن أي استقبال رسمي (هبوطه في مطار عسكري وبطائرة روسية)، وبعدم وجود أي وفد من حكومة ونظام الأسد، وحتى بدون وجود علم سوري في غرفة اللقاء مع (بوتين)، هذا اللقاء كان ضرورة روسية بعد ضمانات طلبها قادة عرب وإقليميون من القيادة الروسية، وكان على (بشار الأسد) الحضور والتعهد (شخصياً) طالما أن الأمر يتعلق به وحده مع الالتزام بكل مفرزات الاجتماعات القادمة، وهذا التعهد كان مفروضاً على (بوتين) الحصول عليه وقبل التئام الاجتماع الثلاثي مساء الخميس (أمريكا, السعودية, تركيا)، ثم الرباعي يوم الجمعة (يضاف للسابق وزير الخارجية الروسي) ثم الخماسي (يضاف للرباعي وزير الخارجية الأردني) في (فيينا), واتصال الرئيس (بوتين) بقادة عرب وإقليميين (السعودية والأردن ومصر وتركيا) صباح الإعلان عن الاستدعاء السري (للأسد) توحي بأن (بوتين) قد حصل على مبتغاه وأراد تطمينهم بالموافقة على طلباتهم.
لكن الملفت بالأمر كان غياب إيران عن اجتماعات (فيينا), والأمر الآخر هو شكر (الأسد) لروسيا بعد ثلاثة أسابيع على تدخلها، متناسياً أربع سنوات ونصف من الدعم الإيراني وذراعها حزب الله، وبعد آلاف القتلى الذين قدمتهم (طهران) فداءً لكرسي سلطة الأسد، وإن دل هذا التصرف على شيء (إضافة لغياب طهران عن اجتماعات فيينا) فإنه يعطي صورة واضحة أن مصير (بشار الأسد) قد أصبح كلياً في يد موسكو وأن إيران أصبحت خارج اللعبة.
ويبقى السؤال الذي يجول في أذهان كل السوريين ويتردد على ألسنتهم: هل نحن أمام المشهد الأخير من المأساة التي عاشها الشعب السوري على مدار أكثر من أربع سنوات؟؟
قلوب السوريين لا تخالف تمنيات رئيس الوزراء التركي أحمد داؤود أوغلو عندما قال: كان على الأسد البقاء في موسكو… هل هو كلام عابر أم كلام مبني على معطيات… اجتماع (فيينا) على الأبواب وفي مضمونه إجابات قد تكون مصيرية وقد تنهي مرحلة هي الأسوأ بتاريخ سوريا دون جدال.
كلنا شركاء
حسين عبد العزيز
العصر
صالح عبد الله السليمان
مهنا الحبيل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة