خالد حسن
تصدير المادة
المشاهدات : 6593
شـــــارك المادة
الصراع على سوريا معقد ومتشابك جدا، والثوار، على ما بينهم من خلافات، يقاومون جيوشا من الغزاة ويصدون هجماتهم، لكن ثمة معضلات تحتاج لعقل ونظر: هناك في مجموعات الثوار من يثق في الحلفاء العرب والغربيين مع كثير من التسطيح والسذاجة، والحاجة إلى السلاح النوعي قد تحجب عنهم الرؤية العميقة.
غير أن السلاح لن يُسلم لوجه الله، فليس "الحلفاء" جمعية خيرية، هذا السلاح ليس موجها لإسقاط الأسد ولا يراد به النيل منه، وإنما لاستنزاف الروس وعدم تمكينهم من فرض أمر واقع ومنع غلبة الأسد وحلفائه ومحاربة "المتطرفين" ونهايته تسوية سياسية تبقي على جيشه وبعض أركان نظامه والحفاظ على مصالح القوى الخارجية المؤثرة.
وأهم وظائف هذا السلاح هو استنزاف الثوار في قتال داخلي مع قرب التسوية السياسية، وكأنما هو لصناعة وكلاء يحاربون بالنيابة عن "الحلفاء".
هذا السلاح حمال أوجه وله ما بعده، وتعامل بعض مجموعات الثوار مع "الحلفاء" بسطحية وسذاجة قد يسهل توظيفهم ليصبحوا أداة وظيفية وألعوبة في أيدي من سلحوهم.
فلأمريكا اليوم حسابات جديدة ليس بسبب دخول الروس على الخط وإنما لأن بوتين "خدعهم" ابتداء، ويعمل حاليَا على سحب البساط من تحد أقدام الجميع بخططه البرية والجوية.
لكن المتفق عليه بين اللاعبين والمؤثرين الصغار منهم والكبار أكثر من المختلف عليه، وفي الأخير لا يريدون للثورة أن تحقق كل أهدافها..
وهل جلبوا كل مرتزقة العالم تقريبا لمواجهة الثوار على الأرض، ليسمحوا للثوار بإعادة بناء سوريا جديدة بعد التخلص من بقايا الحكم القديم؟ وهل سلحهم "الحلفاء" ليطلقوا أيديهم ويكملوا ثورتهم إلى منتهاها؟
قد تكون قوة الثوار في القتال وبأسهم وقدرتهم على الصمود والتصدي أكبر من قدرتهم على استيعاب وإدراك حقيقة الصراع وأبعاده، وهنا المعضلة.
فكما تتهيأ للعدو وتضع الخطط القتالية، فتسلح بالوعي والنضج والمعرفة والإدراك العميق الملم للتعامل بقدر مع "الحليف" بعيدا عن منطق المقايضة والابتزاز والتطابق والتماثل.
أدرك أن المعادلة ليست بالبساطة التي تُصاغ بها لكن هذا هو التحدي، حتى لا ينهوا ثورتهم الرائعة العظيمة بالحفاظ على ما تبقى من جيش الأسد ونظامه؟
نعم السلاح المضاد للدروس والطيران والدبابات هذا مطلب ملح، وقد وصل بعضه وربما ستسلم شحنات أخرى قريبا، بضوء أخضر أمريكي، لكن ماذا بعده؟
لو أن بوتين وجه صواريخه من أول يوم في حربه على الثورة السورية ضد مواقع "داعش في سوريا لما فزع "الحلفاء" وانتابهم القلق كما تبدو ملامحه اليوم.
فليست الفزعة بسبب غزو الروس ولكن في انكشاف بعض مخططات موسكو وخصوصا ما تعلق بسحب البساط من تحت "الحلفاء" وتمكين الأسد من سحق المعارضة "المعتدلة".
اختلطت الأوراق بمخططات الروس العسكرية في سوريا وارتبك "الحلفاء" وزاد الطلب والإلحاح على الأسلحة النوعية المضادة للطيران. فالقصف الكثيف الهائل يساعد كثيرا على التقدم الميداني، وهو ما تراهن عليه أمريكا في العراق والروس في سوريا.
لكن الحذر من التحول إلى رهائن وأدوات ووكلاء لمن يسلح ويمول، والحذر من الاكتفاء بنصف ثورة والحذر كل الحذر من التسوية القادمة.
وأذكركم بالتسوية المذلة للممثلين السياسيين للثورة الجزائرية، وهي من أكبر الثورات في القرن العشرين، مع المحتل الفرنسي والمعروفة بـ"اتفاقية إيفيان" بسويسرا وحجم تنازلاتهم بعد 132 من الاستعمار.
ليحكم الجزائر بعد هذه التسوية المذلة حزب فرنسا وضباطهم بغطاء من الرئيس الراحل هواري بومدين، وكانت هذه خطيئته الكبرى التي قصمت ظهر البلد
لم يدمج بومدين ضباط فرنسا، وهم ضباط جزائريون التحقوا بالجيش الفرنسي وقبيل الاستقلال التحقوا بالثورة، دعما لفرنسا وتمكينا لها..
وإنما رغبة في الاستفادة من خبراتهم ومؤهلاتهم، فانقضوا على الحكم بعده، وكانت سذاجة منه وقلة نظر رغم دهائه وعقله، ومن اعترض عليه حاكمه وأعدمه
ومكنت هذه التسوية من أن يحكم "حزب فرنسا" الجزائر بعد أن تمكنوا تدريجيا وتغلغلوا لينقضوا على الحكم بعد انقلابهم العسكري في بداية التسعينيات.
فأول السقوط تسوية مذلة ونصف ثورة. فلا إيران ولا "داعش" والروس يبررون الوثوق بـ"الحلفاء"، بما هو أقرب إلى السذاجة، ولا تمرير تسوية مذلة والتحكم في مسارات الثورة ونهاياتها.
العصر
بكر صدقي
كاظم البرجس
رائد جبر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة