مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 2897
شـــــارك المادة
اشتعل العالم الثوري الافتراضي خلال اليومين الماضيين بجدل غير مسبوق بعد إعلان جيش الفتح عن معركة حماة القادمة، واحتدم النقاش بين "نعم" و"لا"، وصولاً إلى درجة من الإسفاف لم يكن متوقَّعاً صدرُوها عن بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى فصائل ذات شأن.
أما أنا فلم أجد مشكلة في الجواب، إنما وجدت المشكلة في السؤال نفسه. وهل يجوز أن يجادل أهلُ الثورة في تحرير حماة؟ ولماذا ثُرْنا على النظام إن لم يكن من أجل تحرير سوريا كلها من عصابة الاحتلال الأسدي الطائفي؟ بالطبع يجب أن نتوجه إلى حماة وأن نحرر حماة وغير حماة حتى لا يبقى في سوريا شبرٌ ملوَّث بالاحتلال.
ولكنْ متى؟ وأيُّ المناطق أَوْلى بالتقديم وأيُّها أَوْلى بالتأخير؟ هذا هو السؤال الذي كان ينبغي أن نبحثه بهدوء بعيداً عن الانفعالات الصاخبة، المؤيدة منها والمعارضة للتوجه الفوري إلى حماة.
* * *
قبل أشهر أعلنَتْ غرفةُ عمليات جيش الفتح عن نيّة تحرير إدلب، فتساءل كثيرون، كثيرون جداً: لماذا إدلب؟ أليس تحرير الساحل أولى وأجدى؟ قال الإخوة في جيش الفتح: بالطبع سنذهب إلى الساحل. الساحل هدفنا، لكنْ لا بدّ من تأمين ظهرنا أولاً، فلو وجَّهْنا حملتنا إلى الساحل وجسرُ الشغور وإدلب في يد العدو فسوف يهاجمنا من وراء فتَفشل الحملة.
قلنا: نعم، هذا صحيح، أنتم أعلم بمعركتكم. ثم بارك الله في اجتماع الفصائل ووَحدة الكلمة ففتح عليها إدلب وجسر الشغور، فقلنا: آنَ أوانُ الاتجاه إلى الساحل. وانتظرنا، وطال الانتظار، ثم إذا بنا نُفاجَأ أخيراً بإعلان الاتجاه إلى حماة. وهنا نكرر السؤال القديم: وماذا عن الساحل؟
لكنّا ندرك أن الميزان العسكري اليوم ليس كما كان قبل ستة أشهر، فقد تدهورت الأوضاع الميدانية في حلب خلال الأيام الأخيرة بحيث صارت حلب هي الأولوية القصوى للثورة في الوقت الراهن. وإذن فإننا نقول لإخواننا في جيش الفتح: لا حماة ولا الساحل؛ أنقذوا حلب أولاً. إنّ حلب تتعرض -مدينةً وريفاً- لهجوم غير مسبوق يشترك فيه تحالف خماسي خبيث شرير: النظام وداعش وواحش وروسيا وإيران، فأنقذوا حلب قبل فوات الأوان، أنقذوها أولاً ثم فكروا بالخطوات اللاحقة.
ملاحظة: "واحش" مصطلح أقترحُ استعمالَه لوصف "وحدات الحماية الشعبية الكردية"، تجنّباً لاستعمال كلمة "الأكراد" بعمومها، فلا يجوز أن نعمّم الإجرام الذي تمارسه واحش على الكرد كلهم وفيهم كثيرون، كثيرون جداً، من الصالحين الذين يعارضون إجرام تلك المليشيات القذرة، بل إنهم ضحايا لها كما أننا نحن أنفسنا ضحايا لداعش، قتل الله واحش وداعش أجمعين.
القضية المهمة -إذن- ليست في صواب وخطأ التوجه إلى حماة، بل في صواب وخطأ التوقيت وترتيب الأولويات. وعندي أن حماة تأتي في مرتبة خامسة بعد أربع أولويات على رأسها حلب، فإنها اليومَ أولويةٌ مطلقة، مطلقة بمعنى أنها غير قابلة للمساومة والمقارنة بغيرها، فهي على حافة الهاوية وتوشك أن تسقط جميعاً مدينة وريفاً لا قدّر الله، ولو سقطت فسوف تتمدد عصابات واحش من كوباني إلى عفرين وتصبح حكومة روج آفا أمراً واقعاً. وهذه لن تكون هزيمة عسكرية محدودة، وإنما هي تغيير في جغرافية سوريا لن يَسْهل عكسُه على المدى المنظور.
الأولويات التي تأتي بعد حلب (برأيي المتواضع) هي الرقة، ثم البادية وصولاً إلى ريف حمص الشرقي، ثم الساحل، وبعدها تأتي حماة.
لو اتبعنا هذا الترتيب فسوف ننجح في غزو العدوّ في عقر داره بعد أن نطهّر الشرق من العدو الآخَر الذي لا يقل عنه شراً وفجوراً، داعش، وعندها سننطلق إلى معركتنا الكبرى وظهرُنا آمن، وسوف تنهار جبهات النظام تلقائياً عندما يسقط خزّانه البشري الأكبر في أيدي الثوار، وسوف يَقْصُر الطريق وتنحصر المعركة النهائية في العاصمة وما حولها، وهي المعركة الكبرى التي ستحدد مصير سوريا ذات يوم آت.
السؤال ليس: هل نتوجه إلى حماة أو لا نفعل؟ السؤال هو: هل من المصلحة أن ننشغل بحماة ونستهلك الجزء الأكبر من قوتنا الثورية فيها ونترك حلب المعرضة للسقوط؟ ونترك مستودع الشبّيحة وخزّان العدو البشري في الساحل؟ ونترك الرقة والبادية اللتين ما تزال داعش تغزونا منهما، فتقضم انتصاراتنا وتستولي بلا تعب على الأراضي التي نبذل في تحريرها كرائم الأنفس والتضحيات؟ هذا هو السؤال.
الزلزال السوري
خالد عبد العزيز الباتلي
عبد الله ناصر العتيبي
محمد حسن العلي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة