مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3108
شـــــارك المادة
من الكتب التي كنت مُغرماً بقراءتها في شبابي كتب التاريخ العسكري. ومَن قرأ أخبار المعارك الكبرى وجد استراتيجيات عسكريةً متكررة استخدمَها كثيرٌ من القادة الكبار على مَرّ التاريخ، من الأيام الغابرة التي كانت أعنفُ معاركها هي معارك الخيّالة، إلى أيامنا الحاضرة التي صارت أعظمُ المعارك وأكثرُها جلالاً هي معارك الدروع.
ما استقرّ في ذهني من صور تلك المعارك الكثيرة يدفعني إلى الظن بأن العملية العسكرية الواسعة التي شنها العدو في حماة قبل يومين ليست هي الهجوم الرئيسي، بل هي مجرد هجوم أوّلي اختباري، هدفه ليس السيطرة على الأرض، وإنما الهدف هو "استكشاف خطّ الجبهة" بحثاً عن ثغرات هَشّة سيستفيد منها الهجومُ الرئيسي الذي ينبغي توقّعه خلال أيام.
مما يدعم هذا التفسيرَ أن الهجوم السابق كان على خط جبهة عريض جداً يمتد عدة كيلومترات، خلافاً للنسق المألوف في معارك النظام التي كانت تعتمد على التقدم عبر محور واحد. أيضاً أسقط مجاهدونا طائرة استطلاع روسية كانت تحوم في سماء المنطقة، مما يعني أن العدو كان مهتماً برصد ودراسة جغرافية المعركة وطبيعة الأرض عن طريق التصوير ثم الدراسة والتحليل، وهو أمر أتوقع أن يكون قد شغلَ غرفة عمليات العدو منذ نهاية الهجوم الأول وحتى هذه الساعة. أخيراً أشارت بعض التقارير الصادرة عن مراكز عسكرية غربية أن القوات الروسية التي وطئت الأرض السورية مؤخراً تتضمن "وحدات مُجَوقلة"، وهو مصطلح عسكري يشير إلى القوات المنقولة جواً، وتتكون عادة من وحدات صغيرة خفيفة التسليح يتم انزالها بالمظلات خلف الخطوط القتال.
هذه الإشارات كلها تدل على أن الخطة العسكرية التي وضعها قادة العدو تعتمد على فتح ثغرات على جناحَي الجبهة، ثم اختراق خطوطنا الدفاعية والقيام بحركة التفافية بمساعدة قوات مجوقلة قد يتم إنزالها بالمظلات وراء الخطوط، ولو أن هذا حصل فسوف تقع قواتنا في حصار محكم وتتعرض لنيران مكثفة قد توقع فيها خسائر جسيمة لا قدّر الله.
من الحلول المقترَحة تثبيت خط دفاعي خلفي عريض وراء خطوط التماس بعدة كيلومترات، وينبغي أن يكون خطاً ثابتاً لا يتحرك ولا يشارك بالهجوم مهما تكن المغريات، وهو يشبه "كتيبة الرماة" التي ثبّتها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد لمنع التفاف جيش الكفار على الجيش المسلم، فلما خالفت عن أمره وتحركت من الموقع الذي طولبت بعدم مغادرته كُشِفَ ظهرُ المسلمين وكانت الكارثة.
الحل الآخر يقتضي تفعيل "المراصد" وزيادة عددها وتثبيتها في النقاط التي يُتوقَّع تسلل العدو منها، ولا سيما جناحَي خط الجبهة.
الحل الثالث هو اتباع حيلة عسكرية طبّقها القادة العسكريون آلافَ المرات على مدار التاريخ، وهي "اصطناع" ثغرة وهمية، بمعنى الإيحاء للعدو بضعف خطوطنا الدفاعية في إحدى نقاط الجبهة، واستدراجه للدخول عبرها عن طريق تسهيل تسلل بعض قواته منها، فإذا نجح في دفع رأس حربة بأمان فسوف يغريه ذلك بدفع قوات كبيرة وراءها على أمل إحداث اختراق حقيقي في دفاعاتنا، وسوف تكون قواتنا مستعدة لإطباق الكمين على القوات المهاجمة في اللحظة المناسبة وتدمير جزء كبير منها بأمر الله.
حمى الله مجاهدينا من بأس وكيد الروس والفرس ونظام الأسد، ونصرَهم على هذا التحالف الخبيث نصراً مؤزراً عاجلاً غير آجل تامّاً غير منقوص بإذن الله القوي القدير.
الزلزال السوري
عمر عبد المجيد البيانوني
عصام العطار
عبد الرحمن عبد الله الجميلي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة