..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مفرمة الثورة

حسان الحموي

١٣ إبريل ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3681

مفرمة الثورة
معركة الساحل00.jpg

شـــــارك المادة

حوار حول الثقافة المتولدة عن ثورات الربيع العربي
الصراع الدامي الذي فرضه واقع الربيع العربي بين أقطاب السلطة وأقطاب الحرية تصاعد في الفترة الاخيرة حتى وصل إلى حد لا تستطيع أعراف وقوانين البث الإعلامي مواكبته.
وأعتقد أن كمية الدماء المسالة سوف تفرض أجندتها على الواقع المعاش شاء من شاء وأبى من أبى.

 


وما يخشاه المواطن البسيط هو ضياع بوصلته التي خرج مسترشدا بها يطالب بأبسط حقوقه؛ في الوقت الذي تفاقمت مأساته حتى ضاعت فيها جميع أحلامه؛ وتاه هو ما بين الفعل وردة الفعل بعد ما حرمته مفرمة الثورة أبسط مقومات معيشته.
وتحول كثير من مناصري الحرية ومناصري السلطة إلى وحوش بربرية تعمل ضمن غريزة الانتقام، بعدما تطعمت بجرعات القتل والدماء المتصاعد، حتى أصبحنا نرى رؤوس تنشر في الشوارع وأجسادا تسحل في الطرقات؛ ومجازر ترتكب بحق أطفال لم يعلموا لماذا وكيف أصبحوا أداة انتقام.
بغض النظر على من فرض هذه السياسة فهذا الكم من العنف لا يمكن إيقافه باستخدام كل جيوش الأنظمة العسكرية لأن التغيير حدث على مستوى الوعي الجمعي وترك اثره على البنية المجتمعية.
وأصبحت تصرفاتهم الاعتيادية مطابقة لتفسيرهم للآية الكريمة: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم) (4 -محمد).
بعدما صدرت فتاوى التكفير ليس للطغمة الحاكمة فقط وإنما فيما بينهم أيضا.
المؤسف أنه في ظل المعادلات الإقليمية والدولية الجديدة الكل يعلم أنه من غير الممكن سحق القوى المتقاتلة، أو القضاء على الطغمة الحاكمة، لأن جميع الأطراف الداعمة سواء لهذا الفريق أو ذاك لن تتخلى بسهولة عن أهدافها المعلنة أو المستترة، وستستمر في دعم حليفها خوفا على ضياع مصالحها الأيديولوجية والسياسية.
الحراك الثوري سيستمر؛ لكن المعاناة سوف تطول؛ والعمل العسكري ضد هذا الحراك هو عبارة عن مكابح منتصف الطريق ولن تشكل النهاية.
والمهم في نهاية الطريق أن تنتزع القوى الثورية نظام حكم يستجيب لمتطلبات المرحلة، يتضمن إشراك الجميع في صنع مستقبلهم السياسي والاقتصادي والثقافي وهذا المطلب هو مطلب وجودي للشعوب.
ربما المواجهات الدموية الحالية هي نتاج الكبت الطويل والرفض المطلق للعودة الى نظام الاستبداد؛ مهما كانت الأثمان، ولن تتمكن هذه الطغمة الحاكمة ومن يساندها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
لكن المطلوب اليوم أن لا تفقد الثورة البعد الأخلاقي؛ وأن لا يتغلب التطرف الديني على العمل الثوري، وهذه مهمة الشريحة المثقفة من السوريين من جميع الطوائف والملل.
نحن ندرك أن الثورة افقدتنا نخبة واسعة من خيرة الشباب، لكننا ندرك في المقابل أنها أزالت عنا شريحة واسعة من شرذمة الطغمة الحاكمة.
وبالتالي أصبح من أولويات العمل الثوري التوجه نحو النشء الجديد من جيل الثورة واستيعابه ضمن تشكيلات المجتمع المدني ذات الاهتمامات الثقافية والتعليمية والأخلاقية والخدمية والجمعيات الاحترافية والتنظيمية لتأمين ولادة طبيعية للدولة الجديدة تكون قادرة على القيام بالأعباء الكثيرة التي تنتظرها.
وعدم الاعتماد كليا على مبادرات سلطة أو معارضة أو مجتمع دولي.
من المؤكد أن الطغمة الحاكمة إلى زوال، لأنها لم تعد تمتلك مقومات القمع والبطش السياسي والاقتصادي والأمني، إضافة إلى أن الثورة استهلكت فائض القوة لدى هذه الطغمة؛ واستنفذت فائض المال التي تملكه الدول الداعمة؛ والتي استخدمته في العقود الماضية لتكريس سيطرت هذه العصابات على الشعوب.
وكما قال الدكتور علي صافي: الحرية قادمة، شاء من شاء وأبى من أبى.
والسؤال المهم: هل سيتمكن المثقفين والناشطين من تنظيم فضاء الحرية المتولد وفرض وجودهم على المؤسسات السلطوية، أم أن المنطقة العربية مقبلة على فترة من الفوضى والتجاذبات؟ قبل أن يتحقق ذلك.
وجواب ذلك أننا اليوم نعيش حالة الفوضى والتجاذب ربما تطول او تقصر ويجب العمل على تقصير مدتها، أما مشيئة الله فهي في قوله تعالى: (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال) (17-الرعد)

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع