..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هل ستعيد الحروب رسم خارطة الشرق الأوسط؟

فراس حسن

١٠ أكتوبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3817

هل ستعيد الحروب رسم خارطة الشرق الأوسط؟
الجديدة00.jpg

شـــــارك المادة

بعد أيام من تنفيذ أول غارة روسية في سورية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" أعلنت دول من ائتلاف تقوده الولايات المتحدة أن الغارات الروسية في سوريا ‏ستؤدي إلى تصعيد النزاع في هذا البلد، ودعت الدولة الموقعة على البيان (وهي ‏بريطانيا وفرنسا وألمانيا وقطر والسعودية وتركيا والولايات المتحدة) موسكو إلى ‏التوقف فوراً عن استهداف مقاتلي المعارضة السورية.‏

فقد أفاد بيان هذه الدول المنشور على موقع وزارة الخارجية الاميركية أن "هذه ‏الأعمال العسكرية ستؤدي إلى تصعيد أكبر وستزيد من التطرف والأصولية"‏.

من جهة أخرى، على بعد بضعة آلاف الكيلومترات، أطلق الناطق باسم جماعة ‏الحوثي محمد عبد السلام في بيان عبر موقعه على الفيسبوك تهديداً بإشعال ‏مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يربط بين البحر الأحمر‎ ‎والمحيط الهندي ‏عند خليج عدن‎.‎‏ محملاً المسؤولية لقوات التحالف بقيادة السعودية التي تحارب ‏جماعة الحوثي وحلفائه ومن بينهم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.‏

فالتوتر يتصاعد في المنطقة بين روسيا وحلفائها (إيران، والحوثيون والنظام ‏السوري)، والغرب (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا) وحلفاء الغرب في ‏المنطقة، أي تركيا والسعودية وقطر رغم الخلافات بين البلدين الأخيرين المتعلقة ‏خصوصاً بمصر والإخوان المسلمين والموقف منهما.‏

يذهب الواقع السوري بالذاكرة اليوم، بتجاذباته وتحالفاته والتوتر الذي تعكسه ‏الوقائع الميدانية إلى أحد المفاصل الهامة في تاريخ العلاقات خصوصاً فترة ‏الحرب الباردة بين الغرب وعلى رأسه واشنطن، وموسكو في الفترة السوفييتية ‏وهي أفغانستان، عندما قام الروس بدعم حكومة انقلابية موالية لهم عبر تدخل ‏عسكري، قام الأمريكيون على إثر التدخل، بدعم المجموعات الجهادية التي ‏انبثقت منها لاحقاً حركة طالبان التي انقلبت عليهم وشكلت حلفاً قوياً مع تنظيم ‏‏"القاعدة".‏

بالرغم من التشابه في التوتر بين المعسكرين في الحالتين السورية والأفغانية، إلا ‏أن المعطيات المسببة لهذا التوتر مختلفة بشكل شاسع. وتبدو نتائج الخلاف حول ‏سوريا اليوم أكثر جذرية في نتائجها وأعمق تأثيراً في الخارطة الجيوسياسية ‏للشرق الأوسط والعالم، وتشير الكثير من التحليلات والتقارير إلى أن مستقبل ‏منطقة الشرق الأوسط ذاهب إلى إعادة رسم معالم المنطقة وترتيب دولها (قد ‏تختفي بعضها وتظهر أخرى)، ما يطرح سؤالاً مؤرقاً حول صحة هذه النظريات ‏المتعلقة بإعادة تشكيل الشرق الأوسط ونشوء كيانات سياسية جديدة على حساب ‏أخرى قائمة في المنطقة، وفقاً لبعض المحليين، ومنها تفكيك سوريا إلى دويلات ‏علوية، درزية، ضم أجزاء منها في الجنوب إلى الأردن، وأخرى في الشمال إلى ‏تركيا، وإلى كردستان العراق… إلخ.‏

والسؤال حول صحة النظريات التي تقول بتفكيك سوريا، وتوزع أراضيها على ‏كيانات (إثنية، ودينية طائفية) يحيل إلى سؤال آخر، يتعلق بالمخاض "الخريطة ‏السياسية الجديدة" تتضمن بعض الأجوبة عليه إشارات إلى احتمال أن تمر ‏المنطقة في مخاضها هذا بمجموعة من الحروب بالوكالة، قد تقتصر على سوريا ‏والعراق كما هو الوضع حالياً، أو تتسع لتشمل لبنان وربما الأردن، وفي حال ‏ذهبت الأمور في هذا الاحتمال، ستلعب إسرائيل دوراً أساسياً في هذه الحروب.‏

طبعاً، دون إهمال أثر الحالة اليمنية التي قد تشهد تحولات درامية، خصوصاً إذا ‏أخذنا بعين الاعتبار التهديدات الحوثية المتعلقة بمضيق المندب وما يترتب ‏على محاولتهم السيطرة على المضيق، وتمكنهم من تهديد أمن المضيق لفترة طويلة ‏لحد ما.‏

بالإضافة إلى كل ما سبق، لا بد من الأخذ بانعكاسات هذا التوتر بين المعسكرين ‏‏(روسيا والغرب) على الحالة ليبيا، والدور المصري في شمال إفريقيا الذي ‏تمارسه حالياً والمشرح للتصاعد.‏

فبحسب المعطيات المتوفرة، قد تكون منطقة الشرق الأوسط خلال عملية التحول ‏الجذرية التي انطلقت كربيع عربي، ولكنها تحولت ـ على المدى القصير ـ إلى حالة من الاضطراب السياسي والأمني والاقتصادي، مفتوحة على احتمالات ‏خطيرة ذات تبعات جذرية.‏
 

 

راديو مونت كارلو

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع