أحمد موفق زيدان
تصدير المادة
المشاهدات : 3066
شـــــارك المادة
الخطر الأحمر الذي حشد له العالم العربي كله، علماء وحكومات، إعلاماً وساسة، عسكريين واجتماعيين، فالكل كان يتحدث عن الخطر الأحمر المُحدق بالخليج، وبالعرب عامة، يومها لم يُعلن هذا الخطر الأحمر وهو في عزّ قوته وصولجانه أنه يهدد العالم العربي ونفطه وكعبته وحرمه، ولم يُوسع دائرة اشتباكاته أبعد من أفغانستان، بينما الخطر الصفوي اليوم الذي لا يُقارن بجبروت السوفييت آنئذ يُوسع معركته العدمية على امتداد رقعة العالم الإسلامي فقط، ساعياً إلى فكّ اشتباك وهمي خداعي تضليلي مع الغرب وإسرائيل، أراده في وقت من الأوقات من أجل شحن بطارية تضليله للأمة، فضحك على الكثير منّا، وما قتله من الصهاينة في مسرحيات كنت أعتقد بها منذ اللحظة الأولى لم يتعدّ العشرات، وعوّضه لاحقاً بأكثر من مليون ونصف المليون عراقي وسوري ويمني، مع تدمير بلاد كانت حواضر لحضارات عالمية، والقادم قد يكون أدهى وأمرّ. الخطر الصفوي لم يعد عسكرياً ولم يعد محدوداً جغرافياً فهو في سوريا يستغل الطائفة العلوية، وفي العراق وباكستان وأفغانستان والخليج الطائفة الشيعية، وفي اليمن الحوثيين، ومن لم يحن من البلدان وقت تخريبه وتدميره يتم استغلاله كبقرة حلوب، فيُحلب خزانه البشري الطائفي ويُشحن إلى مناطق أخرى ليشارك بمجهوده التخريبي والتدميري، وبمشاركته هذه يثبت ولاءه لقم وطهران، ويقطع صلاته مع دولته الوطنية التي أثبت أنه لا يربطه بها إلا ورقة جنسية لا علاقة لها بولاء أو محبة، فطهران بالنسبة له هي كـ «تل أبيب» لليهود. هل طهران جريندايزر حتى تُعلن كل هذه المرامي والأهداف علناً ودون مواربة وهي التي يقوم دينها على التقية والسرداب والتخفي والتواري وعدم إظهار الحقائق، أم إن العالم الغربي كله يدعمها وبقوة من أجل تفكيك المفكك وتدمير المدمر، فتعاونهما وتنسيقهما في أفغانستان والعراق خلال السنوات الماضية لم يكن كافياً للعالم العربي وتركيا كي يقرع ناقوس الخطر، فظل حسن الظن الأبله هو السائد، وظلت سياسة إبقاء الأوساخ تحت السجادة هي السلوك كونها أسهل من تبعات الاعتراف المُكلف بالحقائق المرة، فعالمنا استمرأ ترحيل المشاكل وليدفع غيره الثمن ما دام لا حسيب ولا رقيب على فعله هذا.
بالعودة إلى التجربة الأفغانية التي عشتها ساعة بساعة على امتداد سنوات طويلة، فإن العالم العربي والخليجي تحديداً فتح كل أبوابه ونوافذه من أجل إبعاد الخطر الشيوعي بينما الخطر الصفوي اليوم داهمٌ ليس على الحدود كما كان بالأمس في أفغانستان وإنما وصل إلى عظم تلك الدول، والطابور الخامس لم يعد خامساً فقد أعلن عن نفسه أنه طابور أول وانغماسيون واقتحاميون كما ظهر أخيراً في الكويت وغيرها، وتلعب المليشيات الطائفية في لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان طليعة التخريب الطائفي الصفوي في الشام، ومع كل هذا فإن العرب لا يزالون يتعاملون مع الشام بأقل من مئة درجة أو أكثر ربما مما تعاملوا به مع القضية الأفغانية. فتحت الدول العربية الأبواب لدخول علماء الإسلام وقادة الحركات الإسلامية للتعريف بالجهاد الأفغاني والدعوة إليه، وبرز دعمها ومساندتها في كل المناحي عسكرياً وسياسياً وإعلامياً ودعوياً، ووصل الأمر إلى حسومات على تذاكر السفر لتصل قيمة التذكرة إلى ربعها لمن يريد الوصول إلى أرض الجهاد، فضلاً عن حشد إعلامي عربي غير مسبوق لقضية غير عربية، بينما نرى اليوم كل أنواع التشكيك بالجهاد الشامي على صفحات بعض الإعلام العربي الرسمي الذي كان يُمجد بالأمس الجهاد الأفغاني، بل كان من المحرمات تماماً أن تجد من يشكك بالجهاد والمجاهدين، وإن وجد فهو الشاذ. تولت الحكومات العربية مسؤولية الجهاد الأفغاني مالياً على الرغم من سماحها بالتبرعات الفردية ولكن الحرب الضروس التي جرت في أفغانستان وتجري على أرض الشام اليوم بأضعاف مضاعفة لا تقوى جهود أفراد على تمويله، وبالتالي لا بد من ضخ أموال رهيبة من أجل إبقاء المعركة إن لم يكن من أجل الشام فلتكن من أجل ألا تصل النار إلى قوائم كراسي الحكم في العالم العربي وما بعده، وتأتي بعض الحكومات لتلاحق بعض أهل الخير الذين يجمعون فتات أموال الأمة لدعم الجهاد الشامي، بينما أموال الخمس الشيعي الذاهب إلى قم والضاحية الجنوبية والقرداحة لا حسيب ولا رقيب عليها. أمن الشعب الأفغاني على نفسه في ديار الهجرة وقد وصل بهم الأمر إلى أنهم رفضوا حتى العودة إلى أفغانستان بعد سقوط النظام الشيوعي بسبب الحفاوة التي لقوها في باكستان وبدعم المنظمات الإغاثية الخليجية، بينما أهل الشام تتقطع بهم السبل على حدود اليونان ومقدونيا وأوروبا وكل بقاع الأرض، فمن لم يُقتل بالكيماوي تلقفته البراميل المتفجرة ومن نجا من الأخيرة وفرّ بجلده إلى الحدود افترسه بحر أو محيط، ومن تمكن من الوصول إلى الغرب أرسل الرسائل ينصح من وراءه ألا يقدموا على فعله فدينه وأولاده وقيمه في خطر. أخيراً وهو الأهم وزبدة الحديث كله فرضت باكستان وبدعم عربي الاعتراف بسبعة أحزاب أفغانية وأرغمت العالم كله على التعامل معها فكانت تمثل العمل العسكري والسياسي والإعلامي و... و... و... و...، وهو ما أرغم العالم على التعامل معها من خلال البوابة الباكستانية المدركة لقوة كل حزب على الأرض وحجمه ووزنه، وهو ما وفّر الكثير على الشعب الأفغاني، بينما نرى اليوم عكس ذلك، فمن يلوم المعارضة السورية عسكرية أو سياسية على عدم وحدتها عليه أن يعلم أنه لولا الضغط الخارجي لما كان هناك منظمة تحرير فلسطينية ممثلاً وحيداً في فترة من الفترات الفلسطينية، ولا كان هناك المجلس الوطني الليبي، ولا كان هناك أحزابٌ أفغانية سبعة فقط، وبالتالي من يتحمل المسؤولية هو الخارج أيضاً الساعي إلى تمزيق الممزق بالشام، وإن كنت ممن يؤمنون بنظرية «قل هو من عند أنفسكم» ولكن هذا لا يمنع من توزيع المسؤولية.
العرب القطرية
مجاهد مأمون ديرانية
ماهر علوش
زهير سالم
عامر البوسلامة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة