أسامة عجاج
تصدير المادة
المشاهدات : 3009
شـــــارك المادة
لم يعد خافياً على أحد، أن هناك تمايزاً -وليس أزمة- في المواقف السياسية، لكل من العاصمة السعودية الرياض، والمصرية القاهرة، حول عدد من الملفات العربية والإقليمية، خاصة الوضع في سوريا والأزمة اليمنية.
ودعونا نتفق منذ البداية، أنني حرصت على اختيار التوصيف الصحيح للوضع، والذي لم يصل إلى أزمة في العلاقات بين البلدين، وهناك حرص مشترك من كل منهما، على الإبقاء على ذلك المستوى، الذي عبر عنه كل من الوزيرين السعودي عادل الجبير، والمصري سامح شكري عند لقائهما في القاهرة منذ أقل من أسبوعين، فالمشترك بين البلدين، في العديد من القضايا أكبر، ويمنع أيا منهما من السماح بتدهور تلك العلاقات الاستراتيجية، خاصة بعد المشاركة المصرية في عملية عاصفة الحزم، وحرص القاهرة على الإبقاء على الدعم السياسي والاقتصادي السعودي عند مستواه، يضاف إلى ذلك رغبة الرياض، في اصطفاف القاهرة ضمن تحالف يرفض أي تدخل خارجي في شؤون المنطقة العربية، والمقصود هنا بالطبع هو التمدد الإيراني، وخطره الذي لم يعد خافيا على أحد، ويومها تحدث الجبير بأن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تدخلات إيران في المنطقة، بينما تحدث شكري عن أن القاهرة، ترفض أي نوع من محاولات النفاذ أو فرض النفوذ على الأمة العربية، وأن مصر ستواجه ذلك بكل حزم في إطار دفاعها عن الأمن القومي العربي. وقد كشفت الأيام الماضية، عن وجه من وجوه التمايز في المواقف، عندما استضافت القاهرة مؤتمرها الثاني للمعارضة السورية، رغم أن الرياض قد أعلنت عن استضافة مؤتمر آخر للمعارضة خلال الأسابيع القادمة، يتم التجهيز له بشكل مكثف، لضمان أن يمثل نقلة نوعية في عمل المعارضة، تتوازى مع النجاحات التي حققتها على الصعيد العسكري، في الشهرين الماضيين، وكان من المنطقي أن يكون هناك تنسيق بين البلدين في هذا الخصوص، وتوحيد الجهود، والاكتفاء بمؤتمر واحد، برؤية مشتركة، ويبدو أن القاهرة كانت في عجلة من أمرها، لضمان استمرار دور لها في الأزمة السورية، بعد أن أثمر تنسيق المواقف بين كل من الرياض والدوحة وأنقرة في الأشهر الأخيرة، على المستويين السياسي والعسكري، النجاح في توحيد صفوف الفصائل، التي تعمل على الأرض في مواجهة النظام، تحت مسمى «جيش الفتح» الذي انضوى تحته 18 فصيلا، أبرزها الجيش السوري الحر، وجبهة النصرة، ونجحت في تعويض خسائرها في العام الماضي، وتمكنت من السيطرة على عدد من المناطق والنقط الاستراتيجية، مثل مدينة درعا جنوبا، وأجزاء من حلب شمالا، ووصولا إلى إدلب وجسر الشغور. ولعل التمايز في الموقفين المصري والسعودي تجاه الأزمة السورية، يدور حول ملفين في غاية الأهمية، وهما: أولاً: الموقف من الائتلاف السوري: فهناك تحفظات مصرية تجاه الائتلاف، على خلفية وجود قيادته في تركيا، والتي تعتبر من الداعمين الرئيسيين له، وتنسى القاهرة أن هناك ارتباطا بحكم الجغرافيا وتأثيرا متبادلا على البلدين بحكم الجوار، من أي تطورات سياسية بهما على الآخر، كما تنسى أيضاً أن الائتلاف معترف به من أكثر من مائة دولة من دول العالم، كما سمح له بتولي مقعد سوريا في قمة الدوحة العربية مارس 2012، وإلقاء كلمة لرئيسه أمام قمة الكويت في مارس من العام التالي، ولم يتم توجيه دعوة له، عندما استضافت مصر القمة في شرم الشيخ في مارس من العام الحالي، ولهذا لم توجه القاهرة الدعوة إلى الائتلاف لحضور اجتماع المعارضة الأخير، واستعاضت عن ذلك بتقديم دعوات لبعض المحسوبين على الائتلاف بصفتهم الشخصية، وليسوا كأعضاء فيه، مثل أحمد الجربا رئيس الائتلاف السابق، وقد أكد الائتلاف على أن تحفظه على مؤتمر القاهرة ناتج عن قناعة بأنه لن يضيف شيئا، أو يقدم أي جديد، بعد أن أصبحت الكرة في ملعب القوى الدولية، والمطالبة بتوافق يسعى إلى الحل ويرتكز على بيان مؤمر جنيف-1، ويبدو أن القاهرة أكثر قربا في موقفها من الأزمة، من هيئة التنسيق بزعامة حسن عبدالعظيم المنسق العام للهيئة، ولعل جزءا من تحفظ القاهرة على الائتلاف، يعود إلى مشاركة الإخوان المسلمين كتيار سياسي، ومكون من مكوناته، دون أن تدرك القاهرة قصور نظرتها، وتأثيرات أزمتها الداخلية مع جماعة الإخوان المسلمين، ومحاولة استنساخ ذلك المنهج تجاه كل أزمات المنطقة، وفي العديد من الدول، التي بها أحزاب أو جماعات مهمة تنتمي إلى الإخوان، سواء في سوريا أو اليمن أو في دول أخرى، ما سيؤثر بالضرورة في المستقبل المنظور، على أي دور تسعى القاهرة للعبه في إطار الإقليم؛ ولهذا سعت القاهرة من خلال مؤتمر المعارضة الأخير، إلى التخطيط إلى الخروج بتنظيم جديد للمعارضة، يتجاوز الائتلاف إلى ما يسمى «تنظيم الوحدة الوطنية السورية» ولعلنا نشير هنا إلى أن الرياض، ومن خلال الزيارة التي قام بها عادل الجبير إلى القاهرة، استطاع تغيير مسار التوجه المصري بهذا الخصوص تماما، وخلال مؤتمر المعارضة لم يتم الإعلان عن تنظيمات جديدة. ثانياً: دور بشار الأسد في التسوية: ويبقى الوضع بالنسبة لتلك القضية على حاله، القاهرة لم تغير موقفها، والرياض ومعها دول عديدة ترفض لاعتبارات عديدة، أي دور لبشار الأسد في التسوية السياسية، بعد فقد شرعيته منذ الأسابيع الأولى، وبعد أن تحولت الأزمة السورية إلى مأساة إنسانية بكل المقاييس، وفقا لكل التقارير الدولية، والتي تتحدث عن مئات الآلاف من الشهداء، وملايين المصابين والسجناء، وتعتبر ويوافقها في ذلك الائتلاف السوري، بأن غاية العملية السياسية، هي تغيير النظام الحالي بشكل جذري وشامل، بما فيه رئيسه ورموزه، بينما تسير القاهرة في الاتجاه المعاكس تماما، وقالها الرئيس عبدالفتاح السيسي «إن الأسد سيكون جزءا من عملية التفاوض، في حال إجراء حوار بين النظام والمعارضة»، بينما وزيره سامح شكري يقدم رؤية مختلفة، وإن كانت تتسم بالهلامية، ويغيب عنها الوضوح، وتحاول التمايز بين الدولة السورية وبين بشار الأسد، وقد قالها سامح شكري في أحد تصريحاته: «شخص الرئيس بشار شيء، ومؤسسات الدولة شيء آخر، وبقاء شخص بعينه في السلطة مسألة تعني الشعب السوري، وما يعنينا وما يهمنا بقاء مؤسسات الدولة الحقيقية».
وكأن بقاء الأسد هو ضمان لاستمرار المؤسسات. والغريب أن القاهرة لم تحقق أي أهداف من المؤتمر، وإن كانت تسعى ليكون لها دور ما عند بداية البحث عن تسوية، بما يتوافق مع مصالحها، فقد خرج المؤتمر في نهاية الأمر بخارطة طريق سياسية، وميثاق وطني سوري، والتي تضمنت اتفاق المشاركين على استحالة الحل العسكري للأزمة، ومن جهة أخرى استحالة استمرار منظومة الحكم الحالية، التي لا مكان لها أو رئيسها في مستقبل سوريا، رغم محاولات هيئة التنسيق تمرير فكرة بقاء الأسد في مرحلة التفاوض، وهو ما رفضه كل القوى الأخرى المشاركة في الاجتماع. وبعد، علينا أن ننتظر مؤتمر الرياض، الذي يتوقع الجميع له أن يكون خطوة مهمة في التنسيق بين كل الفصائل على المستوى السياسي، بعد النجاحات العسكرية.
العرب القطرية
ماهر علوش
فيصل القاسم
سلوى الوفائي
وليد شقير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة