المسلم
تصدير المادة
المشاهدات : 3242
شـــــارك المادة
لا تزيد مرور الأيام وتعاقب الأحداث العاقل والمتابع إلا يقينا بعمق العلاقات الإيرانية "الإسرائيلية"، على الرغم من محاولاتهما التظاهر بعكس ذلك تماما، من خلال رفع الرافضة لشعارها الكاذب على مدى عقود "الموت لإسرائيل" وأسطورة محو "إسرائيل" من الخريطة، في مقابل مطالبات الصهاينة بتوجيه ضربة عسكرية استباقية لطهران.
لم تكن هذه العلاقات وليدة اليوم أو الأمس، بل هي علاقات لها تاريخ طويل لم تزده تعاقب الحكومات واختلاف الشخصيات السياسية إلا متانة ورسوخا، فمن المعلوم أن علاقة الكيان الصهيوني بإيران في عهد الشاه كانت قوية ومتينة إلى درجة كبيرة، ويكفي أن نعلم أن إيران الشاه كانت من أوائل من اعترف بالكيان الصهيوني بعد عامين فقط من إعلان قيامه 1950 م، وهو ما كان له دور في كسر عزلة الصهاينة الإقليمي والدولي حينها، ناهيك عن عمق العلاقات الأمنية ومتانتها حسبما كشفت صحيفة (يديعوت أحرنوت) في عددها الصادر الجمعة الماضي، حيث ذكرت " أنّ العلاقات الاستخباراتية بين "اسرائيل" وبين إيران في عهد الشاه كانت وثيقة ووطيدة وحميميّة للغاية، وشملت فيما شملت تعاونًا وتنسيقًا على أعلى المستويات.. "
وقد نقل مُحلل الشؤون الأمنيّة في الصحيفة "رونين بيرغمان" عن مصادر أمنيّة وسياسيّة رفيعة المستوى في تل أبيب قولها : "إنّ إيران في عهد الشاه كانت من أكثر الدول التي اشترت الأسلحة من "إسرائيل"، الأمر الذي عاد بالأرباح الطائلة على خزينتها"
ومن يريد معرفة آثار و نتائج تلك العلاقة الوطيدة حينها يستطيع الاطلاع على ما حصلت عليه "إسرائيل" من النفط الإيراني الذي كان مصدر رئيسيا لها أثناء عدوانها على الدول العربية عام 1967، وحرب أكتوبر 1973م .
ومع قوة تلك العلاقة ومتانتها، إلا أن جهاز الأمن الخارجي "الإسرائيلي الموساد" رفض في ذلك الوقت طلب رئيس حكومة الشاه بتصفية "الخميني" الذي كان في فرنسا عام 1979، وذلك قبيل ما يسمى "الثورة الإسلامية في إيران" وفق صحيفة “يديعوت أحرنوت”.
وقد كُشف عن هذا المعلومة في مؤتمر خاص عقد في معهد دراسات الأمن القومي في “تل أبيب” الجمعة بمناسبة صدور كتاب “يوسي ألفر”، أحد كبار رجال الموساد سابقًا : “دولة معزولة: البحث السري "لإسرائيل" عن دول حليفة في المنطقة.. "إسرائيل" ونظرية المحيط“.
وقال ألفر: إنه مع اتساع تظاهرات المعارضة التي دعمت الخميني ومغادرة الشاه إلى المنفى ، توجه آخر رئيس وزراء في إيران تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي - والذي فرَ إلى باريس بعد ما يسمى "الثورة الإسلامية" في إيران وبقي فيها حتى مماته - إلى رئيس بعثة الموساد في طهران "اليعيزر (جايزي) تسفرير" ونقل إليه طلبًا بسيطًا : “أن يقوم الموساد "الإسرائيلي" بقتل الخميني“.
وفي تفاصيل هذا الرفض الصهيوني يقول "ألفر" : " إنّ "تسفرير" قام بنقل طلب رئيس الوزراء الإيرانيّ إلى رئيس جهاز الموساد في ذلك الحين الجنرال المُتقاعد "يتسحاق حوفي" الذي قام بدوره بعقد اجتماع سريّ شارك فيه كبار قادة الموساد "الإسرائيليّ" .
وأضاف ألفر" الذي كان مُشاركا في الجلسة عينها قائلا : "إنّ رئيس الموساد أبلغ الحضور في الجلسة السريّة بأنّه مبدئيًا يُعارض تنفيذ الموساد عملية الاغتيال ، كما أن "ألفر" عينه فقال للمُشاركين : إنّه يجد صعوبة في المُصادقة على الطلب الإيرانيّ .
وهنا يكمن السؤال : ماذا يعني رفض الموساد - حينها – طلب حكومة الشاه بتصفية الخميني، رغم العلاقة الوطيدة والحميمة التي كانت تربط الكيان الصهيوني بإيران حينها ؟؟ والحقيقة أن الجواب لا يحتاج إلى كثير تفكير وتأمل، فلو لم تكن العلاقة التي تربط الكيان الصهيوني بالخميني - شخصيا وبحكومته لاحقا في إيران - أشد وأقوى من العلاقة التي كانت تربط الكيان الصهيوني بحكومة الشاه، لما رفض الموساد بالتأكيد ذلك الطلب، فجهاز الاستخبارات اليهودي أدرى بأعدائه، وهو يستطيع – بلا شك – التمييز بين الصديق والعدو الحقيقي.
بل يمكن الإجابة على السؤال بطريقة أخرى : لو كان "الموساد الإسرائيلي" يشعر أن فيما يقوم به الخميني - مما سُمي فيما بعد "الثورة الإسلامية" – خطرا على الكيان الصهيوني من قريب أو بعيد، لما احتاج إلى طلب أحد لاغتياله وتصفيته، خاصة وأن تاريخ "الموساد" مليء بعمليات اغتيال كل من يشكل خطرا حقيقيا على كيانه المزعوم .
إن المتابع لمؤشر العلاقات الإيرانية الصهيونية بعد ما يسمى "الثورة الإسلامية"، يتيقن أن تلك العلاقة لم تنقطع يوما، بل استمرت بعد عام 1979م بشكل أفضل مما كانت عليه قبل ذلك، ولكن بأسلوب وطريقة جديدة - تتماشى مع عقيدة التقية التي هي من صلب عقيدة ملالي طهران ومصالح الطرفين - تمثلت بمسرحية قيام طهران بقطع علاقاتها مع تل أبيب ظاهريا ، وإغلاق السفارة "الإسرائيلية" في طهران وتحوليها لتكون سفارة فلسطين في إيران شكليا، ناهيك عن رفع وتيرة التصريحات الدبلوماسية العدائية بين الطرفين إلى عنان السماء، بينما العلاقات السياسية والاقتصادية والدينية في أعلى مستوياتها .
والحقيقة أن العلاقات بين الرافضة والصهاينة بعد عام 1979م اتسمت بخصائص ثلاث هي:
1- السرية التي دمغت التعاون بينهما حتى لا يقع أي منهما في حرج .
2- الدعاية الظاهرية بالعداء المتبادل؛ حيث اشتهرت تصريحات السياسيين الإيرانيين ضد "إسرائيل" بالعداء الظاهري، بدءاً من "الخميني" وليس انتهاء "بنجاد" الذي صرّح مراراً وتكرارا بأنه ينبغي أن تلغى "إسرائيل" من خريطة العالم، فضلاً عن معاداة "إسرائيل" لطموحات إيران النووية .
3- التعاون الوثيق والتنسيق بينهما في العديد من المجالات وأهمها التعاون في مجال التسليح ، بداية من السلاح الثقيل والخفيف حتى المواد الكيماوية، وهو الأمر الذي يثبت كذب أسطورة العداء بينهما ، حيث كانت "إسرائيل" المصدر الأول للسلاح لإيران في الفترة من 1980 إلى 1985 كما يرصدها ملف (التعاون التسليحي "الإسرائيلي" الإيراني) الذي أصدرته وزارة الخارجية العراقية.
وإذا أضفنا إلى كل ما سبق عداء كل من الصهاينة و ملالي طهران لأهل السنة، ومساندتهما ودعمهما علنا وفي الخفاء لطاغية الشام، بل و حمايته من السقوط طوال الفترة الماضية، ناهيك عن توافق المصالح فيما يجري في كل من العراق واليمن وليبيا وغيرها ....فإن ذلك كاف للإجابة على سؤال : ماذا يعني رفض الموساد تصفية الخميني؟
عبد الله بجاد العتيبي
خالد حسن هنداوي
أبو عبد الله عثمان
أحمد دعدوش
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة