..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

عندما يكون الحجر أغلى من البشر

فراس الزوبعي

٢ مارس ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2887

عندما يكون الحجر أغلى من البشر
الزوبعي 00.jpeg

شـــــارك المادة

عندما غزت أمريكا العراق سنة 2003؛ كان ذلك الغزو يشبه دخول شركات المقاولات العملاقة إلى بلد ما للعمل، فهذه الشركات تدخل وبصحبتها أشخاص كثر باختصاصات متعددة ما أن يصلوا البلد حتى يباشر كل منهم عمله، وكذلك فعلت أمريكا التي اصطحبت معها الآلاف وكان من بينهم سماسرة وتجار الآثار، لم لا وقد دخلت أرضاً تعاقبت عليها حضارات عدة، ومن البديهي أن تكون لهذه الحضارات آثار كثيرة، كما إنها تعلم أن الحكومة العراقية وقتها تعتز بهذه الآثار لدرجة أنها أوصلت عقوبة الاتجار بها وتهريبها إلى الإعدام، ما يعني أنها حافظت على النسبة الأكبر منها، خصوصاً وأنها لم تكن تحتفظ بهذه الآثار في المتحف العراقي ووضعتها في خزائن البنك المركزي، وجعلت في المتاحف نماذج مقلدة عنها.

لاتزال صورة الجنود الأمريكان عالقة في الأذهان وهم ينقلون محتويات البنك المركزي من ذهب وآثار في عرباتهم، بالإضافة إلى صورة عصابات تهريب الآثار الذين جاءت بهم وكان دورهم الحصول على ما تبقى من الآثار عن طريق شرائها من اللصوص الذين وصلت إليهم، كل ذلك ولم يهتز العالم، لكنه انتفض اليوم لما فعله تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في الموصل من تدمير للمتحف ومحتوياته بطريقة همجية، وفي الواقع القضية كانت رمزية، فالتماثيل ليست أثرية وإنما هي نماذج تحاكي الأصلية التي لم تعد موجودة في العراق، ومع ذلك يبقى الفعل غير مقبول فهذه رمز لحضارة العراق وتدمير حضارته وتراثه ومعالمه جزء من تدميره، أما «داعش» فتعتقد أنها أقوى من كل من تواجههم فلا تسأل عن آثار أي فعل تفعله، كما إن الآثار لا تشكل عندها أي رمزية.
لكن المتابع العاقل يرى أن التماثيل التي دمرتها «داعش» وهاج العالم من أجلها هي نماذج لآثار العراق الذي يموت شعبه يومياً بالجملة على يد الميليشيات وطائرات إيران وحكومتها في بغداد ولا أحد يتأثر لقتلهم لكنهم يتأثرون لتدمير آثار أجدادهم، ويرى أن تحطيم البيوت فوق رؤوس العزل في العراق وسوريا أمر طبيعي ولا يستحق البشر من الأمم المتحدة أكثر من القلق، لكن تحطيم الحجر جريمة تستحق أن تطالب مدير عام اليونيسكو مجلس الأمن باجتماع عاجل! أمريكا التي تحمي براميل الأسد والعبادي ومن خلفهما إيران تبكي على آثار من يموتون تحتها.
أفعال «داعش» هذه أوصلت الناس اليوم إلى مرحلة يشكرون الغرب فيها على سرقة آثارهم ويعتبرون ذلك حفاظاً عليها، كما إنها منحت أمريكا ولصوصها صك البراءة من السرقة لأنها تحملت مسؤولية ضياعها وتحطيمها، أما رد فعل أمريكا والعالم على هذا الفعل فأكدت أن الحجر في البلاد الإسلامية أغلى عندهم من البشر.

 

 

الوطن البحرينية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع