..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الدروس الحمراء من هدنة الأخضر

أبو عبد الله عثمان

٢٨ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3085

الدروس الحمراء من هدنة الأخضر
1.jpg

شـــــارك المادة

الدروس الحمراء من هدنة الأخضر نقطة...انتهى.!

ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين..!! ولا ينبغي لأي عاقل بعد اليوم أن يتردد في اعتبار الأسد أشد الناس كذباً ونفاقاً وخداعاً على وجه الأرض.. ولا يصح في الأذهان أن يأمن كائن بشري لذئب ويمد له يداً من الثقة والأمان.

 

لقد كشفت هذه الهدنة عن ثغرات مرعبة تحتم على الجميع أن يسارعوا لسدها..!! فثورة تمتد كتائبها على طول البلاد وعرضها وشرقها وغربها لابد لها من مكتب سياسي في الداخل يضم نخباً من جميع الكتائب الفاعلة، ويكون له البت في القضايا السياسية للثورة، ويكون ما ينتج عن رأي أكثريته مفروضاً على الجميع الرضوخ له والعمل به.. وإن ما رأيناه في الموقف من الهدنة يدل بوضوح على العشوائية السياسية والتشتت الذي ينذر بمخاطر كثيرة في حال تَطوَّر.. لا نريد من ذلك أن يكون الجميع له رؤية سياسية واحدة أو مشروع واحد إنما نريد أن يكون للثورة مصنعاً واحداً للمواقف السياسية يلتزم بنتائجه الجميع ولا نقصد أيضاً من ذلك أن يكون هذا المكتب السياسي بديلاً عن المجلس الوطني الهرم، إنما فقط نريده أن يكون بمثابة ملتقى سياسي يجمع الكتائب ويوحد مواقفها السياسية بعد أن تتم دراستها جيداً من متخصصين مندوبين من الأجنحة السياسية للكتائب، وقد يكون مثل ذلك نواة لإنشاء خطة موحدة شاملة للجميع تساعد على حصار الأسد والقطع المنظم لطرق الإمداد التي يأمنها، وأكثر ما يساعده على تأمين تلك الطرق هو قلة التنسيق فيما بين الكتائب.

 

إنه لا يمكن لكتائب متباعدة أن تتبنى موقفاً سياسياً واحداً.. وخصوصاً إن كان مدعوماً بضغط دولي كهدنة الأخضر، ولذلك رأينا تردداً كبيراً لدى كثير من الكتائب الفاعلة، لكنه وبعد أن مال أكثرهم مع الاستجابة للميول الدولية حول إعادة تجربة الأسد والتزامه .. وقفت بعض الكتائب ضد ذلك وأعلنت بوضوح أنها لا توافق على الهدنة، وكان ما فعلته هو عين الصواب آجلاً لكنه لم يكن وقتها هو الطريق الأصوب لأن توحيد الموقف في هذه المرحلة ضروري وخاصة فيما ليس له أثر كبير على سير الثورة. فحين وافق الجميع على الهدنة بشروط تحافظ على قوة الثورة ولا تدع مجالاً للنظام ليستفيد منها كان على جميع الكتائب حينها أن تعلن عن موقف واحد ولا تدع للنظام ثغرات يتعلل بها أمام المجتمع الدولي، كأن يقوم ببعض التفجيرات ويشير بأصابعه النجسة إلى تلك الكتائب التي أعلنت رفضها للهدنة ويستخدم موقفها ليمرر إلى المجتمع الدولي المهزوزِ الرؤيةَ التي تدعم له اهتزازه. إننا أمام حملة سياسية شعواء ضد الثورة وإنها هي الأخطر منذ بداية الثورة وحتى اليوم، ولو أن من يقود هذه الحملة هو النظام وحده لكان الأمر هيناً، لكنه المجتمع الدولي وأذنابه من عرب وسوريين.. هم الذين يكيدون للالتفاف على هذه الثورة، فهم يتسللون عبر تأييد الثورة والوقوف معها إلى مَقاتِلها ليطعنوها دون أن تشعر، مما يفرض وبقوة على الجميع وخاصة مَن في الداخل أن يركزوا على تكوين مناعة سياسية قوية تمنعهم من إصابتها.

لا بد من تحليل كل تصريح وسكوت وتنديد.. ولابد من دراسة جميع المصطلحات التي تتردد على الثورة في كل يوم للعمل على كشفها وكشف آثارها وما يؤدي إليه تداولها، فمثلاً: تركيا وقصف النظام لها وردُّها لم يكن من آثاره تقريباً حتى اليوم إلا تمرير عبارة " الأزمة بين سوريا وتركيا " وهذه لا تقدم للثورة خيراً بل إنها تقدم للمجتمع الدولي ورقة بيده.. يستخدمها لتوسيع دائرة ما يرغب أن يصفها بأزمة في سورية وينشر الضباب على الواقع الحقيقي للحدث.. واليوم نسمع مصطلحاً جديداً هو " طرفا الصراع " وهو عبارة مخدرة تهدف إلى تصوير الواقع في سوريا على أنه صراع متأصل يصعب حله أو يكاد يستحيل، وأن على جميع المتابعين له أن يوطنوا أنفسهم عليه..! في إشارة إلى أن مثل هذه الضحايا في مثل هذه الصراعات "الشائكة" هي طبيعية. ومصطلح آخر جديد أيضاً نسمعه اليوم هو " تبادل الاتهامات " وهي تهدف إلى التملص من المسؤولية عن تلك المجازر، لعدم وجود تحقيق محايد فيما يحدث، علماً أنهم جميعاً يعلمون تماماً من الذي يخرق الهدنة بل ويخرق المنطق والحياء، ويعلمون أيضاً الطريق الأسرع لإنهاء تلك المعاناة وهي الدعم الحقيقي للثوار الذي يتهربون منه ويخترعون مثل تلك المصطلحات المخدرة ليخدروا بها مجتمعاتهم وشعوبَهم. لقد سقط النظام السوري عسكرياً بسواعد الشباب ودعم الشرفاء في دول العالم وفاجأ المجتمعَ الدولي بذلك، ليجد ذلك المجتمع الدولي الهزلي نفسه أمام نظام الأسد وهو يترنح وليس بينه وبين السقوط إلا عدد من الصواريخ..! لقد سقط النظام السوري عسكرياً ونحن الآن أمام انتزاع السلطة من يده المتصلة مع أيادي المجتمع الدولي تدعمه على الصمود، وهذه المرحلة صعبة حرجة خفية. إننا في مرحلة النفاق الدولي تماماً، فهو لا حل له إلا أن يؤيدنا ظاهراً.. ويُضمرَ المخاوف منا باطناً.. فيضع أمامنا العقبات ويحيك لنا شباك الإيقاع بثورة تنال تأييد العالم، فلا بد لنا أن نسارع لبناء الجسم السياسي الفطن الواحد لهذه الثورة.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع