..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

أي انتصار هذا الذي تدّعونه؟

يحيى العريضي

٢٧ يناير ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2947

أي انتصار هذا الذي تدّعونه؟
images.jpg

شـــــارك المادة

الحرب تعريفاً  يمكن أن تكون صراعاً بين طرفين أو أكثر على مسألة أو قضية معينة بأدوات محددة لأهداف بعينها يترتب عليها نتائج على شكل مكاسب أو خسائر مادية ومعنوية. إذا ما وضعنا الحرب الدائرة في سورية تحت المجهر، ربما نرى أن معظم عناصر هذا التعريف توشحه إشكالات واختلافات في وجهات النظر والتحليل منطلقها أيديولوجي سياسي أو تحزبي.

ومن هنا قد يشوب وجهات النظر والتحليلات هذه صبغة من اللاموضوعية واللاعلمية، ولكن رصد الواقع والخوض بغماره كما هو قد يشفع لمبدأ الدقة والموضوعية في الطرح، وخاصة أن ما يحدث لم يُعلّب بعد بصناديق التاريخ ، بل لا يزال وقائع يلمسها المتابع بأم عينه وحواسه الأخرى.
الأطراف واضحة على الأرض؛ والأدوات مرئية والأهداف تم البوح بها. أما الأسباب والنتائج، فتبقى موضع نقاش واجتهاد حيث تدخل فيها عناصر التحليل والاجتهاد والقراءات، التي قد تكون متباينة.
رغم إصرار السلطة في سورية أن الشعب السوري ليس طرفاً في هذه الحرب، بل المؤامرة الكونية على سورية؛ حيث ترى هذه السلطة نفسها تجسيداً لسورية؛ وترى سورية الدولة تجسيداً لها.
الأدوات أيضاً واضحة، وتعترف السلطة ذاتها باستخدامها باستثناء استخدامها للسلاح الكيماوي. وتعترف أيضاً أن أداة خصمها كانت بداية سلمية ثم تحوّلت إلى عسكرية ولكنها تنكر بالمطلق دورها بذلك.
في الأسباب أيضاً تنكر السلطة بالمطلق أحزمة الفقر وكبت الحريات و الممارسات الاستبدادية والإجراءات الإقصائية التي كانت تمارسها على غالبية الشعب السوري والتي كانت السبب وراء صرخة الحرية في سورية. وترى أن يداً خارجية تستهدف النظام “المقاوم والممانع” الذي يقف في وجه إسرائيل، إضافة إلى الدولة السورية الآمنة المستقرة ورغبة الأعداء نسف هذا الاستقرار الذي تعيشه الدولة. وتنسى بالمطلق أنها لو لم تكن تدرك أن رأس الفساد فيها كان الهدف وسبب تحرك الناس لما اتخذت قرارها قبل بدء الحراك بسحق كل صوت وحرق البلد أو يبقى الأسد.
قد يطول النقاش في هذه الأمور؛ ولكن تركيز هذه الورقة سيكون على النتائج التي تحصدها سورية بعد أربعة أعوام من مأساة لا شبيه لها في تاريخ البشرية ربحاً وانتصاراً أو خسارة وانتكاسة على كل من طرفي الصراع.
إن مناسبة الحديث في هذه المسألة إعلان جانب السلطة أنه ربح وانتصر ورفع شعاراً بإعلان شوارعي يقول: [ فيك انتصرنا ] تحت صورة لبشار الأسد. السؤال المركب في هذا السياق هو:
ماذا ربحت السلطة؟ وكيف انتصرت؟ وعلى من؟

- إذا كانت السلطة تنظر إلى الـ 23 مليون سوري على أنهم من رعاياها، فهل وجود نصفهم خارج حدود سورية انتصار؟
- هل خروج 70% من الأرض السورية عن سيادة الدولة، وفقدان سيطرتها على 90% من معابر الدولة انتصار؟
- هل تعطيل 90%من الطاقة البشرية العلمية والاقتصادية والمعرفية السورية انتصار؟
- هل السمعة التي تتمتع بها السلطة على أنها مصدر الإرهاب والمصدّر له مكسب أو انتصار؟
- هل خسارة  ما يقارب ترليون دولار ودمار نصف البلد مكاسب؟
- هل وجود ربع مليون سوري في أقبية السلطة مكسب؟
- هل تدمير حزب الله الذي كان يُنظر أليه كقوة مقاومة لمحتل الأرض مكسب؟
- هل العيش على حساب دول لها مصالح معينة كروسيا وإيران انتصار للسلطة؟
- إذا صح القول بأن النظام كان حامياً لحدود إسرائيل الشمالية بحكم محافظته على هدوء مع الكيان المحتل لأربعة عقود؛ وإذا كان قد فقد القوة للحفاظ على تلك الحدود، فأي انتصار هذا الذي يجعله يفقد مهمة أو وظيفة حيوية ساعدته في صموده في وجه سعي الشعب لإسقاطه؟
- هل استغباء الجميع ومحاولة إقناعهم بأن النظام في عداوة مع داعش وأنه ليس من المساهمين في صناعتها انتصار؟ وإلى أي درجة ينطلي ذلك حتى على أنصار النظام؟
- هل تحويل سورية إلى مقاطعات لأمراء الحروب انتصار؟
-وهل يُنظر للعصابة الحاكمة في دمشق أكثر من إمارة من إمارات الحرب المتحكمة فوق الأرض السورية.
- أي انتصار هذا إذا كان انقطاع الدعم الإيراني أو الروسي عن العصابة لمدة 24 ساعة كفيل بهروبها كالفئران في كل اتجاه؟
-أي انتصار هذا ومجموعة مقاتلة إجرامية كحزب حسن نصر الله تقول بعظمة لسانها: لولا حزب الله لسقط النظام؟
- أي انتصار ومن تبقى حول النظام بفعل الخوف وانعدام سبل الخروج يكسّرون ما تبقى من أثاث بيوتهم للحصول على شيء من الدفء؟
- أي انتصار هذا الذي يترك 700 ألف ممن يحملون “هوية الجمهورية العربية السورية ” مقعدين؟
- إذا أقرينا أن الطرف الآخر في الحرب هو شعب سورية، وإذا سلمّنا بأنه تعرض لكل تلك الخسائر التي ذكرت؛ وإذا أضفنا إليها أن من تنطع لتمثيله والحديث باسمه هم أيضاً إضافة ثقيلة على خسائره، فهل هناك أي انتصار حققه؟
* انتصاره الأساسي أنه المظلوم والمضطهد والدافع لثمن لم يدفعه شعب في العالم؛ وهذا بحد ذاته ذخيرة مستقبلية تجلب له الدعم والرعاية وضرورة الإعادة للحياة بفعل الإحساس بالذنب تجاهه، فهو ليس مجرماً ولا قاتلاً كخصمه…. الطرف الآخر في النزال\ السلطة
* عدم استسلامه للطغيان وعدم اعترافه بهكذا سلطة هو بحد ذاته انتصار.
* لابد من تسديد الفاتورة التي دفعها … وترجمة ذلك تصميماً وإرادة إلى العودة إلى الحياة مقابل يأس الجانب الآخر بامكانية أي عودة طبيعية إلى الحياة بعد سجل حافل بالدم.
أيها ” النظام” إذا كان المبدأ الذي اخترته (أنا أو أدمرك)، فأنت بكل غباء اخترت نهايتك. سوريو الداخل في أعماقهم يعرفون أن زوالك سيزيل خطر داعش الذي تهددهم به؛ لأن وجودها مرتبط بوجودك. وهم يدركون يوماً بعد يوم أنك أعجز من أن تؤمّن لهم حياة آدمية؛ وكثير منهم تساوى عنده الموت على يدك أو يد داعش أو الإهانة والذل؛ حتى من يُقال إنهم حاضنتك ضاقوا ذرعاً باستمرارك على حساب دم أولادهم وأخوتهم. أما من خرج من سورية فهو حتماً الأخطر عليك. أولئك لم يعودوا رهائن لديك كسوريي الداخل؛ وما من قوة في الكون يمكنها نزع السورية عنهم. هؤلاء عائدون، وأنت منهزم. إسرائيل لم تتمكن حتى الآن من إعلان انتصارها على الفلسطينيين- ولن تتمكن- رغم أن هؤلاء ليسوا من طينة العصابة المحتلة لبلدهم كما أنت؛ فما بالك بأن من تقاومهم هم من الطينة ذاتها، ولا موطن لهم إلا سورية.

 

 

كلنا شركاء

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع