..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مَن ينتصر لرموز أهل السنة؟

المسلم

٣ يناير ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3030

مَن ينتصر لرموز أهل السنة؟
00.jpg

شـــــارك المادة

سؤال يلح على ذهن كل مسلم منذ فترة طويلة، وهو يرى كيف تنتصر طهران لأصحاب العمائم السوداء، ومن يقال عنهم إنهم "مراجع دينية شيعية" - بغض النظر عن حقيقة علمهم - وكل من يعمل لحسابها و لتنفيذ أجندتها في الدول العربية والإسلامية، بينما يرى المسلم كل يوم أو يقرأ أو يسمع عن خبر استهداف رموز أهل السنة في العالم أجمع، دون أن يجد من يقوم بواجب الانتصار لهم، سواء من خلال المطالبة بإطلاق سراحهم فوراً إن كانوا معتقلين بغير وجه حق، أو بالقصاص العادل لمن استهدفهم بالقتل والاغتيال.

والحقيقة أن الدم السني بات منذ فترة ليست بالقصيرة بخساً إلى درجة كبيرة وخطيرة، حيث يراق لأتفه الأسباب أو من غير سبب – سوى أنه مسلم سني - في كثير من الأحيان، بينما دم غيره من الملل والنحل عزيز لا يجرؤ أحد على الولوغ فيه، أو لا يستهان به كما هو الحال مع المسلم السني على أقل تقدير.
وسبب ذلك واضح لا يحتاج إلى كثير من الفلسفة أو الكلام، فالمسلم السني في العالم لا يوجد من يدافع أو يطالب بحقوقه إن وقع في ظلم أو ضيم، ولا يجد من يقتص له إن سفك دمه أو أُريق بدون وجه حق، وفي أحسن الحالات فإن التنديد والاستهجان هو غاية المطاف، وآخر ما يمكن أن تقدمه الدول الإسلامية السنية لحق المسلم المنتهك أو دمه المسال، بينما تقوم الدنيا ولا تقعد لمجرد اعتقال غيره وإن كان بوجه حق وفي إطار القانون، فكيف إذا وصل الأمر إلى حد القتل أو الاغتيال ؟!
وحتى لا يظن القارئ أننا نبالغ في هذا الكلام، فإن الأخبار تغني عن المزيد من المقال للتدليل على ما سبق، فقد أعلنت هيئة علماء العراق أن عناصر تنتمي لميليشيات طائفية نصبت كميناً ليلة الجمعة عند جسر الزبير في منطقة (الخطوة) بمدخل قضاء (الزبير) غربي البصرة ، لسيارة يستقلها خمسة من أئمة وخطباء مساجد المحافظة ، وقد أطلقت النار بكثافة على سيارتهم، ما تسبب في مقتل ثلاثة منهم على الفور، واصابة الاثنين الآخرين بجروح.
ومع احترامنا لتنديد واستنكار هيئة علماء المسلمين بالعراق لهذه الجريمة النكراء، وإصدارها بياناً بذلك، ومع تقديرنا لاستنكار الحادث من قبل مدير الوقف السني في البصرة محمد الجبوري في بيان صدر له أيضاً، إلا أن ذلك لا يكفي في عرف الدول، فلا بد من وقفة جدية من الدول السنية تجاه أمثال هذه الحوادث المتكررة في العراق وغيرها.
إن مسلسل استهداف علماء ورموز أهل السنة في العراق منذ إطلاق يد طهران فيها ليس جديداً، إلا أنه يزداد ولا يتوقف، كما أن مدينة البصرة على وجه الخصوص تشهد منذ فترة استهدافاً ممنهجاً لرموز أهل السنة، وتهجيراً منظماً لكثير من أبنائها، فأين هي ردود فعل الدول السنية إزاء تلك الممارسات الرافضية الطائفية ؟!
وقد علمتنا التجربة مع الحكومات الطائفية التي ما تزال تحكم العراق منذ انسحاب الاحتلال الأمريكي منه، أن تشكيل اللجان للتحقيق في حوادث استهداف واغتيال رموز أهل السنة لا يفضي إلى أي نتيجة، وأن أمثال هذه الخطوة ما هي إلا لذرّ الرماد في العيون، ولا شك أن إعلان وزارة داخلية العبادي بدء تحقيقات في الحادث أمس من هذا القبيل، ولولا الظروف الحالية التي يواجه فيها الرافضة "داعش"، فلربما لم تشكل لجنة للتحقيق أصلاً.
وليس رموز سنة العراق هم الوحيدون المستهدفون في العالم دون أن تجد دولة سنية تدافع عنهم أو تطالب بحقوقهم، ولا تكتفي بمجرد التنديد والاستهجان الذي لا يوقف حالات انتهاك حقوقهم، ولا ينهي حوادث الاغتيالات التي تطالهم، بل الظلم والقهر يطال جميع رموز السنة في العالم، ولعل استهداف رموز سنة بنغلادش الواحد تلو الآخر، وكذلك لبنان وسورية وليبيا....الخ خير شاهد على ذلك.
وفي مقابل تقاعس الدول السنية عن الدفاع عن رموزها وعلمائها، الذين يُغتالون ويُعتقلون ويُحاكمون دون أي وجه حق أو قانون، تجد ساسة طهران ينافحون ويدافعون بوقاحة وشراسة عن أعوانهم وأزلامهم في الدول العربية والإسلامية.
فها هو وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف يدعو إلى الإفراج الفوري عن أمين عام جمعية الوفاق البحرينية المعارضة علي سلمان، الذي اعتقلته السلطات البحرينية منذ أيام، رغم أنه قام بالترويج لتغيير النظام في الدولة بالقوة العسكرية والتهديد وبوسائل غير مشروعة، والتحريض على عدم الانقياد للقوانين، وعلى بغض طائفة من الناس، ناهيك عن إهانته علانية وزارة الداخلية.
ولم يكتفِ وزير خارجية طهران بطلب إطلاق سراحه رغم كل هذه الجرائم التي أدين بها، بل حذر من أن "التعاطي بعنف مع زعماء يحظون باحترام الشعب – حسب زعمه - سيزيد من المخاطر والتهديدات"، وهو ما يشير إلى التهديد المبطن في حال لم يستجب لطلبه.
وعلى الرغم من أن الأمر لم يتعدَّ حبس المتهم علي سليمان المحسوب على إيران 7 أيام احتياطياً على ذمة التحقيق، إلا أن جميع المسؤولين الإيرانيين في كل من طهران وبغداد – حيث أضحت بغداد تابعة لطهران في ظل حكومة العبادي بعد المالكي - تدخلوا في الموضوع بشكل فج ومخالف لجميع الأعراف الدبلوماسية بين الدول.
فقد اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية "مرضيه افخم" أن اعتقال سلمان "مثير للقلق"، كما طالب نوري المالكي نائب الرئيس العراقي بالإفراج عن علي سلمان، داعياً الحكومة البحرينية إلى “احترام العلماء بقدر ما يمثلونه من شريحة واسعة من المجتمع″، ناهيك عن كشف عضو في كتلة "الإصلاح الوطني" التي يتزعمها وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري عن أن الأخير سيتدخل رسمياً للتوسط في قضية سلمان حال عودته من سفره.
ومما يثير الانتباه دخول واشنطن على خط الدفاع عن أزلام طهران في المنطقة، فقد صدر بيان عن الخارجية الأمريكية يعبر عن "القلق العميق" من اعتقال علي سلمان، الأمر الذي يؤكد التقارب بينها وبين الرافضة في المنطقة على حساب السنة.
إن الذي يزيد المسلم حيرة ودهشة من هذا الواقع المهين الذي تشهده الدول السنية - التي يستباح دم علمائها ورموزها فضلاً عن أبنائها وعامتها دون مقاومة تذكر - هو يقينه بأن الدول السنية كثيرة وغنية وقوية بما يكفي لرد أي عدوان على رموزها وأبنائها، إلا أنها بسبب ابتعادها عن دينها ومصدر عزتها، تشتتت وتفرقت وتشرذمت، وهانت على أعدائها حين هان عليها دينها.


المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع