..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الخلاف حول سوريا بين محافظي إيران وإصلاحييها

ياسر الزعاترة

١٧ نوفمبر ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3190

الخلاف حول سوريا بين محافظي إيران وإصلاحييها
الزعاترة 0.jpg

شـــــارك المادة

حين يتعلق الأمر بالملف العراقي، من الصعب على المراقب أن يلمس الكثير من الفرق بين مواقف المحافظين في إيران وبين الإصلاحيين، فالعراق يمثل خاصرة إيرانية، والمعركة فيه مهما شرّقت وغرّبت لن تغير في حقيقة الوضع الديمغرافي الذي يمنح الشيعة أغلبية نسبية إذا تذكرنا أن الأكراد يعيشون ما يشبه الاستقلال، وإن ظلوا إلى الآن ضمن إطار الدولة العراقية.

 

من يتابع تصريحات روحاني أو جواد ظريف فيما يتعلق بالسياق العراقي لا يراها تختلف كثيرا عن تصريحات المحافظين، لكن الموقف يبدو مختلفاً في السياق السوري؛ إذ يتبدى الخلاف بشكل واضح.

ونتذكر في هذا السياق تصريحات الرمز الأكبر للتيار الإصلاحي (رفسنجاني) التي أطلقها العام الماضي، وحمّلت بشار الأسد المسؤولية عما جرى في سوريا.
حين كنا نتحدث عن هذا البعد، كان البعض يرفض ذلك مصراً على أنه لا خلاف بين الفريقين حيال الملف السوري، لكن وليد المعلم، وزير خارجية النظام السوري، ما لبث أن كشف المستور في مقابلته قبل أيام مع صحيفة «الأخبار» اللبنانية التابعة لحزب الله.
حين سئل العلم عن العلاقة مع إيران قال: إن «أي مساس بهذا التحالف في إيران غير مقبول من قبل الإمام الخامنئي ونهجه. العراقيل الممكنة هي التي تأتي من جهة النهج الليبرالي. وفي كل مرة يحصل فيها ذلك، يحسمها الإمام ومجلس الشعب والحرس الثوري لصالح سوريا».

وأضاف «زوّدتنا إيران، وتزوّدنا، باحتياجاتنا من السلاح، خصوصاً من الذخائر المتوفرة من صناعة إيرانية، كذلك تدعمنا طهران سياسياً واقتصادياً ومالياً».

ورداً على سؤال الصحيفة حول ما إذا كان يعتبر «المحافظين المتدينين هم أقرب الحلفاء لسوريا العلمانية؟»، رد المعلم «بالطبع، لأنهم يدركون المصالح الاستراتيجية الإيرانية، وهم متحررون من الميول نحو الغرب».
في الكلام الآنف الذكر تصريح لا لبس فيه بشأن الخلاف بين المحافظين والإصلاحيين فيما خصَّ الملف السوري، والأهم من ذلك أن الخلاف يسبب ضيقاً للنظام السوري، وثمة خشية من أن يؤدي إلى تغيير الموقف.
هذا الكلام الصريح اضطر حسن أمير عبداللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيراني الذي يبدو أقرب إلى المحافظين منه إلى الإصلاحيين (لا يُستبعد أن يكون مفروضاً من المرشد علي روحاني)، اضطره إلى إطلاق تصريح في ذات اليوم الذي نشرت فيه المقابلة يقول فيه: إنه لا خلاف بين القيادات العليا في إيران حيال «دعم سوريا في مواجهة الإرهاب».
وإذا جئنا نفتش عن أسباب الخلاف، فإن الأمر يتعلق ابتداءً وانتهاءً بعموم السياسة الإيرانية الخارجية، وحيث يرى الإصلاحيون أن المعارك الخارجية كانت ولا تزال مكلفة، هم الذين يدركون أن الناخب الإيراني إنما لجأ إليهم من أجل الاهتمام بالملف الداخلي (الاقتصادي على وجه التحديد)، ويتذكر الجميع كيف هتف الإصلاحيون في انتخابات 2009 في الشوارع: «لا غزة ولا لبنان، كلنا فداء إيران».
على أن الإصلاحيين يبدون أكثر إدراكاً لعبثية المعركة السورية؛ إذ مهما وضعت إيران من ثقل فيها، فلن يحالفها النجاح على الأرجح، ولن تعود الأمور إلى ما كانت عليه، كما يدركون كم تستنزف تلك المعركة من مقدرات إيران، وحيث تدفع عمليا كلفتها كاملة، لأن أحدا لا يساعدها على هذا الصعيد (روسيا تبيع ولا تساعد بالمجان).
بقي القول: إن الخلاف المذكور لن يغير في السياسة الإيرانية حيال سوريا، لأن المرشد يحسمها كما قال المعلم، لكن تطور المشهد السياسي الداخلي، ونجاح مفاوضات النووي في تأمين صفقة مع الغرب، ربما سيمنح الإصلاحيين قوة أكبر تمكنهم من التدخل بشكل أكثر وضوحا في السياسة الخارجية، ولعل ذلك هو ما يدفع المحافظين، ليس إلى التشدد في مفاوضات النووي وحسب، بل أيضاً إلى المضي في البرنامج الخارجي بروحية التمدد، لأن الخسارة ستعزز فرص الإصلاحيين داخلياً، وبالطبع بعد تأكيدها لنظريتهم حول عبثية مشروع التمدد وأولوية الملف الداخلي.

 


العرب

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع