..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

غلبت الروم

عبد الله القرشي

١٢ أغسطس ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3285

غلبت الروم
الله مرزوق القرشي 000.jpg

شـــــارك المادة

في مكة انشغل القوم بالحرب بين فارس والروم، وكان كل فريق منحازًا إلى الأقرب إليه، فالمسلمون مع الروم من أهل الكتاب، والمشركون مع الفرس من أهل الأوثان.
وقد وصل الأمر في اهتمامهم وتفاعلهم إلى المراهنة والمخاطرة كما هو مشهور من قصة أبي بكر الصديق مع المشركين في مكة.

 


هل كان المسلمون آنذاك يجهلون أن الروم على دينٍ باطل؟!
هل كانوا يجهلون الفرق العظيم بين دينهم ودين النصارى المحرف؟!
هل كانوا يجهلون أن بعض مقالات أهل الكتاب تكاد السماوات يتفطرن منها وتنشق الأرض وتخرّ الجبال هدّا؟!
هل كان المسلمون آنذاك يجهلون أن معركتهم مع الكفر وأهله قد تصل في المستقبل إلى قتال الروم وأهل الكتاب؟!
لقد كان المسلمون يعلمون ذلك كله.. ومع ذلك اعتبروا انتصار الروم على فارس نصر الله الذي يستحق الرهان قبل وقوعه، ويستحق الفرح بعد وقوعه دون تردد أو تلعثم.
والقرآن جاء واضحا في هذا المعنى: «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)» (سورة الروم).
إننا بحاجة إلى القرب من هذا المعنى القرآني المشرق ونحن نشهد العدوان الصهيوني على إخواننا المسلمين في غزة.
نحتاج هذا النور وهذه الهداية ونحن نسمع قوما يريدون منا أن نقف ضد أهل غزة لهذا السبب أو ذاك، وربما جعلوا هذا الموقف من النقاء العقدي الذي لا يتورط في دعم أهل البدعة والانحراف بزعمهم، وربما جعلوه من الحذق السياسي الذي لا يدعم قوما نختلف معهم أو سنختلف معهم في المستقبل.
وكل ذلك لغوٌ من القول لا يمت إلى الدين والعقل والسياسة بصلة. وهو منطق أعوج يحمل صاحبه على مخالفة ومناوأة الأقرب، ثم هو بموقفه هذا يساعد الأبعد والأكثر ضررا وخطرا وهو يدري أو لا يدري! أيُّ تدين يجعلني مترددا متلعثما في الوقوف مع المسلم المظلوم ضد الكفرة المجرمين الذين مردوا على الظلم والبغي وقتل الأطفال والنساء؟!
في مثل هذه المعارك ليس هناك موقف ثالث، فكل موقف إما أن يقوي الصهاينة الظالمين أو يساعد إخواننا المظلومين.
حتى الحياد والإعراض عن الطرفين هو نوعٌ من الدعم والمساعدة للقوي الظالم الذي يريد أن يتركه الناس وظلمه.
قل ما شئت عن غزة والفلسطينيين وحماس والجهاد، قل ما شئت مما تحفظه من تاريخهم أو تتوقعه من مستقبلهم؛ فكل ذلك لا يبرر لنا أن نتردد في نصرتهم أمام العدوان الصهيوني. وأي تردد في نصرتهم هو مساعدة للصهاينة الأكثر ضررا وخطرا.
لقد قاتل المسلمون الروم ولم يعتبروا هذا القتال دليلا على خطأ موقفهم السابق في تأييدهم ضد الفرس، ولو حصل هذا في زماننا لسمعت العجب العجاب.
يخطئ من يظن أن تأييد هذا الطرف أو ذاك يعني الموافقة التامة، وبسبب هذا الخطأ يقع في أخطاء متسلسلة يتعبد لله بها! ولو تأمل المواقف النبوية واقترب من المعاني القرآنية لاستبان له وجه الحق، وعلم أن الموافقة التامة ليست شرطا في النصرة والمساعدة.
وأن نصرة ومحبة الإسلام هي التي تحمله على نصرة المظلوم رغم أخطائه، وهي التي تحمله على تأييد الأقرب رغم ضلاله وخطاياه.
بسم الله الرحمن الرحيم: «ألم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) « (سورة الروم).

 


الإسلام اليوم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع