أبو أمجد
تصدير المادة
المشاهدات : 3689
شـــــارك المادة
تعيش دول الربيع العربي مآسي متشابهة، مما يدل على أن الأيادي العابثة في كل دولة هي نفسي الأيادي في الدولة الأخرى، إخضاع الشعوب الثائرة هو الهدف من كل هذا العبث. دحر الإسلاميين والقضاء عليهم بحيث لا تقوم لهم قائمة مرة أخرى هو الهدف من هذا العبث.
فبعد أن رأت هذه الشعوب النور وتفاءلت بكل خير بعد زوال الحكام المستبدين الفاسدين الجاثمين على صدورهم، إذا المآسي الأمنية والاقتصادية، تنهال عليهم من كل حدب وصوب. تكشفت في هذه السنوات أمور كانت خافية على كثير من الناس، وكما يقال في المثل أصبح "اللعب عالمكشوف" لكن ما يحزن هو أن كثيرا من الناس استعذبوا العبودية والعمالة فاستماتوا من أجل العودة إلى العبودية، وأصبحوا الأيادي العابثة في بلدانهم بدعم خارجي وداخلي. فلو نظرنا في اليمن "السعيد" لوجدنا تصاعد عمليات الاغتيالات وقطع الطرقات وقطع الكهرباء وفتح أجوائها لطائرات أمريكا تقصف كيف تشاء. وكذلك دعم الإنقلابيين في مصر وتركيع شعب مصر مرة أخرى، بعد أن شم رائحة الكرامة والحرية. وكذلك العبث بليبيا لدرجة أن يهدد مسلحون رئيس وزرائها بإيذاء عائلته، واحتلال المسلحين والمخربين لنفطها وموانئها. لكن في النهاية يبقى الأسد هو الأفضل في نظر الغرب وفي نظر أميركا وفي نظر اليهود وفي نظر كل كاره لهذا الدين. وما يحدث في غير سوريا يعد نزهة لما يحدث في سوريا. لا تظنوا أن بشار الأسد تهمه أرض سوريا أو إنسانها، بل لا يهمه إلا أوامر أسياده من المجوس واليهود والنصارى. هو الوحيد الذي لا يزال يتربع على عرشه. وهو الوحيد الذي لم تمسه أيادي أمريكا وإسرائيل. هو ليس مثل مبارك الذي أجبره أسياده بالتنحي. ولا مثل علي صالح الذي تم إحراقه ونجا من الحرق، ولا مثل رئيس تونس الذي يعيش لاجئا عند أعداء الربيع العربي، ولا هو كذلك مثل قذافي ليبيا الذي قتل شر قتلة. ما الفرق بين بشار وكل أولئك القادة؟. الفرق أن أولئك لم يستطيعوا أن يدمروا عشر معشار ما دمر بشار الأسد، ولم يستخدموا الغازات السامة ضد شعبهم، ولم يقصفوا شعوبهم بالبراميل المتفجرة، لقد كانوا أكثر "إنسانية" من بشار الأسد، فاستحقوا الطرد من مواقع السيادة. بينما بشار قام بأشياء لم تخطر حتى على بال أسياده فاستحق الآن أن يخوض انتخابات تتيح له رئاسة حطام سوريا، مكافأة على نجاحه في تدمير سوريا وقتل شعبها بكل أنواع الأسلحة، وإن غمغم الغرب قليلا معترضين على هذه الانتخابات، فالحر تكفيه الإشارة، والغرب إذا لم يرد بشار الأسد فلن يمكنوه من البقاء وهذه قاعدة بات يعرفها الجميع.
بشار الأسد إن أحسنا الظن به واعتبرناه زعيما سورياً، فقد وعى الدرس ممن سبقوه من الحكام، واستفاد مما حصل لهم وأخذ عبرة من ذلك. لا أظن بشار الأسد قد نسي ما حصل لصدام حسين كذلك، فصدام حسين قام بضرب طفل أمريكا المدلل "إسرائيل" بصواريخ بعيدة المدى وانتهى بإعدامه، فمن يؤذي إسرائيل لا يستحق الحياة بل الموت وبطريقة بشعة، لذلك تمادى بشار في حماية إسرائيل، وتمادى في تخريب سوريا، وتمادى في قتل شعبه. وكل هذا قربانا من أجل أن ينال رضى إسرائيل وأمريكا ومن في حلفهم. فالذي يبدو أنه كلما تمادى في طغيانه على شعبه، كلما زاد تشبث الغرب به وعلى رأسهم أمريكا وكذلك إسرائيل. فهاهو يطلق الغازات الكيماوية مرات ومرات على السوريين، ولا نرى ردة فعل إنسانية من أحد، بل على العكس، تقوم بعض الحكومات بالتشكيك في ذلك موهمة الرأي العام و(المغفلين) بأن الثوار هم من يطلقون الغازات السامة، حتى وإن لم نسمعها صريحة، لكن الهدف هو إيجاد حالة من الغموض والحيرة في أوساط (المغفلين) وكأن الثوار أغبياء لا يستخدمون هذا السلاح الفتاك مرات ومرات إلا لقتل أنفسهم بدلا من قتل عدوهم، بحجة تحريض المجتمع الدولي ضد بشار وحكومته. لذلك نقول لأمثال هؤلاء (المغفلين) إن الثوار والمجاهدين الصادقين في سورية يعلمون علم اليقين بأن المجتمع الدولي أحد أطراف المؤامرة الكبرى ضد شعب سورية. فوفروا على أنفسكم مثل هذه التكهنات.
على الجميع أن يعلم كذلك بأن معارضة أمريكا وإسرائيل ومن معهم من المجتمع الدولي لترشيح الأسد نفسه لحكم سورية، تشبه إلى حد كبير معارضتهم للإنقلاب في مصر. فالرفض الخجول لترشيح الأسد يوحي برضاهم الكبير لأن يكون الأسد رئيسا لسورية إلى الأبد، وكذلك رضاهم بالإنقلاب العسكري في مصر إلى الأبد. وخجلهم ذلك ليس موجها إلى الشعوب الإسلامية والعربية، فهم لا يخجلون من شعوب لا كرامة لها (في الوقت الحالي على الأقل)، وإنما ذلك الخجل المقصود به شعوبهم التي يحكمونها فهم يحترمون شعوبهم التي يظهرون أمامهم بمظهر الإنسانية والديمقراطية، فلا يريدون أن تراهم شعوبهم وحوشا كاسرة لا تطبق ما يسمونها الديمقراطية إلا بحسب مصالح شخصية فقط.
ما يحدث في سورية صورة واضحة لكل العيان، وليست بالألوان بل مكونة من لونان، فهو إما أبيض أو أسود لا غموض ولا حيرة، خير ضد شر لا لبس في ذلك، وحشية خبيثة، ضد شعب صبر صبرا لم ترى له الإنسانية مثيلا. الصورة واضحة وضوح الشمس لكن الأعمى ليس أعمى البصر بل أعمى البصيرة. فمن يرى بشار وهو يطلق براميله المتفجرة ويطلق غازاته السامة وصواريخه على البيوت والشوارع والمساجد، ليقتل 200 ألف سوري ثم يقول أن بشار يستحق أن يكون قائدا ورئيسا فهو أعمى القلب وأعمى البصيرة، ليس إنسانا بل شيطانا.
الجمهورية
علي حسين باكير
غازي دحمان
وليد شقير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة