..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الاتفاق النووي: إيران ستفتش نفسها بنفسها!

علي حسين باكير

٢٦ أغسطس ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3804

 الاتفاق النووي: إيران ستفتش نفسها بنفسها!
باكير 00.jpg

شـــــارك المادة

صدمة جديدة تضاف إلى سلسلة الصدمات التي سببتها هزالة الاتفاق النووي الإيراني منذ الكشف عن تفاصيله الشهر الماضي، سببها تقرير حصري لوكالة «الاسوشياتد برس» تم نشره بتاريخ 19 أغسطس الحالي يؤكد ما تم تسريبه سابقا حول الاتفاق السري الذي تم توقيعه بين النظام الإيراني والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتفيد المعلومات التي حصلت عليها «الاسوشياتد برس» بأن الاتفاق السري بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية يتضمن أن تقوم إيران باستخدام مفتشين خاصين بها وبشكل مستقل عن الوكالة الدولية لتفتيش منشأة «بارتيش» العسكرية التي ثارت حولها الشكوك سابقا بسب تجارب على تطوير سلاح نووي قيل إنها قد تمت داخل المنشأة.
لقد كان هذا الموضوع حقيقة واحداً من بين ثمانية مواضيع أخرى ناقشناها في مقال نشر في الجزيرة بتاريخ 3/8/2015 تحت عنوان «ما لا تتوقع وروده في نص الاتفاق الإيراني الغربي». هذه المواضيع حقيقة لا يمكن لعاقل أن يتفهمها تحت أي ظرف أو تبرير.
وفقا للمعلومات المنشورة، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية وافقت على أن تقوم إيران باستخدام خبرائها الخاصين من أجل تفتيش منشأة «بارتشين» العسكرية، وهي المنشأة التي يعتقد أن إيران حاولت سابقا أن تطور سلاحا نوويا داخلها، بالإضافة إلى أن تقوم إيران بتقديم عينات من داخل الموقع المذكور إلى الوكالة الدولية لفحصها.
العديد من التقارير أشارت إلى أن إسرائيل هي مصدر هذه المعلومات في محاولة على ما يبدو لتقويض مصداقية ما ورد، لكن رفض الجانب الأميركي التعليق على التفاصيل المنشورة أكد صحتها، وقد اكتفى البيت الأبيض بالقول إنه «يثق بآليات الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من النتائج وإن الوكالة مرتاحة إلى الإجراءات التي تم التوصل إليها مع إيران»!
الإجراء المتخذ غير مسبوق حتى في تاريخ الوكالة نفسها. وتكمن أهمية الموضوع حقيقة في أن إيران ستكون مجبرة على إعطاء أجوبة على 12 سؤالا للوكالة حيال ماضيها المتعلق بما يعتقد أنه نشاطات لتطوير أسلحة نووية (أي الجانب العسكري من برنامجها النووي) وذلك بحلول شهر أكتوبر. وبناءً على النتيجة التي سيتم التوصل إليها سيتقرر رفع العقوبات عن إيران أو إبقاؤها، وبالتالي الذهاب باتجاه تنفيذ الاتفاق النووي أو انهياره، هذا من الناحية النظرية.
أما من الناحية العملية فإن المعلومات التي تم الكشف عنها تطرح تساؤلات كبيرة حول حقيقة الإجراءات المتبعة والتي على ما يبدو يراد لها من قبل كل من واشنطن وإيران أن تكون «إجراءات شكلية» فقط. الاتفاق السري بين الوكالة وإيران تم تصميمه على ما يبدو من قبل واشنطن بشكل متعمد ومسبق لكي تظهر النتيجة خالية من أي شوائب ويتم رفع أي شكوك حول الطبيعة العسكرية لبرنامج إيران النووي، وبالتالي المضي قدما باتجاه تطبيق الاتفاق النووي وإقفال ماضي إيران النووي إلى الأبد.
طريقة التحقق الاستثنائية وغير المسبوقة في نفس الوقت تعد دليلا قويا على ذلك، فهي أشبه بمن يطلب من مشتبه به بجريمة قتل أن ينظف مسرح الجريمة وأن يقوم بعدها بتقديم عينات من المكان للشرطة الجنائية لتقوم بفحصها لتثبت إذا كان متورطا في الجريمة أو لا!
ما يؤكد هذا التوجه هو التصريحات التي سبق لوزير الخارجية الأميركي أن قالها خلال المفاوضات التي جرت ومفادها: «نحن نعلم جيدا ماذا فعلت إيران في السابق، لكن ما يهمنا هو ما ستفعله في المستقبل»، بمعنى أن واشنطن تريد الانتهاء من ماضي إيران حتى تستطيع المضي قدما، ولأن ماضي إيران سلبي كما أظهرت تقارير الاستخبارات السابقة، ولأن إيران رفضت خلال المفاوضات بالموافقة على دخول أي أحد موقع «بارتشين» العسكري بما في ذلك مفتشي الوكالة وهددت بإفشال التوصل إلى اتفاق إذا تم الإصرار على هذا الأمر، فإن إدارة أوباما التي أرادت الاتفاق بأي ثمن وافقت على التنازل عن هذا الشرط وأمنت هذه الحيلة للتغلب على هذه العقبة.
إيران قامت في الماضي بخرق قرارات صادرة عن مجلس الأمن (أي بموافقة الدول الكبرى في العالم بما فيها روسيا والصين) عن سابق أضرار وترصد، ولذلك فإن الاتفاق السري الحالي بين الوكالة الدولية وإيران هو بمثابة السماح لمتهم بأن يحقق هو في أدلة عن نفسه تثبت تورطه أو براءته! ماذا ستكون النتيجة برأيكم؟ أضف إلى ذلك أن لا شيء حقيقة يجعلنا نثق بهذه الوكالة المتهالكة التي لا تصلح لهذه المهمة بدليل سجلها التاريخي الحافل بالفشل، ولعل أبرز دليل على هذا الكلام هو مهمتها الأخيرة المتعلقة بسلاح الأسد الكيماوي.
المثير للسخرية حقيقة أن الطرف الإيراني الذي وقع على الاتفاق السري مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما نقلت بعض التقارير، والذي من المفترض أنه مؤتمن على تنفيذ ما جاء فيه هو «علي حسيني طاش»، الرجل الذي كان مسؤولا عن تطوير البرنامج النووي بين أعوام 2004 و2005، ويعتبر من المسؤولين رفيعي المستوى في الحرس الثوري، وشارك في عدد من اللجان العليا المناط بها الإشراف على البرنامج النووي الإيراني كما يعتقد أنه الرجل الذي أشرف خلال سنوات طويلة على مشاريع تطوير قنبلة نووية إيرانية.

 

 

العرب القطرية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع