..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

"الأنفال" في الساحل السوري.. معركة معارك الثورة

أحمد قاسم

١٣ إبريل ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4041

الأنفال000.jpg

شـــــارك المادة

تكتسب معركة الساحل المشتعلة مؤخراً، أهميةً كبيرة لدى أطراف النزاع في سوريا، وليس من اللغط القول بأنها تصل إلى أهمية ومنزلة المعارك الدائرة في دمشق وضواحيها.
هذه المعركة ذات الحساسية العالية، بمنظور المعارضة، تعتبر المفتاح الأساسي لتشتيت انتباه النظام، وزرع القلق لدى العناصر المقاتلة في صفوفه كالشبيحة والمرتزقة الطائفيين، وتوفر أولى نقاط ارتكاز الثوار على شاطئ البحر المتوسط، لتقطع آخر حدود التلاقي البرية بين رايات نظام الأسد والأراضي التركية.

 

 

بينما يجد النظام في فتح جبهةٍ تهدد جغرافياً خزانه البشري، خطراً داهماً على وجوده ككل وليس على بقعة من الأرض قد يستردها في حساباته عاجلاً أو آجلاً.
فهي معركة بقاء ومصير، لسببين رئيسيين:
الأول: لأنها تقترب من المصالح المادية المباشرة لحلفاء النظام الذين يدعمونه بدافع الإبقاء على وجودهم ومصالحهم في هذه المنطقة، كالمصالح الإيرانية والروسية في اللاذقية وطرطوس وجبلة، ومصالح أصحاب رؤوس الأموال، ونخب الطائفة، المرتبط بقاؤهم عضوياً ببقاء النظام وسيطرته التامة على الجو والبحر والبر.
والثاني: لأنها تمثل مصدر إلهام وقوة عزيمة للثوار في المناطق الثائرة الأخرى، وتوهن عزيمة شبيحة النظام ومرتزقته على جبهات القتال وتدفعهم للتفكير ملياً بمدى قدرة العائلة الحاكمة على حماية قراهم.
بغض النظر عن كل ذلك، يبقى تحليلنا "قاصراً" أمام تحليلات وتنبؤات وسائل الإعلام المؤيدة للأسد، فكيف بأي رجل سياسة، أو مؤثر في صناعتها، أو محلل لآليات صناعة القرار فيها، أن ينسى العامل الطائفي كمحرك دافع لأي مبادأةٍ من جهة "الثورة"!؟.
صحيفة النهار التي راجعت التاريخ حتى عام 1909، شبّهت معارك التحرير بمدينة كسب بمأساة الغزو والهجرة التي عانى منها الشعب الأرمني في ذلك العام، وألقت التهم يمنةً ويسرة على تركيا وهي التي استقبلت عدة عائلات أرمنية داخل أراضيها بعد نزوحهم من كسب بفعل نيران نظام الأسد.
وتجاهل الموقع اللبناني 4 ملايين لاجئ سوري في العالم، باتوا يشكلون في لبنان وحدها ما يقارب ربع السكان، وكل ذلك بفعل نظام الأسد، في أيام لا نزال نعيشها.
موقع المنار نت، الجناح الإعلامي لـ "حزب الله اللبناني"، رد ما يحصل في كسب إلى سعي الثوار "الحصول على منفذ بحري على المتوسط"، و"إفشال الاستحقاق الرئاسي"، و"تضييق الخناق على الدولة السورية" لوقف تقدم جيش النظام في المنطقة الوسطى وريف دمشق.
أما الميادين نت، فقد التقت مع أحد القادة العسكريين، أصحاب المنطق السياسي المؤامراتي على غير العادة!، ليرجع الأمر إلى ما يحدث في جزيرة القرم من صراع إقليمي تصفى بعض جوانبه على الأراضي السورية، وكذلك الصراع الإقليمي بين تياري "الإخوان" و"الوهابية" حسب تعبيره ...إلخ.
وتتلاحق الإشاعات والأكاذيب، المغلفة برعاية الأقلية الأرمنية والحرص على سلامتها من قبل إعلام الأسد، بهدف استقطاب مقاتلين من خارج البلاد، وهو ما حدث فعلاً إذ أعلن أحد المواقع المقربة من النظام عن قدوم 1500 مقاتل أرمني إلى ميناء طرطوس للمشاركة في قتال الشعب، في سيناريو جذب عكف النظام على اتباعه لاستقطاب المتطرفين الشيعة من أرجاء العالم بدافع "حماية" المقامات الدينية.
على الرغم من كل التحليلات والقراءات، تبقى الفاجعة الأكبر، حاضرةً بقوة، عندما ترى من ينسبون أنفسهم للثورة وأهلها، ينكرون على أهل الساحل حقهم في تحرير أرضهم والتخفيف عن إخوانهم في المحافظات الأخرى، بحجج السلم الأهلي، وحماية الأقليات الدينية.
عندما يتجاهل هؤلاء بأن هذا الخطاب فقد كل مصداقية ممكنة مع حادثة إطلاق سراح راهبات معلولا من يبرود بريف دمشق، وأيضاً إجلاء أكثر من 700 عائلة أرمنية من مدينة كسب إلى اللاذقية أو إلى الأراضي التركية في حين لم تسجل أي حادثة اعتداء على الأرمن هناك.
معركة "الأنفال" في الساحل السوري، التي انطلقت من قرى جبل التركمان المحررة، بعد شهر واحد فقط من انسحاب مجموعات "الدولة الإسلامية في العراق والشام" إلى شرق سورية؛ تُوجت بتحرير آخر معبر حدودي يشترك فيه النظام مع تركيا، والوصول لأول مرة -بعمل عسكري- منذ 3 أعوام إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط.
صحيح أن فتح جبهة قتال باتجاه الساحل السوري، يخلق تخوفات عميقة لدى صناع القرار في العالم، كون المنطقة تضم خليطاً من الأقليات الدينية والعرقية والسياسية أيضاً، إلا أن المجتمع الدولي بات على قناعة بأن أسوأ تطرف في سوريا هو تطرف نظام الأسد وصنيعته، ولا شيء قد يخفي هذه الحقيقة.
يقف ثوار الساحل اليوم أمام تحدٍ حقيقي، كبير، ومسؤول، يُحتم عليهم أن لا يألوا جهداً في حماية جميع المدنيين بالساحل السوري، واستهداف المواقع والمقرات العسكرية فقط.
وهذا التحدي لا ينفصل عن قرينه المتعلق بالاستمرار بالمعركة دون توقف أو تراجع، وضبط الصفوف وردع أي تجاوزات محتملة.
ويجب على المعارضة السياسية السورية أن تقف بكل ثقلها إلى جانب تلك المعركة، ودفعها نحو الانتصار والتقدم أكثر فأكثر، لأن أي نقطة سيستعيدها النظام هناك، لن تؤثر سلباً على جبهة الساحل فحسب، بل على الجبهات المشتعلة في سوريا جميعها، لأن معركة "الأنفال" و"صدى الأنفال" و"إخوة الأنفال" وغيرها، ترقى لأن تكون معركة معارك الثورة السورية.

 


أورينت نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع