مجلة العصر
تصدير المادة
المشاهدات : 2866
شـــــارك المادة
في عموده الأخير، كتب المعلق في صحيفة "واشنطن بوست"، ديفيد إغناتيوس، أنه بالتمعن فيما بين السطور في تصريحات الرئيس أوباما حول سوريا في الأمم المتحدة يوم الإثنين، يمكن سماع اعتراف محزن بالفشل: لم تكن الولايات المتحدة قادرة على إعداد إستراتيجية ناجحة للتعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية. ربما علينا أن ندع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول ويجرب حظه.
خطاب أوباما يحمل توقيعين: أدركت الولايات المتحدة على مدى العقد الماضي أنه "لا يمكن فرض الاستقرار على أرض أجنبية". وفي المستنقع السوري: الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي دولة، بما في ذلك روسيا وإيران، لحل الصراع".
بدخول بوتين إلى مسرح العمليات، فإن مرحلة قد طُويت. فقد تضمن خطاب بوتين في اجتماع الأمم المتحدة الخاصة توبيخا مرا للولايات المتحدة لعملها على قطع رأس الأنظمة في العراق وسوريا واليمن وليبيا دون أن تكون لها القدرة على استعادة النظام. "هل تدرك ما قمت به؟" سأل ببرود شديد.
"لعبت روسيا دورا رهيبا ببراعة"، كما قال "ريان كروكر"، وهو دبلوماسي أمريكي سابق محنك، وأضاف: "تمكن الروس من تحويل الموقف الدفاعي إلى هجومي، وهذا لأننا كنا غائبين تماما" بلعبة التصور. والخطر يكمن في أن القوى الإقليمية سوف ترى في الأحداث الأخيرة تراجعا كاملا للولايات المتحدة، مثل انسحاب بريطانيا المنهكة في عام 1971 من الحاميات العسكرية في "شرق السويس"، والتي كان ينظر إليها على أنها اللحظات الأخيرة من الإمبراطورية البريطانية.
يأتي التدخل العسكري في موسكو في وقت تقوم فيه الولايات المتحدة بجرد نكساتها في سوريا والعراق في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية. وقد قدمت الباحثة "ليندا روبنسون" من مؤسسة "راند" تقويما صريحا في شهادته أمام الكونغرس في يونيو الماضي.
وكانت أحكام محللو "راند" مدمرة: قوات الأمن العراقية، الركيزة الأساسية لإستراتيجية الولايات المتحدة هناك: "ليست في الوقت الحاضر قوة فعالة". البشمركة الكردية "قادرة" ولكنها في "وضع دفاعي"، كما إنها "ليست الرصاصة الفضية التي يريد لها البعض أن تكون". القوى القبلية السنية "لا تزال وليدة". وفي سوريا، فإن القوة التي تولت الولايات المتحدة تدريبها وتجهيزها "قليلة جدا ومتأخرة جدا".
واختتمت الباحثة "روبنسون" تقويمها بأدب بالقول إن إستراتيجية الولايات المتحدة تحتاج إلى "تعديلات"، سواء في تحديد شركاء جدد أو إضافة مزيد من القوات الأمريكية أو الانتقال إلى إستراتيجية الاحتواء المحدودة.
وبالنظر إلى هذه الانتكاسات التي تعرضت لها سياسة الولايات المتحدة، فهل يجب على إدارة أوباما أن تنضم إلى موسكو؟ سيكون ذلك خطأ كبيرا، من وجهة نظر الكاتب.
وقال الكاتب إن الروس لا يستطيعون هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، بل على العكس تماما، قد يؤجج التدخل الروسي (بالشراكة مع إيران) المقاومة السنية أكثر مما عليه الآن. وإذا اعتقد حقا الشركاء العسكريون للولايات المتحدة في المنطقة -مثل المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا وحتى إسرائيل- أن واشنطن قد تنازلت لموسكو، فإن المنطقة يمكن أن تصبح أكثر فوضوية، وفقا لما يراه الكاتب.
ولا يزال أمام أوباما عدة خيارات منخفضة المخاطر نسبيا إذا أراد استخدامها. إذ يمكن للولايات المتحدة وحلفائها فرض "مناطق آمنة" في شمال وجنوب سوريا للسماح بوصول المساعدات الإنسانية وفرض قدر أكبر من الأمن. ونقل الكاتب، في هذا السياق، عن المعارض السوري، وليد الزعبي، قوله في واشنطن: إذا تم إنشاء هذه المناطق، فإن المعارضة ستعمل مع المؤسسات الحكومية السورية لاستعادة الخدمات الأساسية. وهذه المناطق الآمنة ستكشف حقيقة أن الأسد لا يمكنه السيطرة على أكثر من نصف الأراضي السورية، حتى مع القنابل الروسية.
كما يمكن للولايات المتحدة أيضا تصعيد القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وفقا للكاتب، وذلك بزيادة الدعم العاجل إلى 25 ألف من القوات الكردية السورية ومقاتلي العشائر السنية في شمال الرقة.
وختم الكاتب عموده بالقول إن أفضل نتيجة على بوتين أن يدركها الآن، مع تحمله بشكل متفاخر عبء مكافحة التطرف الإسلامي، أن فرصته الحقيقية الوحيدة للنجاح هي تسوية دبلوماسية تبدأ بـ"الانتقال المنظم" لمرحلة ما بعد الأسد في سوريا. وما عدا ذلك، يعني أنه قد بدأ مغامرة مؤلمة.
حسان حيدر
غازي دحمان
ظافر محمد العجمي
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة