إياد عيسى
تصدير المادة
المشاهدات : 4455
شـــــارك المادة
في سابقة لها دلالاتها، يُتهم حزب الله بتصفية أحد قياداته حسان اللقيس، صحيح أن الإتهام لم يأت من جهات رسمية، لكنه يعكس مدى الإنهيار الذي أصاب سمعتة الأخلاقية جراء تورطه في الأزمة السورية، وهو اتهام سيلقى أذاناَ صاغية، ويترك ندوباً إضافية على صورته، إلا إذا أُلقي القبض على الجناة، وحوكموا، وهذا مستبعد قياساً لحوادث مشابهة مثل اغتيال القائد العسكري الأهم في الحزب عماد مغنية بدمشق في أب عام 2008،
وقتها انتقل ملف التحقيق من أيدي رئيس المخابرات العسكرية حينذاك اللواء آصف شوكت صهر بشار الأسد، إلى عهدة حافظ مخلوف ابن خالته والمقدم بأمن الدولة.
انتقال التحقيقات عزز الشائعات يومها حول دور محتمل لمغنية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، ولا يراد لشوكت الطامح معرفة تفاصيل مقتله أوالجهة الفاعلة، ساعد في تقوية تلك الفرضية تعرض مدير عمليات بشار وضابط الارتباط مع حزب الله وإيران العميد محمد سليمان للإغتيال قبلها بأشهر قليلة في الشاليه الخاص به في منتجع الرمال الذهبية بطرطوس. طُوي ملف سليمان في أدراج النسيان، واكتفى النظام السوري عام 2011 ببث اعترافات عابرة لجاسوس إسرائيلي من أصول فلسطينية سورية حول مساعدته للموساد في اغتيال مغنية، وحدها الشائعات بقيت صامدة وتزداد شباباً.
لايجوز طبعاً استبعاد تورط إسرئيل في كل العمليات المذكورة، تاريخها وأخلاقها لا يشفعان لها، لكن اللافت في حالتي مغنية واللقيس مسارعتها لنفي ضلوعها بالعمليتين. عادة ما تتجاهل الدولة العبرية الرد على الإتهامات الموجهة إليها بالإغتيالات، يعزز الصمت أو التبني عبر التسريبات الصحفية غير الرسمية ثقة مستوطنيها بقدرتها على تأمين الحماية المسبقة لهم، ويضمن استمرار البروباغندا العالمية التي صنعتها حول امتلاكها القدرات المذهلة في محاربة ما تسميه (إرهاباً).
لم يتأخر بيان حزب الله بتحميل (إسرائيل) مسؤولية إغتيال اللقيس متوعداً بالقصاص، وبالمقابل لم تكتف إسرائيل بالنفي الُمفرد بل تعدته إلى المزدوج هذه المرة عبر الناطق باسم وزارة الخارجية يغال بالمور أولاً، و الذي أكد أن لاعلاقة لإسرائيل متهماً السلفيين بالعملية، وثانياً من خلال تصريحات وزير الطاقة سليفان شالوم للإذاعة الثانية الإسرائيلية.
ما كانت تصريحات هؤلاء لتثير إشارات الاستفهام لولا تناقض تصريحات مسؤولي الحزب ذاته بشأن المتورطين في العملية، إذ خرج رئيس الهيئة الشرعية الشيخ محمد يزبك في تشييع اللقيس عن النص المكتوب للبيان، مؤكداً أن (المُنفذين ليسوا ببعيدين عمن فجروا بالرويس، وحاولوا بالمعمورة والذين يهددون ويتوعدون، لا نخشى فكراً تكفيرياَ ظلامياً).
ما من مستجدات كشفها التحقيق، وتستدعي تغييراً في توجيه بوصلة الإتهام من إسرائيل إلى (التكفيريين)، أو خروجاً على ضوابط الحزب الصارمة بخصوص التناغم الكامل في مواقف أعضائه وأرائهم المعلنة، حاول الحزب معالجة زلة لسان الشيخ بتجاهلها إعلامياً، وإعادة توجيه أصابع الإتهام نحو إسرائيل، والتجاهل ذاته فعله مع تبني لواء أحرار السنة ببعلبك، وكتيبة أنصار الأمة الإسلامية لعملية الإغتيال، وكلاهما من التنظيمات المجهولة.
شيئان أرادهما الحزب، إعادة تسويق نفسه كمقاوم شبه حصري لإسرائيل، واستبعاد أي ايحاءات بأنه يواجه خصماَ جديداَ يوازيه بالقوة والكفاءة (التكفيريين) خاصة أن وقائع الإغتيال تشير إلى احترافية الفاعل، خمس طلقات على الأقل في أماكن قاتلة، الفاعل يعرف ضحيته وسلوكها، مطمئن، وكأنه يتصرف على أرضه وبين جمهوره.
المفارقة أن (شائعة) تورط الحزب في اغتيال الرجل لها ما يدعمها على الأرض تماماَ كأي فرضية آخرى، ويمكن إخراج السلفيين من المعادلة لصالح الشائعة استناداً إلى غموض شخصية حسان اللقيس وطبيعة عمله، وهو ما أكدته التقارير الصحفية حيث استبعدت صحيفة السفير تنفيذ السلفيين للعملية بسبب عدم معرفتهم بالشخص وأهميته ومسؤولياته، جهل لبناني عام ينطبق على أبناء بعلبك مسقط رأس الرجل الذي هو بنظرهم عضو عادي في الحزب كغيره.
أن يلمع الحزب صورة قياداته بعد الرحيل شيء مفهوم ومعتاد، وربما حقيقي في حالة اللقيس، لكن اللافت هو التركيز على قربه من الأمين العام حسن نصر الله، والصداقة التي تجمعهما منذ مطلع الثمانينات حين كان الأخير مسؤولاً حزبياً في بعلبك، تركيز تبدو غايته المنطقية الوحيدة هي الإيحاء بأن القتيل كان برعاية السيد وحمايته شخصياً، وعلى مبدأ (يكاد المريب يقول خذوني).
تتضارب المعلومات حول مكانة القائد الحزبية من مسؤول الإتصالات، إلى مشرف على التسليح والصواريخ، إلى كاتم أسرار المقاومة في إشارة لدور استخباراتي ما. يبقى الثابت أن الإغتيال وقع في منطقة الحدث – السان تيريز على تخوم ضاحية بيروت الجنوبية، وتحت السيطرة الأمنية المطلقة للحزب. والمثير للجدل هو كيفية الإغتيال، فلأول مرة بتاريخ المواجهة بين الحزب وإسرائيل، تتم التصفية بالرصاص وجهاً لوجه وليس بالعبوات الناسفة والمفخخات، ولو افترضنا أن الكيان العبري هو المُرتكب، وغايته تأجيج المواجهة المذهبية في لبنان، أما كان الأجدى للموساد استهداف الرجل مع المبنى في منطقة محسوبة على الشيعة لإلصاق التهمة بمتطرفي السنة؟. خاصة أن (جسمهم لبيس) للسيارات المفخخة ، ولو كانوا الفاعلين لاختاروا بلا تردد نسف الحي وليس البناء فقط تنفيذاَ لتهديدات سابقة مفترضة.
لكل جريمة أسبابها، والشائعة حددت المسببات في اعتراض حسان اللقيس على تدخل الحزب بالشأن السوري معتبراً أنها بداية النهاية، مالذي قاله الرجل؟.. وإلى أي حد وصل بانتقاداته تزامناً مع تصاعد التذمر الداخلي وتفاقم الخسائر؟. لا أحد يعلم، لكن يكفي مجرد الاعتراض على التكليف الشرعي للولي الفقيه لإهدار دمه. ماقبل تورط حزب الله في سوريا ليس كما بعده، الدم السوري كشف القناع عن حقيقة الحزب، ليس أكثر من مافيا إيرانية طائفية قاتلة، سماحة السيد بالأمس هو ذاته العراب اليوم، ومن طبيعة العراب أن يأمر بقتل الأعضاء المتمردين على أوامره ورغباته.. الحزب خارج الإدانة داخل الشبهات، كما كل المجرمين القتلة. أورينت نت
خالد مصطفى
سلوى الوفائي
ناصر الرباط
جورج سمعان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة