..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مرتكزات الوحدة المنشودة بين فصائل العمل الإسلامي المعاصر - 2 -

أحمد أرسلان

٢٩ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5254

مرتكزات الوحدة المنشودة بين فصائل العمل الإسلامي المعاصر - 2 -
n00110727-b.jpg

شـــــارك المادة

تلخيص وعرض من كتاب

( الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر )

للدكتور صلاح الصاوي 

الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر ( تلخيص )

-2-

 

مرتكزات الوحدة المنشودة بين فصائل العمل الإسلامي المعاصر:

أولاً: التفريق بين فقه الاجتماع في مرحلة الدعوة والبناء، وفقه الاجتماع في مرحلة تعين الجهاد والدفع العام:

هناك حركات إسلامية جامعة تُجيّشُ الأمة بمختلف طوائفها لتقود المعركة، وتتمحور حول الالتزام بالجمل الثابتة في الكتاب والسنة والإجماع، وتتكون قاعدتها من عامة الأمة ممن لا يزالون على انتسابهم للشريعة وولائهم للإسلام، ومعقد ولائها وبرائها هو الالتزام المجمل بالإسلام، والاستعداد للمشاركة في الجهاد.

والوجود الطبيعي لها في دار الحرب، أو حيث تنعدم شرعية الراية في بلد من بلاد المسلمين لقيامها مثلاً على العلمانية وتحكيم القوانين الوضعية، وفي هذا الإطار تتوجه دعوتها إلى المسلمين كافة لمجاهدة عدو لا مماراة في عداوته، والانتصار لما لا يُختلفُ عليه من دين الإسلام.

أما المذاهب العلمية فهي حركات إحيائية تسعى غالباً داخل إطار إسلامي قائم للدعوة إلى عدد من الأصول العلمية والعملية، ترى أن اعتقادها من مقتضيات الإيمان، فحركتها تتجه في الأصل إلى من ثبت له عقد الإسلام لدعوته إلى التزام اختياراتها العلمية والعملية، وخصوماتها تنعقد مع ما تراه من البدع والمحدثات، ودائرة ولائها وبرائها هي الالتزام باختياراتها الخاصة.

والوجود الطبيعي لها يكون في دار الإسلام، وفيها يتم محاكمة اختيارات هذه المذاهب في ضوء الأصول الثابتة في الكتاب والسنة، ليعلم مدى قرب هذه المذاهب أو بعدها من جماعة المسلمين، ويتقرر في ضوء ذلك الموقف الصحيح في التعامل معها.

ثانياً: القاعدة العامة في الحركات الجهادية هي الالتزام بالمجمل بالإسلام والاستعداد للمشاركة في الجهاد.

والحذر من أن يجعل شيء من الاجتهادات الفروعية  أساساً للولاء أو البراء، مهما بلغت درجة اقتناع صاحبه به واقتناعه بخطأ المخالف فيه، حتى لايؤدي اختلاط الأمور إلى ترخُّص في قطعي مجمع عليه، أو تهارج بسبب ظني مختلف فيه، مع ما يترتب على ذلك من استمرار الفرقة، وتكريس التشرذم، وإعطائه بعداً عقدياً وسلفياً يعسر تجاوزه.

إن العمل الجهادي إحياء جهادي شامل يتسع لمختلف المذاهب الفقهية، ويُجيِّش أتباعها جميعاً ليخوض بهم معركة يواجه فيها الكفر الصراح والردة السافرة، ويدافع فيها عن أصل وجود الإسلام، وعليه أن لا يحبس نفسه في إطار اجتهادات فقهية.

وذلك مراعاة لضرورة الاجتماع الذي جعلته النصوص معقد الرحمة ومناط الفوز والغلبة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( والواجب أمر العامة بالجمل الثابتة بالنص والإجماع، ومنعهم من الخوض في التفصيل الذي يوقع بينهم الفرقة والاختلاف، فإن الفرقة والاختلاف من أعظم ما نهى الله عنه ورسوله ). مجموع فتاوى ابن تيمية 12/237.

ثالثاً: ليس المحذور جريان الخلاف في الفروعيات، وإنما المحذور هو التعصب والبغي على المخالف:

الخلاف في المسائل الفرعية واقع لا محالة، وإن قدراً منه مقصود ابتداءً للشارع، إذ لو شاء الله أن ينزل القرآن على نحو لا يحتمل إلا وجهاً واحداً ما أعجزه ذلك، ولو شاء أن تكون السنة على نحو لا يحتمل في الفهم إلا وجهاً واحداً ما أعجزه ذلك كذلك، ولكنه جعل كثيراً من نصوص القرآن والسنة على نحو يحتمل في الفهم وجوهاً متعددة، ليدل على أن من هذا الاختلاف ما هو مقصود ابتداءً للشارع، ليكون توسعة على العباد ورحمة بالأمة.

قال الزركشي – رحمه الله - : ( اعلم أن الله لم ينصب على جميع الأحكام الشرعية أدلة قاطعة، بل جعلها ظنية قصداً للتوسيع على المكلّفين، لئلا ينحصروا في مذهب واحد لقيام الدليل القاطع..) الاختلافات الفقهية، د. أبو الفتوح البيانوني:23.

ولهذا لم تتجه إرادة السلف إلى حسمه على مستوى الأمة، وإنما كان اعتناؤهم بإحياء فقه الاختلاف وأدب الخلاف.

قال عمر بن عبد العزيز: ( ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا، لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ورجل بقول هذا، كان في الأمر سعة) مجموع الفتاوى لابن تيمية: 30/80 .

وهذه التوسعة لا تعني الأخذ بالهوى والتشهي، بل الاجتهاد على ضوء الكتاب والسنة واجماع الأمة او للعامي أن يقلد أوثقهم عنده.

رابعاً: إن الخطأ المغفور في الاجتهاد في المسائل الفروعية يتناول الأمور العلمية والأمر العملية على حد سواء:

فهو ليس خاصاً بفروع العمل فحسب كما قد يتوهم بعضهم، فيجب أن يفرق بين من يغلط بتأويل صفة من الصفات، وبين من يتحزب على مبدأ التأويل والتعطيل للصفات كافة.

فيجب التفريق بين الغلط الجزئي وبين التحزب على قاعدة كلية تخالف ما عليه الفرقة الناجية، وقد جعل الله لكل شيء قدراً.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وحقيقة الأمر في ذلك أن القول قد يكون كفراً، فيطلق بتكفير صاحبه، ويقال: من قال كذا فهو كافر. لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية. هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام ). مجموع فتاوى ابن تيمية 3/ 229  - 23/ 345-346.

خامساً: نسبية الخلاف المتعلق بتحقيق المناط:

إن الأصل في الخلاف المتعلق بتحقيق المناط، وإدراج الجزئي المعين في نطاق القاعدة الكلية التي تشمله، أنه من الخلاف في الفروعيات التي لا يشنع فيها على المخالف، ولا يقدح في دينه ولا في عدالته، لارتباطه بالدراية بالواقع أكثر من ارتباطه بالعلم الشرعي.

كمثل الترخيص بالتيمم للمريض، فإن أردنا معرفة الحكم الشرعي بالنسبة لمريض معين ليرخص له أو لا يرخص، فإننا لا نحتاج إلى اللغة العربية، ولا إلى معرفة مقاصد الشرع في باب التيمم فضلاً عن سائر الأبواب، إنما يلزم أن نعرف بالطريق الموصل: هل يحصل الضرر، فيتحقق المناط؟ أم لا، فلا يتحقق؟ ولا شأن لهذا بواحد من الأمرين، إنما يعرف بالتجارب في الشخص نفسه، أو في أمثاله، أو بتقرير طبيب عارف.

فتحريم الخمر على سبيل المثال قطعي، بل من المعلوم من الدين بالضرورة، وكون العلة في تحريمها هو الإسكار قطعي كذلك، ولكن تحقيق هذا المناط في جزئي بعينه قد يكون ظنياً وتتفاوت فيه الآراء.

وردُّ الحكم الشرعي كفر أكبر، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة كذلك، ولكن تحقيقه في مناط معين بأن يقال: قد تحقق الرد في الصورة أم لم يتحقق. قد يكون ظنياً .

سادساً: ضرورة التحقق من استيفاء الضوابط الشرعية للهجر، قبل التثريب على المخالف:

فيجب الانتباه عند تطبيق الهجر الشرعي، بسبب الإصرار على خطأ بيِّن، إلى استيفاء الضوابط الشرعية لهذا الهجر، من تحقق السبب الموجب له، وتحقيق الهجر لمقاصده الشرعية، من زجر المبتدع ورجوع العامة عن مثال حاله، وصيانة السنة من شائبة البدع، وألا يعارض المصلحة المبتغاة منه بمفسدة راجحة، وأن تكون درجة الإنكار تابعة لدرجة المخالفة.

وفي الحلقة الثالثة نفصل في هذه النقطة.
 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع