..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

أيُّها الثوار: لا تحسبوا اتفاق تدمير الكيماوي شرًّا لكم

محمد عبد الرازق

٢٢ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2899

أيُّها الثوار: لا تحسبوا اتفاق تدمير الكيماوي شرًّا لكم
00.jpg

شـــــارك المادة

لا أُخطئ القول إذا ما قلتُ: إنّ شريحة لا بأس بها من الثوار قد ارتاحت نفوسُهم عندما علَتْ نبرة الحديث عن الضربة التأديبية التي تنوي الإدارة الأمريكية توجيهها لنظام الأسد بعد مجزرة الغوطة الكيماوية فجر الحادي و العشرين من شهر آب، الفائت؛ و ذلك أنها لو وقعت لشفت نفوسهم من ألمٍ يعتصرها من هول ما رأوا من فجور هذا النظام بحق أبناء سورية.



غير أنّ الأمور قد جرت بحسب ظواهر الأمور على غير ما كان الكثير من المتابعين يتوقعون؛ فلقد أسفرت جملة التفاهمات السرية بين روسيا و أمريكا من طرف، و إسرائيل و كلتا الدولتين من طرف آخر على تنحية الخيار العسكري (حاليًّا) جانبًا، و الالتفات إلى نزع السلاح الكيماوي من قبضة الأسد، و وضعه تحت الرقابة الدولية؛ تمهيدًا لإتلافه، و من ثَمَّ انضمام سورية إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية.
الأمر الذي فسره عددٌ من المتابعين على أنه خدمة للنظام، و من ورائه إسرائيل أيضًا، و هو الفهمُ الذي أعطى إشارة له بالتغاضي عن ضرب بؤر التوتر بينه و بين الثوار بشتى أنواع الأسلحة طالما أنها خلت من الكيماوي، و طالما أن الجارة الوصية قد منحته قدرًا جديدًا من الرضا جرّاء تصرفه هذا.
بغض النظر عن صحة التكهنات حول ما جرى من محادثات أسفرت عن توقيع اتفاق تدمير السلاح الكيماوي؛ فإنّ الأمر قابلٌ لأن يُقرأ من زاوية أخرى يتجلّى فيها كثيرٌ من الإيجابيات التي ستصب في خانة الثورة السورية، و لعلّ من أهمها ما يأتي:

1ـ إنّ التخلص من الأسلحة الكيماوية من لدن النظام قد أراح الثوار من سؤال طالما لاحقهم خلال محادثاتهم مع ممثلي أمريكا، و الدول الأوربية الأخرى الصديقة لهم: ماذا أنتم صانعون حيال الأسلحة الكيماوية بعد سقوط الأسد.
2ـ إن الأسد في فعلته هذه قد أسقط عنه ورقة توت المقاومة و الممانعة، التي طالما تغنّى بها هو، و أتباعه على مدى أربعين عامًا خلت.
3ـ إنّ الضربة الأمريكية ما تزال خيارًا موضوعًا على الطاولة، و لربما تكون أعنف من المتوقع إذا ما تلكأ الأسد في تنفيذ تعهداته بالكشف عن كامل مخزونه من هذا السلاح، و بهذا الصدد يكون الرئيس أوباما قد أعذر أمام المشرعين الأمريكيين بغرفتيهم؛ بأنه قد أعطى الدبلوماسية فرصة النجاح في حين أن الأسد قد ألجأه إلى استعمال القوة بمراوغته التي طالما عُرفت عنه.

و في هذه الحالة سيستخدم أوباما صلاحياته الدستورية في استخدام القوة من غير الرجوع إلى غرفتي الكونغرس.
و لعلّه من نافلة القول أن نذكر المتابع للحدث السوري بأن العراق لم يقع فريسة تحت القبضة الأمريكية إلاَّ بعد أن قامت فرق التفتيش الأممية بإعطاء تقريرها بأنه قد غدا خلوًا من أسلحته الردعية في أوائل عام (2003م ).
و هذا ما نتوقع أن ينتظر سورية في قادم أيامها؛ إذْ ليس من الحكمة أن يتمّ ضرب الأسد و في جعبته (ألف طن) من الغازات السامة، و هو الذي يعيش لحظات يأس و قنوط بعد إشعاره بانتهاء أدواره الوظيفية التي عاش طيلة أربعين سنة و هو يؤديها على خير وجه.

فلا يمكن لأمريكا و من معه من الحلفاء و في مقدمتهم فرنسا أن يأمنوا ألاّ يطلقها تجاه الجارة إسرائيل، و هو ما عبر عنه صراحة الرئيس أوباما.
4ـ لقد جنّبَ اللهُ الثورة كثيرًا من الحرج فيما لو وقعت الضربة الأمريكية و سقط من جرّائها النظام؛ إذْ سيطالهم ما طالَ المعارضة العراقية التي جاءت إلى بغداد على أعقاب التدخل الأمريكي.
5ـ إنّ ما رأيناه من تدمير للبُنى التحتية، و المؤسساتية العراقية من جراء التدخل الأمريكي في العراق؛ ليجعل المرأ يضع يده على قلبه، و يتوجس خوفًا من أن يحصل ذلك في سورية فيما لو حصلت تلك الضربة. و ذلك أنّ المرأ لا يعرف حينها من أين تأتي القذائف (الغبية منها، أو الذكية)، و هو ما دمّر العراق (دولة ومؤسسات).
6ـ إنّ سقوط نظام الأسد في تلك الأثناء ـ و حال الثوار كما نرى و نعلم ـ أمرٌ لا يعود على الثورة بكثير فائدة. فأين الحكومة التي ستسد الفراغ الذي كان سيحصل في اليوم التالي لسقوط الأسد؟ و حسنًا فعلت قوى الثورة ممثلة بالائتلاف الوطني أن تداركت الأمر، و بادرت عشية هذا الاتفاق إلى تشكيل حكومة مؤقتة تباشر مهامها في الأراضي المحررة، تكون نواة حكومة طوارئ تتهيأ للقادم من الاحتمالات التي تتنظر سورية؛ فلأيام حبلى بكثير من المفاجآت.
لهذه الأسباب مجتمعة؛ أقول:

على أبناء الثورة أن يطمئنوا إلى القادم من الأيام، و لا يجعلوا اليأس يدبّ إلى نفوسهم من جرّاء تضاؤل فرص معاقبة الأسد، و خروجه مؤقتًا بمهلة كسبها من جرّاء تنازله عن سلاح الردع الذي كان يتاجر به، و الذي كلّف سورية ملايين الدولارات المقتطعة من جيوب الشعب؛ ففي هذا الذي حصل منه خيرٌ لكم، و وبالٌ و شرٌ عليه.

 

 
أرفلون نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع