أبو عبد الله عثمان
تصدير المادة
المشاهدات : 3797
شـــــارك المادة
وليس من عادة ولا عهد الثوار بثوراتهم أن يقدموا كل هذه التنازلات القاتلة التي تؤدي بهم إلى الهلاك والفشل من حيث لا يشعرون.. علينا أن نعلم وعلى كل من يعتبر نفسه من الثورة أن يعلم أن الثورة هي حدث مجلجل مزلزل وليست رحلة ترفيهية، وأن الثورة تربية وتقدم للنفس والأخلاق والفهم والمنطق قبل أن تكون تقدماً على الطاغية والمتآمرين معه، فلا ثورة مع تراجع في تطبيق المبادئ ولا ثورة دون إعادة النظر لكل شخص في نفسه وفكره وممارساته، ولا ثورة أبداً بدون البحث عن التطوير والنقد والتبرؤ من كل طرق الاستبداد وفرض الرأي أو الاستخفاف بآراء الآخرين.. إنهما لا يجتمعان أبداً ثورة واستبداد.. ولا يجتمعان أبداً ثورة وإثبات كلّ ثائر لذاته، وكلِّ ذي كتيبة لكتيبته وكل ذي جسم سياسي لجسمه وكل ذي صوت إعلامي لصوته وكل صاحب رأي لرأيه.. دون أن يكون كلُّ ذلك ضمن إثبات للثورة الأم ونجاحها، بل إن من أشد الآلام أن يسعى هؤلاء إلى إثبات وجودهم أكثر مما يسعون إلى إحراز تقدم في الثورة حتى ولو لم يُذكر لهم أمام العالمين فضل أو اسم ولم يحققوا بهذا التقدم أي شهرة.. لا أدري هل يضر الثوارَ الأحرار أن تنجح الثورةُ ويكون كل ما قدموه لها مخفياً لم يظهر ولم يكن هو الوسيلةَ لبناء مستقبل مزهر لأنفسهم وأشخاصهم! أو هل يضرهم أن يقدموا شيئاً نوعياً للثورة دون أن يكتب التاريخُ عنهم ذلك بل يكتفون بما تسجله الصحف التي لن تنشر إلا يوم العرض في المحشر وأمام رؤوس الأشهاد.. إن التنازلات التي يقدمها بشار قد لا تؤخر النصر لكن التنازلات التي يقدمها الثوار تؤخر النصر وتبعث على الفشل، إنها تنازلات عن أهم المبادئ والمقومات الأساسية لنجاح الثورة، فحينما نتنازل عن روح العمل الجماعي، ونتنازل عن التشاور مع أهل الخبرة والتجربة، ونتنازل عن العمل المشترك الحقيقي مع من نتوافق معهم ومع من نخالفهم، وحينما نتنازل عن مد يد العون إلى الثوار الآخرين لمجرد أنهم يختلفون عنا في "الدعم" أو الرأي أو المسمى.. فإننا بذلك نكون نرتكب جرائم حقيقية بحق عشرات آلاف ممن قدم روحه رخيصة في سبيل النصر والفلاح.. ما معنى أن تجد إلى اليوم من يبحث عن الدعم بوسائل تمثيلية؟ وما معنى أن تجد إلى اليوم من يدعم أشخاصاً لأجل الولاء؟ وما معنى أن تجد إلى اليوم ورغم آلام مئات ألوف الناس أن يكون الدعم أو تشكيل قيادات العمل العسكري أو الإغاثي على اعتبار التزكية أو الانتماء أو الولاء وليس حسب الخبرة والصلاحية والأهلية؟ وما معنى أن تجد صاحب الخبرة في قيادة المعارك والمؤهلَ لها يبحث عن الدعم ولا يجده، وترى آخرين يلعبون بالسلاح كما يريدون وهم غير مختصين ولا مؤهلين لقيادة أي عمل بسيط؟ وما معنى أن تجد إلى اليوم في المناطق المحررة عشرات التكتلات العسكرية التي لا تُحسن الاتفاق على عمل مشترك عسكري واحد؟ وما معنى أن ترى الكتائب العسكرية تراوح في مكانها في بعض المناطق بسبب كثرة الزعماء وغياب العمل المشترك وعدم وجود من يقدر على انتشالهم من العمل الفردي الفاشل إلى العمل الجماعي الفاعل الذي هو أهم أداة من أدوات النصر والإنجاز؟ أليس كل ذلك تنازل عن أهم مقومات هذه الثورة وأهم مقومات النصر والتأييد؟ أليس إلزام كل من ندعمهم بالولاء والانتماء فشلاً؟ أوليس استخدام أساليب التخوين والإسقاط فشلاً؟ أوليس استبدال النقد البناء والإصلاح والنصح وحسن الظن بالفضح والإشهار والإسقاط فشلاً وسخفاً؟ أوليس عدم الاجتماع على برنامج سياسي واحد لجميع الثوار في الداخل حتى اليوم فشلاً؟ أم أنه يرضيهم أن يكون لكل كتيبة رؤية سياسية أو موقف أو دولة أو خلافة؟ ألا ينبغي أن يتفقوا على أولويات المرحلة على الأقل؟ أوليس عدم التقاء الجميع على مرجعية شرعية معتبرة للأحكام والقضايا الشرعية حتى اليوم فشلاً؟ أو ليست كل هذه المصائب هي كلها تنازلات عما لا بد منه للنصر واقتراب الفرج؟ ألم يحن الوقت للمراجعة؟ ألم يحن الوقت بعد ليراجع كل شخص نفسه وينظر بمنظور عشرات آلاف المغيبين في السجون وقد طال عليهم الأمد؟ ألم يحن الوقت بعد ليشعر كل زعيم أو أمير أو قائد عظيم أو سياسي محنك بما يشعر به ملايين من الأطفال والنساء الذين يعانون من الهجرة متفرقين في الأرض هائمين.؟ ألم يأت الوقت بعد لندرك جميعاً الآلام والفقر والمعاناة التي يصبح ويمسي عليها ملايين العائلات في الداخل؟ ألم يأت الوقت لندرك أنه لا مخرج لنا إلا بعمل مشترك جماعي واحد سواء في ذلك الجانب العسكري أو السياسي؟ ألم يأت الوقت لندرك أنه صار من الضروري جداً أن يكون لجميع الثوار رؤية سياسية مرحلية واحدة يتفقون عليها؟ ألم يأت الوقت لتندمج جميع كتائبنا في كتل كبيرة تتحكم بها قيادة تشاركية توزع المهام وتضع الأولويات العسكرية وتحسن الاستفادة من الخبرات وتوزعها وترشد الدعم وتضعه ضمن رؤية شاملة وتدير خطوط الإمداد وتربط بين الكتل العسكرية والمناطق وتنسق فيما بينها.. أوقد آن أوان ذلك أم ننتظر حتى نكون كالكرة تتقاذفها أمواج مصالح أنصاف البشر؟ إن كل من يظن أننا سنحقق النصر الذي نرضاه ونحن على هذه الحالة فإنه واهم ومخطئ، إن هذه الحالة هي الوصفة المناسبة تماماً ليمارس الغرب ضغوطه علينا ويتحكم بنا ويدخل في صفوفنا ويحقق نصرهُ على أيدينا..!
لا بد لا بد من أن نصحو قبل فوات الأوان.. لن تصنع أمريكا لنا النصر ولن يصنع لنا استسلامنا لحالنا هذا أي نصر..
إن الذي انتقل من اللاشيء فصنع السلاح والصاروخ والقنابل هو قادر بعزيمته وإصراره وإخلاصه أن يصنع النصر ويتفوق على الفاسدين والعشوائيين، وأهم من ذلك كله أن ينتصر على نفسه.
حسام شاكر
عباس شريفة
زياد عيتاني
أحمد أبا زيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة