..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

جهاد دون جهاد

أنور قاسم الخضري

١٦ يونيو ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4617

جهاد دون جهاد
1 أنور الخضري.jpg

شـــــارك المادة

‏لا يشك من يعرف الفقه الإسلامي وأحكام الجهاد، وما يتعلق به من مسائل القتال والتحالف والتناصر، أن الجهاد أنواع ومراتب قسمَّها بعض أهل العلم في ضوء أهدافها، أو في ضوء وظائفها وأدوارها، أو في ضوء أطرافها.

 


فليس الجهاد محصورا بالقتال من أجل إقامة حكم الله في الأرض، وإن كان ذلك من أعظم صور الجهاد.
كما أن القتال قد يأمر به تارة ولا يكون بمفهوم الجهاد الخاص، كما يحدث مع أهل البغي أو الخارجين على سلطة الحاكم، أي بين طائفتين مسلمتين، إلا أن المقتول فيه شهيد إن ناصر الحق والعدل وأخلص النية.
ومن ثم فلا ينبغي الخلط والتلبيس في تشويه صورة قتال من يرى أن الجهاد في سوريا إنما هو جهاد دفع الصائل المعتدي، وأن غايته حفظ الدماء والأعراض والأموال، وإزالة الظلم والطغيان، وإن جعلت جبهة النصرة وغيرها من هذا الجهاد هدفا لإقامة دولة الإسلام وحكم الله.
لأن الأول يرى إمكانية قدرته واستطاعته قبل وبعد الثورة، ومدى ما قد يحدثه ذلك من تكالب الأعداء جميعا للقضاء عليهم جميعا دون تحقيق غايتهم، فيضعون جهادهم في نسق الحال والظرف.
وقد أفتى بعض علماء المسلمين من المتقدمين والمتأخرين بجواز مشاركة المسلمين الكفار لقتال الصائل إذا أرادهم جميعا وكان في قعود المسلمين خطرا عليهم لكونهم الأقل عددا.
فيكون قتالهم مع الكفار وإن لم يكن لهدف إقامة الدولة جهادا باعتبار دفاعهم عن دمائهم وأعراضهم وأموالهم.
فإن دفاعهم عنها واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ثم إنه يسقط عليهم ما يعذرون فيه لعدم قدرتهم وتمكنهم، ولا يطالبون به على أساس أنهم ضحوا بأنفسهم وبذلوا دمائهم وأموالهم، فإنَّ هذا إلزام بغير ما التزموا به ولم يجب عليهم.
فكلا الطائفتين، المجاهدة لدفع الصائل والمجاهدة لإقامة دولة إسلامية في سوريا، مجاهدتان ومأجورتان. وخلافهم مبني على تقديرهم للأمور، فلا يجب أن يتنازعوا بينهم ويتهموا نيات بعضهم بعضا.
بل الواجب إحسان الظن بالآخر، والجلوس إليه والتحاور معه وبيان وجهة النظر الخاصة للبلاغ والإعذار.

وغاية ما يمكن أن يقال في الذين يرون بأن الجهاد جهاد دفع، أنهم مجتهدون إما مصيبين أو مخطئين، وكذلك مخالفيهم في الرأي.
ومن أنكر أن الجهاد في سوريا جهاد دفع وأثَّم القائل بذلك، وجعله فقط جهاد إقامة دولة وتأسيس خلافة أخطأ وشط في دعواه.
فتصور المسألة يسع الخلاف فيه، ومن لم يعذر المخالف يوشك أن يستبيح دم أخيه ظلما وعدوانا.. ((فاتقوا الله يا أولي الألباب))!
فلا يقال لمن قاتل لغاية دفع الصائل وحفظ الدماء والحرمة، دون الدولة، لعجزه وضعفه أو لتأوله ونظره في المآلات، إنه مات ميتة جاهلية أو ليس بشهيد، ومثل هذا الإطلاق لا ينبغي على العالم في مثل هذه الأحوال.
وقد قال ابن القيم –رحمه الله- في (عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين: ج1/22): "ومن الصبر المحظور صبر الإنسان على ما يقصد هلاكه من سبع أو حيات أو حريق أو ماء أو كافر يريد قتله، بخلاف استسلامه وصبره في الفتنة وقتال المسلمين فإنه مباح له بل يستحب كما دلت عليه النصوص الكثيرة".

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع