..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ما هو المطلوب من الحكومة المؤقتة؟

عقبة مشوح

٢ إبريل ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7276

ما هو المطلوب من الحكومة المؤقتة؟
وكيري0.jpg

شـــــارك المادة

" فالثورات الأرضية حصيلة جهد إنساني محكومٍ بزمانه ومحكومٍ بمكانه ومحكومٍ بما هو أخطر بالحالة العقلية وبالحالة العاطفية والنفسية للإنسان المفكر ، لأن هؤلاء جميعاً تلوّن تفكير الإنسان وتجعله يسير باتجاهٍ معين"
"الثورة الفرنسية في الواقع كانت حصيلة اختمارٍ ذهني وعقلي في المجتمع الغربي عموماً ، لكنها حين انفجرت أين ذهب الذين فكروا ؟ وأين ذهب الذين قدروا ؟ وأين ذهب الذين كتبوا ؟"

 


"ونحن نفحص الثورات ، نجد أن الثورات عموماً كالهرة تأكل أبناءها ، فالذي يقوم بالثورة اليوم يمارس العنف على خصومه ، ولكن يجب ألا يغيب عن البال أن كل فعل يتطلب رد فعل يوازيه ويكافئه ، وهذا القانون صادق في الإنسانيات ، كما هو صادق في الطبيعة"
فصل جديد يستفتح في الشق السياسي من الثورة السورية وبعد مرور عامين على انبثاقها وانفجارها من درعا الأبية في 18 آذار 2011. حكومة مؤقتة حلم بها السوريون طويلا.
ربما منذ أكثر من خمسين عاما، منذ انقلاب البعث المشؤوم، وهاهي أخيرا تأتي بعد شد وجذب طويلان في السبيل إلى إدارة المناطق المحررة وضبط الأمن الثوري وتسيير أمور الناس المدنية بعد فوضى واضطراب لا يخفيان نتيجة غياب مظاهر الدولة عن كم كبير من المدن السورية.
بداية لا بد من الملاحظة أن تكوين صورة شبه متكاملة أو أقل وشبه دقيقة أو أقل عن الثورة لا يكفيه أن تكون نظرته من الداخل فقط، ولا من الخارج فقط، ولا يكفيه كذلك أن تكون نظرته من ثائر عامل على الأرض، ولا من متابع سياسي أو فكري من وراء الشاشات أو على مساند الطاولات والمكاتب، ولا يكفيه أيضا نظرة من أحد معارضي وسياسيي الداخل، ولا من رواد قاعات المؤتمرات والفنادق وأروقة السياسة الخارجية والمحافل الدولية، بل هي خليط من كل أولئك بنظراتهم المختلفة حتى نرى صورة مثلى لمواقف الثورة المختلفة الجزئية منها والكلية.
أعترف بأن تعقيدات هذه الثورة وتناقضاتها جعلت كل تحليل وكل رأي يقصر عن إدراك الحقيقة داخلها لذلك قلت للعديد خصوصا من الإخوة العرب أن لا يتورطوا بحكم نهائي على مكون سياسي أو ثوري أو عسكري أو موقف ما من هذه الثورة ككل سوى أنها ثورة حق عادلة يجب دعمها أما التفاصيل فهي بحاجة إلى مقاربات عديدة قد لا تستوضح بشكل نهائي إلى ما بعد سنين طويلة على هذه الثورة.
قدمت الثورة حتى الآن مايقارب الثمانين ألف شهيد موثقين بالأسماء وكم كبير منهم بالفيديوهات في عمل جبار قام به نشطاء وإعلاميو الثورة وقدم بسببه المئات منهم حياتهم ثمنا لهذا النقل والتوثيق.
العارفون بمسارب هذا العمل يدركون أن مالم يوثق هو مثل ما وثق إن لم يكن أكثر أي أننا نتحدث عن مائة وستين ألف شهيد والكثير الكثير من المعتقلين والمهجرين والمغيبين والجرحى والمتضررين، ثمن فادح دفعته الثورة السورية جعل العديد يسألون عن جدوى ماحدث ككل تارة وعن جدوى التسلح تارة أخرى وعن جدوى عدم الحوار تارة ثالثة، مغيبين فكرهم عن سنن التدافع الكونية ونواميس التفاعلات الاجتماعية وطبيعة هذه الثورة اللا مركزية والتي لا يسيرها إلا قوة شعبية خفية وأخرى ربانية ظننا كثيرا في أوقات سابقة أنها انتهت فإذا بها تبزغ من جديد كالوحش ذو الرؤوس السبعة، كلما قطعت واحدا نما آخر، وكطائر الفينيق.. يفيق من الرماد دوما وأبدا.
" أترى ظواهر الحياة الاجتماعية الإنسانية شيء ينزل من السماء أو ينجم من الأرض مبتوت الصلة بما قبله مبتوت الصلة بما حوله أم الظواهر الاجتماعية حصيلة تفاعلات طويلة وعديدة ومعقدة تربط بينها عوامل شديدة التعقيد"
أنت إذا حاولت أن تحاسب هذه الثورة أو تدينها على قرار أو تصرف فأنت تدينها ككل لأن لا قيادة ولا زعيم لها، وإذا حاولت أن تصمها بأنها مختطفة فأنت تسيء لها أعظم إساءة لأن لا أحد اختطفها ولا أحد يستطيع أن يسيطر عليها بعد أن غدت كمارد خرج من قمقم لا تستطيع أي قوى أرضية إعادته إليه.
لم تتخذ الثورة قرار التسلح ولا قرار رفع علم الاستقلال ولا قرار الخروج بمظاهرات ولا قرار مواصلة النضال بل هي تفاعلات لا إرادية مستمرة لا يمكن فهمها دائما وإنما بإمكاننا السير معها ومحاولة تقويمها قدر الإمكان وحصد ثمارها إن أحسنّا ذلك.
الثورة السورية المجيدة هي حالة فريدة قياسا حتى إلى الثورات التاريخية الأربع كما توصف (الفرنسية والروسية والأميركية والبريطانية) كما ونوعا، فالمتتبع لمسار الثورة السورية منذ انطلاقها وحتى اليوم يرى الانتشار الجغرافي والبشري العجيب والذي أزعم أنه لم يتكرر من قبل، فعلى الخارطة السورية الجغرافية لم يحدث ان انتشرت ثورة على كل هذه المساحة وبكل هذه المدن والنواحي والقرى، حتى بتنا نسمع بقرى لا يتجاوز عدد سكانها المئات تتظاهر او تقاوم، وبالمقابل لم يدع النظام حتى أصغر قرية من بطشه وقتله والمجازر التي تفتك بالبشر والأبرياء
نعم للثورة جانب مظلم كما لكل ثورة ولكل ظاهرة بشرية وتاريخية ولكل حركة اجتماعية، والقارئ للتاريخ سيدرك ما نقوله، إلا أن الرماديين ومن أكرهوا على الثورة ووجدوا أنفسهم قهرا في صفوفها يبحثون دوما عن الإساءة للثورة والتقليل منها وطعنها في كل فرصة ومناسبة.
ما هو المطلوب الآن من الحكومة المؤقتة؟
1- ضبط الأمن في المناطق المحررة بعد تكرر حوادث السرقات والقتل والاشتباكات الجانبية والاستيلاء على الممتلكات والمنازل.
2- السيطرة على حقول النفط في المنطقة الشرقية التي أصبحت مرتعا للصوص وتسبب بهدر في الثروة الوطنية أولا وبمشاكل صحية وبيئية هائلة.
3- توفير الأدوية والأطباء في المناطق المحررة وعلى جبهات القتال بعد أن وصل الأمر لكارثة خطيرة وانعدام لوجودهم ووفاة الكثير من الجرحى نتيجة هذا القصف.
4- توحيد وتنسيق التوزيع للمساعدات الإنسانية بإشراف وتوثيق حرفي مباشر في المناطق المحررة وعلى النازحين في الداخل والخارج بعد أن أُهدرت الكثير من هذه المساعدات وضاعت عن مستحقيها.
5- الاهتمام بمشكلة النظافة والقمامة في المدن المحررة والإصلاحات الخدمية والبلدية المتعلقة بالمياه والكهرباء والسكن.
6- مواصلة الجهودة لتوحيد السلاح وضبطه بجيش تحرير وطني واحد تحت قيادة هيئة الأركان وتوفير السلاح النوعي لحماية المناطق المحررة من القصف.
7- تقديم وتسهيل الخدمات المدنية للمواطنين والنازحين من أوراق ومعاملات رسمية متعلقة بالشؤون اليومية.
8- الإشراف على الخدمات التعليمية وتقديم المناهج ووالمستلزمات الدراسية للطلاب في المناطق المحررة.
9- انتزاع الاعتراف الدولي بحكومة الثورة وتسهيل أوراق وجوازات المغتربين وتمثيل السوريين في المنظمات الدولية.
10- والأهم من كل ذلك هو الالتزام بثوابت الثورة المتمثل في إسقاط النظام بكافة رموزه وأركانه وعلى رأسه بشار الأسد وعائلته، والتأكيد على ذلك يأتي من باب عدم الثقة بالسياسيين وبكل تعهداتهم بعد تجارب مرة.
إلا أن هنالك عقبات ومشاكل كبرى تواجه هذه الحكومة المؤقتة أهمها ينحصر في:
1- الدعم المادي : وهو العامل الأهم الذي أنشأ الخلاف بين مؤيد ومعارض لهذه الحكومة المؤقتة التي ستفشل مؤكدا لو لم تتلق التمويل اللازم لعملها.
الدعم الخارجي من الأصدقاء مهم جدا بالطبع، لكن يمكن للكفاءات في هذه الحكومة الجديدة ابتكار عدة وسائل من الداخل المحرر لتمويل عملهم وتبرز هنا فكرة طرحها المعارض ووزير النفط السابق عبدو حسام الدين والتي قدر فيها إيرادات حقول النفط في المناطق المحررة بمائة وخمسين مليون دولار شهريا. كما أن الأموال النظام المجمدة يمكن أن تعود لهذه الحكومة المؤقتة إن تم الاعتراف بها ودعمت دبلوماسيا بشكل فعال.
2- توحيد العمل العسكري فقيادة الأركان المشتركة وعلى الرغم من عملها الجاد تحت قيادة اللواء سليم إدريس فإن الجبهات الخمس الأكبر المقاتلة في سورية وهي جبهة تحرير سورية الإسلامية والجبهة الإسلامية السورية وجبهة الأصالة والتنمية وتجمع أنصار الإسلام وأخيرا جبهة النصرة بالإضافة إلى عشرات الكتائب الأخرى الأصغر حجما وانتشارا، كلها لا تعمل تحت قيادة الأركان ولا تتلق أوامر تنظيمية منها وهذا مايستدعي بذل المزيد من الجهد للوصول إلى تنسيق العمل العسكري بالحد الأدنى، ومن غير هذا التوحيد أو التنسيق لن تتمكن الحكومة المؤقتة من ترجمة الانجازات العسكرية إلى انتصارات دبلوماسية وسياسية.
3- التحديات الأمنية: مثلت حوادث الاشتباكات الجانبية والاغتيالات والخطف والسرقات الكثير من المشاكل الخطير للثورة وحاضنتها الشعبية ولعل الحادث الأخير الذي جرى في حلب باشتباكات بين أحد الكتائب والهيئة الشرعية في المدينة والذي أسفر عن ستة قتلى يؤشر إلى مدى الخطر الأمني في المناطق المحررة والتحدي الذي ستواجهه الحكومة هنا.
4- التواجد في الداخل: أولى الأنباء الواردة بعد تشكيل الحكومة المؤقتة تشير إلى أن مقر هذه الحكومة سيكون في غازي عينتاب التركية-أي قريبا من الحدود- وحتى تباشر الحكومة تشكيلها وعملها يبقى وجودها في الداخل المحرر هو الأصل والأهم معنويا وعمليا رغم معضلة الحماية من القصف والتي لن تستطيع حتى كتائب الجيش الحر أن تقدمه لافتقاد الأسلحة النوعية والمضادات الجوية.
5- امتلاك السلطة: حكومة بلا سُلطة لن تقوى على فعل أي شيء ولا على فرض القانون وبسط السيطرة، وتأتي حكومة "هيتو" إلى المناطق المحررة لتشاهد أمامها آلاف القوى المدنية والثورية والعسكرية والأمنية بتشتت بالغ وبلا أي عقد ينظمها ويعيدها إلى مرجعية واحدة، هذا هو التحدي الأكبر. كسب القلوب والعقول لفرض السيطرة ونيل الحاضنة الشعبية المعينة.
بادرت صحيفة زمان الوصل الالكترونية إلى إنشاء حكومة ظل مؤلفة من عدد من الصحفيين والشخصيات مهمتها مراقبة هذه الحكومة المؤقتة وقياس أفعالها بما تقوله وتصرح به والتنبيه على مشاكله وأخطائها ولا بأس أن يكمل هذا موقع يختص بمراقبة أداء ووعود هذه الحكومة المؤقتة والتكليف الكبير المنوط بها كالموقع الذي أنشأه نشطاء مصريون لمراقبة تحقيق وعود الرئيس مرسي.


متابعات عقبة

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع