..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

أولاد حارتنا الأنبياء الصغار

إياد أبا زيد

١٨ مارس ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7116

أولاد حارتنا الأنبياء الصغار
السوري الثائر0.jpg

شـــــارك المادة

في مثل هذه اليوم ومنذ عامين في ١٨ آذار ٢٠١١ كانت قد انطلقت أعظم ثورات التاريخ من جنوب سورية من المسجد العمري في درعا البلد التي ثارت من أجل حرية وكرامة سوريا وشعبها الأبي وباستمراريتها الجبارة أسقطت الأقنعة عن القاصي والداني وكشفت زيف كل القوى الإقليمية والعالمية.

 


نعم إنها بحق الثورة السورية العظمى التي أشعل شرارتها أطفال بعمر الورد كانوا هم الأشجع والأكثر جرأة ووعياً والسباقين في التعبير عما يجول في خواطرنا جميعاً.
إليكم أيها الأنبياء الصغار أكتب هذه الكلمات:
سادتي الأطفال الرجال بعد التحية والسلام عليكم, أبعث لكم هذه الرسالة وتفصل بيننا مسافات كثيرة, مسافة شرفية ومسافة تقديرية ومسافة بطولية, وهناك مسافة روحية بيننا, فأنتم هُناك حيث سطرتم طريق المجد والعزة, وأنا هُنا بذهول أتابعه, وأخبركم أيها السادة العظام بأن أصابعكم الطاهرة التي أشعلت النور لنا لم تذهب هباءً منثوراً, وبأن أصابعكم الطاهرة كانت هي الشمعة التي أنارت طريق كل سوري, فقد كنا يا سادة نعيش في ظلام دامس, ولا نستطيع أن نرى طريقنا حتى أصبحنا نظن أن الظلام هو الشيء الوحيد الحقيقي بالكون.
بكل فخر أبعث لأولاد حارتنا وأعتز بهم تحية إكبار وإجلال إلى هؤلاء الصغار الكبار الذين أيقظوا سبات شعب طال رقاده، وعظمت محنته، وطال قهره وظلمه وإذلاله..
رسالة إلى هؤلاء الرياحين الذين فاحت أزاهيرهم مسكًا فواحًا على النفوس البائسة والقلوب الداكنة..
رسالة إلى هؤلاء الشموس المشرقة التي أضاءت ظلمة العزائم والإرادات الخائرة..
الأطفال الرجال الذين ألقوا حجرًا كبيرًا في ذاكرة الشعب العريق، فذكروه بأمجاده التليدة، ومشاهده الخالدة.
قد لم يكن يخطر على بالكم يا أطفال درعا، الذين لم تبلغوا الحلم بعدُ، دون الرابعة عشرة، وأنتم تكتبون على جدران مدرستكم ، ببراءة الطفولة المعروفة عبارة (الشعب يريد إسقاط النظام) و( أجاك الدور يا دكتور)، في مشهد تقليدي حاكيتم به مشاهد الثورة في تونس ومصر وليبيا، واستوحيتم من الفضائيات التي تبث أخبار الثورات العربية.
وقد لم يكن يخطر على بالكم أبدًا، بأن هذه الشعارات المكتوبة بطفولية وعفوية ستقود لإشعال أكبر ثورة تشهدها سورية في العصر الحديث.
سادتي الكرام أنتم شرارة الثورة وأنتم من أشعلتم ظلامنا وحولتموه لنور يرينا أبعد مما كنا نحلم , أنتم من أرشدنا لهويتنا الحقيقية , التي أعادت لنا الكرامة المسلوبة , كنتم المفتاح الذي فُتح به سجننا الذي سُجننا به منذُ عقود, براءتكم هي التي أعادت الشرف لنا بعدما فقدناه لسنين طويلة, عفويتكم هي السكين التي نحرنا به الخوف والهلع من ذواتنا, شجاعتكم هي من أرجعتنا لطبيعتنا الأصيلة الرافضة للوهن والضعف, صِدْقَ تصرفكم جعلنا نعرف قيمتنا وقوتنا وندرك بأننا نستطيع أن نفعل المستحيل إذا توحدنا, أنتم باختصار يا سادتي العظام من أرجعنا لهويتنا التي فقدناها منذُ سنين.
وأنا بنشوة الفرح أرى ما يحدث اليوم من عزة وشرف ومعارك يقودها شعبنا العظيم لتكسير الأصنام التي جثمت على صدورنا منذُ عقود خلت, وبفضلكم استعدنا روحنا الشريفة لمقاومة الطغيان, وكل سوري حر وضعكم رمزه الكبير لكي يصرخ ويفعل ويستعيد أمجاد الأجداد , اليوم نحن نخوض المعركة كلاً بقدر استطاعته, ولكن نتفاوت بالفعل , وكل شريف متفق على إنكم الرمز الأول والأكبر لما يحدث اليوم , كنا بالماضي ننتظر ذلك البطولي الذي ينقذنا من الهلاك والموت والوهن , غرقنا بالتنظير منذُ سنين , ولكن لم ندرك بأننا نحتاج لمن يعمل ويطبق لكي يخرجنا من سجن تقديس الأنظمة, فما كان ذلك المنقذ البطولي والعملي الشجاع والملهم الأبّي إلا أنتم.
أخبركم بأنكم لم ولن تغيبوا عن أبصارنا طرفة عين , فأنتم بنظرنا الرمز الكبير الذي جعلنا ندرك بأننا أحياء لم نمت, وبأن كل الأحرار السوريين الشرفاء يبجلونكم ويعتبرونكم أبطال, اليوم غيرتم نظرتنا لغالبية الأمور , فبالأمس كنا نسير على رؤوسنا وكأننا جدل هيجل لدى الفلاسفة, ولكن بسببكم اليوم نحن قلبنا الرأس أرجل والأرجل رأس واعتدلنا بالممشى, طريقنا طريقٌ طويل , ولكن العبرة ليس بطول المسافة, العبرة بصحّة الطريق وهذا ما يهم , فنحن بالأمس كنا نسير بطريق الجحيم الأرضي, ولكن اليوم رجعنا لنسير بالطريق الصحيح طريق الجنة الأرضية, كلما سرنا بالطريق وجدنا قرية الكرامة, وبعدها قرية المساواة, وبعدها قرية المجد والعز, وبعدها طريق الإنسانية, وبالأخير سنصل إلى نهاية الطريق ونصبح مواطنين في قرية الحرية التي بحثنا عنها منذُ سنين. كنّا بالأمس نسير بالطريق الخاطئ, فظننا أن قرية المهانة هي قرية الكرامة , وظننا أن قرية الظلم قرية المساواة, وظننا أن قرية الذل والخسة قرية المجد والعزة, وظننا أن قرية القمع والوحشية قرية الإنسانية , وكنّا نعتقد بأننا بطريقنا مُتجهين نحو الحرية , ولكن للأسف كنا نسير نحو العبودية بأبشع أُطرها. ألم أقل لكم بأننا كنا ضائعين قبلكم وطريقنا خاطئ!!؟
كانت بوصلتنا بالماضي تصديق الخونة والدجالين وأحفاد مسيلمة الكذاب , ولكنكم أصبحتم بوصلتنا الحقيقية التي تدلنا على الطريق الصحيح , فالبوصلة اليوم لا تشير إلا لطريق واحد هو (طريق الحرية).
أنتم بنظرنا أعظم المعلمين , أنتم أبطالنا وعظامنا ومنقذونا, أنتم رمزنا الكبير الذي أعادنا للحياة بعد موت طويل, اليوم نحن نخوض معركة أنتم المسبّب فيها, معركة الكرامة والشرف , كنا نتفاخر برموزنا العظيمة السابقة, وكنا نبكي عليهم ونتذكرهم , والمشكلة أننا لم نرى أحد بأعيننا, وأصبحنا نرى إن إمكانية وجود عظيم وخالد في عصرنا شيء مستحيل, ولكن المستحيل أنتم حولتموه إلى حقيقة, وجعلتم أحلامنا تتحقق بأن نرى بطل عظيم بأعيننا , أتعلمون بأننا فقدنا الكثير من أصالتنا ومجدنا فأصبح الغالبية يعتبرون بأننا شعب ماضي لا وجود لنا بالحاضر ولا المستقبل, ولكن أنتم من جعلنا ماضي وحاضر ومستقبل, وبراءتكم من نقلتنا من الماضي إلى الحاضر وهي من تنقلنا للمستقبل.
أحبائي اليوم كما ترون نخوض معارك ضد الظلم والاستبداد أنتم من أشعلها , عندما تنتهي معركة الشرفاء سيخلدونكم بكل شيء, حتى الثورة السورية ستُكتب باسمكم, كانت أحلامكم بسيطة عندما كتبتم على جدران مدرستكم , فها أنتم تكتبون تاريخ سورية الحديث فلن تغيبوا عن ذهن الشرفاء بكل العالم وليس العرب والسوريين وحدهم , بالأمس الكثير كان يخجل من إنه سوري, ولكن اليوم الكل يفتخر بأعلى الصوت بأنه سوري , أخبركم بأن الشرف لو تجسد برجل لقال أنا أطفال درعا , والكرامة والعزة لو تجسدت بشخص لقالت أنا أطفال درعا , والحرية والإنسانية وكل المصطلحات العظيمة لو اختارت التجسيد بالشخوص لاختارت دون تردد أن تكون أنتم يا أولاد حارتنا.
منكم وبكم أخذت شرارة الثورة تندلع في شتى أنحاء سورية مؤذنة بدوران عجلة ثورة لن تتوقف حتى تقتلع أعتى نظام قمعي في المنطقة، وذلك كله بفضلكم يا أطفال درعا الكبار، الذين سيذكركم التاريخ يوماَ بأنكم كنتم مَن بدأ طريق تحرير سوريا من أسوأ عهود الظلم والطغيان.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع