..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ثبات في الداخل وعزة في الخارج

أبو طلحة الحولي

١١ فبراير ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3492

ثبات في الداخل وعزة في الخارج
والجهادimages.jpg

شـــــارك المادة

لا نقاش ولا جدال أن العالم متحد ومتكاتف ومتعاون جدا جدا في القضاء على الثورة السورية وليس في دعمها...

ولا نقاش ولا جدال أن ملة الكفر ترمي الثورة السورية رمية قوس واحد، وإن كانت الأقواس مصنوعة من مواد مختلفة، فأوربا وأمريكا وروسيا والصين والغرب بشكل عام تعصف بهم رياح التنافس والتسابق والتآمر، كل يبحث عن مصلحته إلا أنه يقف من الثورة السورية المسلمة السنية موقفا واحدا لا تراجع عنه، قال تعالى { وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } (الأنفال73)

 


ورغم هذا التآمر والتكالب إلا أن الثورة السورية أثبتت وأوضحت أن القوة والقدرة والنصر من عند الله وحده.
إن المعارضة في الخارج بعيدة عن ساحة الوطن المدمر ، وبعيدة عن ساحات الخنادق ، فلا تعرض نفسها للخطر ، ولا ترى كيف يستشهد أشخاص غالين على قلوبنا كل يوم ، ولا يشهدون كيف تجري الحياة على حقيقتها ، فالإعلام لا ينقل الصورة كاملة ، كما أنهم لا يرون كيف يساند الله سبحانه وتعالى الثوار ويثبتهم ويربط على قلوبهم رجالا ونساء وأطفالا وشيبا ، وكيف يعاقب الله سبحانه وتعالى الشبيحة والطغاة الصغار وسفاكي الدماء ، وأن الدور قادم لا محالة على الطاغوت المسعور الوحش ، وكل طاغية له يوم . إن أغلب الذين في الخارج لا يدركون ولا يفهمون معنى التوكل على الله وحده ، ومعنى العزة والكرامة ، ومعنى الثبات كما فهما ويعيها ثوار الداخل ..
ولا يفهمون ولا يدركون معنى الوحدة والعمل الجماعي كالجسد الواحد كما توحد العالم كله على اختلاف آرائهم وألوانهم وأشكالهم ومبادئهم وعقائدهم ضد هذه الثورة المباركة..
إن الثورة المباركة في مرحلتها الحالية القريبة من النصر بحاجة إلى أمرين اثنين :
ثبات الثوار في الداخل ، وعزة المعارضة في الخارج .
إن ثبات الثوار في الداخل ليس حمق ولا تعجرف ولا جنون وإنما حقيقة وواقع يجب على معارضة الخارج أن تعيه تماما وعلى العالم أن يغير من نظرته لهذه الثورة ، فالثوار وجهتهم رب العالمين ، ومقتدين بأعظم قائد ، نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ، ومقتبسين من سيرته في غزوة الخندق العبر .
ففي غزوة الخندق ورغم الحشود الهائلة من كفار قريش واليهود ، ورغم الحصار الشديد ضد المسلمين ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن النبي بشرهم بالنصر وبشرهم بالفتح .. وبشرهم بسقوط الدول الكبرى آنذاك فارس والروم .
وفي غزوة الخندق رغم انتشار وسائل الإعلام المنافقة التي انتهزت فرصة الحصار والتضييق والشدة والكرب { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا} (الأحزاب: 11، 12)
وبدءوا في شق الصفوف والتحريض على الفرار من الخندق { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً} ، ( الأحزاب: 18)
رغم هذا جاء النصر من عند الله .. وانكشف المنافقون على حقيقتهم .. وفي غزوة الخندق كان الحصار والكرب والابتلاء والجوع والبرد والمعاناة بالنسبة إلى المسلمين دافعا إلى زيادة الإيمان بالله والتسليم لله ، { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} (الأحزاب: 22(
في هذا الحصار وفي هذه الشدة ، وفي هذا التجمع العالمي للقضاء على رسالة الإسلام المتمثلة لم يحاول الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو أحدا من الصحابة أن يطلب من الروم التفاوض معهم على أن يمدونه بمدد ويكون هناك إسلاما نصرانيا أو نصرانية إسلامية ، كما لم يرسل إلى الفرس للتفاوض معهم على فك الحصار عنه بمدد من عندهم وتكون هناك ديانة ديمقراطية لعبادة النار .
لم يفكر الرسول والصحابة من بعده في ذلك بل اعتمدوا على الله سبحانه وتعالى
.. وأن النصر والعون والمساندة والمساعدة هي من عند الله .
إن أمريكا والغرب وأوربا وروسيا والصين والعالم يعلم جيدا من هي الثورة السورية ؟وماذا تريد ؟
ولذا يحاربونها ويقفون ضدها ويدعمون الفوضى الوحشية ، ولذا مهما قدمنا من تنازلات فلن يرضى العالم ولن يلتفت إلينا ..
ومهما قلنا أننا نريد الديمقراطية فهو لن يرضى لأنه يدرك أن الديمقراطية التي ننشدها غير الديمقراطية التي يدين بها ويريد أن نؤمن بها .
لذا ثبات الثوار في الداخل يجب أن يقابله عزة المعارضة في الخارج ، فالقضية واضحة وضوح الشمس ، فكل يوم هناك شهداء ، وكل يوم هناك جرحى ، وكل يوم هناك دماء ، وكل يوم هناك أطفال حائرة ، وكل يوم هناك أيتام وأرامل ومعاقين.
وكل يوم هناك تدمير للبناء والمزروعات والمصانع والممتلكات ، والبنية التحتية ..
والغرب يتمنى هذا ويدعمه ، بل ويتمنى رؤية الشعب السوري كله وقد اختفى في يوم وليلة .
وكل يوم هناك بعض الأشخاص في المعارضة الذين لم يشاهدوا حقيقة الموت وحقيقة الحياة في الداخل يتمسكون بقشة الغريق فيتعلقون بالحياة على آمل أن يحصلوا على نظرة رحمة أو عطف من دول العالم التي تكيل الحرب والعداء للثورة السورية .
إن طاغوت الفوضى الوحشية لن يكف عن تدميره ، وطواغيت العالم لن تكف عن دعمه سرا وعلنا وإن تظاهر البعض بتمثيلية العداء ضده ، فالحرب ضد الثورة مستمرة ..
وهذا ما على المعارضة أن تدركه وأن تعيه ، حتى يجد العالم البديل أو يخاف من الثورة ويستشعر قيمتها فيرضخ للأمر الواقع .
إن ثبات الثوار في الداخل وعزة المعارضة في الخارج أمر يجعل له العالم ألف حساب ، فيأتي إلى الثوار ، صغيرا ذليلا .. لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ...
بل إن هذا الثبات وهذه العزة تكون سببا في رفع رايات الحرية الحقيقية لا الوهمية ، ووصول الحق الذي يحملونه إلى العالم غربه وشرقه ، فيسارع الناس إلى الاقتداء بهم وإتباع دينهم ..
إن عزة المعارضة في الخارج ليس ديكورا أو دبلوماسية وليست سلوكا عارضا وإنما سمة بارزة وطريقة منهجية لتجسيد الثقة بالذات وانتفاء الشعور بالنقص عند التعامل مع الآخرين ومواجهتهم ، والتخلص من الروح الانهزامية كما تخلص منها ثوار الداخل فلم تحد من نشاطهم وحيويتهم وتضحياتهم ، ولذا فهي لا تستورد من الغرب أو من الشرق قال تعالى: { الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً} (النساء : 139).
فما الفرق بين دعوات الطاغوت الوحشي ودعوات الغرب للحرية والديمقراطية ؟
وما الفرق بين علمانية البعث وبين علمانية الغرب ، ومنبعهما واحد وهو الابتعاد عن دين الله ؟
وما الفرق بين بناء سوريا ما بعد الوحش بواسطة أمريكا أو بواسطة روسيا مثلا ؟
وماذا جنينا من لعبة الديمقراطية التي يتسلى بها الغرب في بلداننا ؟
إن ثبات الثوار ومظاهراتهم وجهادهم هو برحمة الله سبحانه وتعالى ، فهم لا يملكون ترسانة الأسلحة التي يملكها الوحش ، ولكن معهم قوة الله سبحانه ، ولو أنهم متمسكون بذيل التبعية للغرب أو للشرق لكان من الحماقة الوقوف في وجه هذا الطاغوت الذي يسانده العالم كله ، ولو أنهم يستخدمون المنطق وفلسفة الحياة السياسية البعيدة عن منهج الله لكانت حمص الصابرة المحاصرة ميتة منذ زمن بعيد..
إن ثبات الثوار وصمودهم أمام هذا الطاغوت الوحشي وثباتهم على دينهم ومبادئهم وأخلاقهم هو النصر ، ولذا هم يعيشون كل لحظة حقيقة معنى النصر ، وفرحة النصر { وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } (الأحزاب:22).. (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} (محمد 7-8)

والله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع