أحمد موفق زيدان
تصدير المادة
المشاهدات : 3836
شـــــارك المادة
مع اعتراف الوسيط الأممي والعربي المشترك الأخضر الإبراهيمي بطائفية خطاب بشار الأسد، وأحاديته، وأنه جزء من المشكلة وليس جزءا من حلها، يظهر كلفة هذا الاعتراف المتأخر الذي أتى بعد أنهار من دماء سورية غزيرة سالت ولا تزال، فضلا عن دمار وخراب غير مسبوقين، وقد سبق الإبراهيمي تحميل سلفه كوفي عنان مسؤولية انهيار وساطته للنظام السوري والتي كلّفت بدورها الشعب السوري آلاف الضحايا والمشردين والمفقودين وخرابا ودمارا كبيرين.
لكن من وضع مداميك ذلك هو الجنرال السوداني محمد أحمد الدابي كوسيط للجامعة العربية التي كانت وساطة مكلفة بالأرواح والممتلكات وأسست لمسرحية نظام ضحك فيها على الوسطاء وعلى العالم كله. هنا أتذكر قصة جحا أو ما يسميه إخواننا في تركيا وأفغانستان وباكستان الخوجا نصر الدين.. القصة تقول إن دابة جحا ماتت حتف أنفها حين تردّت من الطريق إلى وادي القرية السحيق.. فما كان من جحا إلا أن أرسل ابن أخيه الذي كان يرافقه إلى القرية ليبلغهم بوفاته وليس بمقتل الدابة، داعيا الجميع إلى مساعدته في انتشال جثة جحا من الوادي.. وحين تقاطر أهل البلدة لمشاهدة الخوجا نصر الدين استغربوا من وجوده حياً، وكذب ابن أخيه.. فقال لهم الخوجا لا تستعجلوا لقد ناديتكم من أجل أن أبلغكم أن دابتي هي التي سقطت من هذا المكان إلى الوادي فماتت، وبالتالي فحين أعود للقرية أتمنى ألا يسألني كل واحد فيكم عن القصة فأضطر إلى روايتها مئات المرات. ونحن هنا في سوريا نتمنى على الأمم المتحدة أن تجمع لنا الوسطاء الذين تريد إرسالهم إلينا على مدى الأعوام المقبلة حتى نروي لهم ما يحصل لعلنا نوفر مزيدا من الدماء التي ستُسفح على أيدي من عُدم الضمير والإنسانية والأخلاق. طبعا إن كان للمنظمة الموقرة مصلحة في توفير سيل الدماء والمعاناة الإنسانية، وإن كان الواضح أن ذلك لا يعنيها والمثال الأوضح ما يجري من مأساة في مخيم الزعتري بالأردن، نقول هذا والتسريبات بدأت باتفاق وزير خارجية طهران مع الإبراهيمي عن تعيين وسيط جديد محايد بين المعارضة ونظام الطاغية، فهل ثمة استخفاف بالدم السوري واستخفاف بالوسطاء السابقين والحاليين أكثر من هذا. على مدى العامين الماضيين تم تجريب كل المبادرات العربية وغير العربية بالشعب السوري، مبادرة وحيدة لم يجربوها وهي التي طرحها الشعب السوري منذ اليوم الأول للثورة السورية تشكل خطة طريق واضحة المعالم مكونة من أربعة كلمات فقط «الشعب يريد إسقاط النظام».. الشعب السوري لم يسع إلى تجريب مبادرته فهو الأعرف والأعلم بنظام عائلة حكمته لواحد وأربعين عاما، وعلم هذا الشعب النظام وخبره أكثر من أي جهة بالأرض وما يجري اليوم على الأرض يشير بشكل واضح إلى أن الشعب السوري هو الأعلم بسياسة النظام، فما طالب به منذ اللحظة الأولى يعود اليوم الإبراهيمي وغيره إلى اكتشافه من جديد وكأنه يكتشف العجلة والذرة من جديد، رغماً أن الإبراهيمي كان من المفترض أن يكون خبيرا بالنظام وبممارساته ومناوراته منذ كان وسيطا في الحرب اللبنانية. بالأمس فقط حين يبادل نظام أحراره وحرائره بصفقة مع 48 إيرانيا أسيرا لدى الجيش الحر، ويغيب عن الصفقة ضباطه وشبيحته الأسرى لدى الجيش الحر يظهر لكل ذي عينين أن هذا النظام لا يعنيه شعبه الذي أخذه رهائن من أجل مبادلته بالآخرين، ويظهر أيضا أن قواته التي تهتف صباح مساء شبيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد لا تساوي بصلة مقارنة بافتداء إيراني واحد مقابل 45 سوريا وسورية. ويظهر أيضا تهافت وتضليل ما يتحدث عنه المسؤولون الروس من أنهم مع خيار الشعب السوري في إزاحة أو بقاء الأسد.. فإن كان الأخير غير آبه بضباطه وجنوده وشبيحته المعتقلين، ويقدم أسرى شعبه فداء للإيرانيين. فهل مثل هذا النظام جدير بأن يبقى يحكم شعبا هو في الحقيقة كله أسرى ورهائن، وهكذا نظر إليه ووالده منذ اليوم الأول لحكم سوريا، وما تدمير حماة عام 1982 ثم تحويل البلد إلى سجن كبير إلا دليلا على عقلية استبدادية إجرامية ربما سترغم علماء السياسة والاجتماع والنفس على وضع أسس جديدة لعلومهم. أخيرا كما كانت تقول جداتنا وأمهاتنا من جرّب المجرب عقله مخرّب.. ولنتذكر أهل مكة أدرى بشعابها.. والشعب السوري أدرى بنظامه.
نيوز سنتر
محمد أبو عبيد
عبد الرحمن الراشد
عبد المنعم سعيد
طارق الحميد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة