..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لكي لاتختلط الرؤى .. وتنهار المواقف

غزوان طاهر قرنفل

١٣ ديسمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2932

لكي لاتختلط الرؤى .. وتنهار المواقف
111.jpg

شـــــارك المادة

تردد المجتمع الدولي كثيرا في دعم السوريين وثورتهم حتى وصل الأمر إلى مرحلة التعاجز عن الفعل والاكتفاء برصد ومراقبة جرائم الإفناء والإبادة الجماعية التي تفنن في ممارستها نظام العصابة الحاكمة في دمشق بحق السوريين طوال عمر الثورة التي قاربت العامين، ومن ثم الاكتفاء ببيانات إدانة لفظية وتحذيرات وخطوط حمر (!) لا تشكل أي قيمة مضافة لإصرار السوريين على المسير حتى نهاية طريق الانعتاق والخلاص من ربقة الاستعباد والإذلال الذي طالما مورست عليهم صنوفا منه لم تعهده البشرية قبلا .. وربما لاتعهده بعده .


ماتمخض عن مؤتمر أصدقاء الشعب السوري المنعقد مؤخرا في مراكش من اعتراف بالائتلاف الوطني السوري كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري لم يأت إلا تتويجا لهذا الإصرار الاسطوري لأحرار سوريا على القطيعة النهائية مع ذلك النظام المجرم وطي تلك المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، والتطلع إلى خوض تحدي بناء وطن حقيقي يحتضن كل أبنائه من خلال صياغة عقد اجتماعي جديد بين هذا الشعب بكل تلاوينه وأطيافه وبين سلطة تتمخض عن إرادته الحرة وخياراته الوطنية في رسم ملامح حياته المستقبلية دون قسر أو عسف أو إكراه .
ليس منة علينا ذلك الاعتراف - وإن كنا لا نجحد فضل كل من وقف مبكرا إلى جانب السوريين وانحاز لخيارهم الحر واستوعب مأساتهم وبذل ما أمكنه لتخفيف وطأتها - لكن مايصنعه أحرار سوريا على الأرض وتلك الهزائم المتوالية لجحافل الهمج الأسدية، هو ما فرض مثل هذا العري الكامل للنظام أمام العالم ونزع عنه آخر أوراق شرعيته التي يحاول ستر عورته بها .
ولكي لاتسكرنا نشوة هذه الانتصارات فتختلط علينا الرؤى وتنهار المواقف ..
فإنه يتعين علينا - وقبل الولوج في استحقاقات المرحلة الحالية من عمر الثورة - إعادة التأكيد على أمرين في غاية الأهمية ويعتبران من ثوابت حياتنا المستقبلية التي دفع الآلاف من أبنائنا وإخوتنا حياتهم لنعيشها ... 
الأولى وهي أن سوريا بحدودها الجغرافية الحالية ستكون وطنا لجميع أبنائها بكل فئاتهم ودياناتهم وقومياتهم ومذاهبهم واعتقاداتهم، مواطنون يتمتعون وعلى قدم المساواة بينهم بكامل حقوق المواطنة .
والثانية وهي أن سوريا المستقبل دولة ديمقراطية تعددية تؤمن بمبدأ التداول السلمي للسلطة وتحترم الحريات العامة وحقوق الإنسان.
ومن أجل الوصول إلى هذا الوطن المأمول والانتقال إلى الضفة الأخرى التي لا مكان فيها للاستئثار والاستبداد فإن ثمة استحقاقات مرحلية ومهام عاجلة يتعين على الائتلاف الوطني السوري المعارض - وهو الذي حظي بكل رعاية ودعم واعتراف شعبي داخلي وإقليمي ودولي - الاضطلاع بها
1. استثمار زخم الدعم الدولي للارتقاء بوتيرة العمل الإغاثي للسوريين في الداخل والخارج.
2. دعم قوات الجيش السوري الحر بما يمكن توفيره من سلاح نوعي متطور وفعال لتقصير أمد المعركة وقصم ظهر ميليشيات العصابة الأسدية وشل قدراتها وخاصة الجوية منها
3. دعم الثوار والنشطاء الإعلاميين ورفدهم بأجهزة اتصال فضائي متطورة تساعدهم على توثيق ونقل الحقائق السوداء لجرائم سلطة العصابة بحق السوريين .. وتجنيبهم خطر الوقوع فريسة سهلة لمراقبة أجهزة الأمن لآليات اتصالهم وتواصلهم مع العالم
4. رفض أي مبادرة تنص على منح حصانة قضائية محلية أو دولية لرأس العصابة وأركانها والإصرار على محاكمتهم على جرائمهم بحق سوريا والسوريين صونا لدماء الشهداء
5. رفض أية مبادرة من شأنها تقسيم سوريا إلى كانتونات طائفية أو عرقية ولو كانت ضمن وحدة شكلية للجغرافيا السورية على غرار اتفاق (دايتون) للسلام في البوسنة .. وتاليا رفض أي قوات أممية على الأرض السورية تحت أي ذريعة كانت (كحماية الأقليات أو الفصل بين المتحاربين أو حماية المنطقة من خطر السلاح الكيماوي) لأن ذلك سيكرس انقساما وطنيا وتقسيما جغرافيا وديموغرافيا لسوريا .
6. رفض أي محاصصة طائفية في إطار النظام السياسي المستقبلي لسوريا على غرار اتفاق الطائف للسلام في لبنان والإصرار على سوريا الواحدة وطنا لجميع السوريين وعلى قدم المساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز أو إقصاء. فما تحقق عسكريا على أيدي الأحرار لا يجوز المقامرة به سياسيا تحت وطأة أي ضغوط أو مغريات.. فالثمن سدده السوريون ولن يكون ثمة ثمنا أغلى مما دفعوه.. فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين . يقول المفكر الفرنسي (الكسيس دي توكفيل): ((في الثورة كما في الروايات، الجزء الأكثر صعوبة فيها هو ابتكار نهاية لها) . والشعب السوري الذي استولد الحرية والكرامة من رحم القهر والظلم قادر على ابتكار نهاية لتلك الثورة المباركة تجنب وطنهم مخاطر التمزق وشعبها مخاطر التناحر والاقتتال.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع