..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

دكتوراه شرف في سرقة الأوطان

سلوى الوفائي

٢١ نوفمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7200

دكتوراه شرف في سرقة الأوطان
بيغن.jpg

شـــــارك المادة

يحدّثنا التاريخ أنّ الجامعة العبرية هي أول جامعة في العالم تمنح دكتوراه شرف في اغتصاب الأوطان عام 1978 وحامل اللقب كان مناحيم بيغن.
لا أحد يعترض على الاحتفاء بالوطنيين و تزييين صدورهم بأوسمة الشرف ومنحهم الألقاب العلمية الرفيعة حين يكون هؤلاء قد جنّدوا أنفسهم في خدمة قضايا الحقّ والعدل والحرية لا بالنسبة لوطنهم فقط بل بالنسبة لكلّ الأوطان كما فعل وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ابراهام لنكولن،.
لكن لم يحدث أن منحت جامعة أمريكية لقب دكتوراه شرف في تحرير العبيد لإبراهام لنكولن، أو منحت جامعة عربية دكتوراه شرف في العدل للفاروق عمر.


فما هي استحقاقات بيغن التي خولته أن ينال هذا الشرف؟
كلّ ما يعرفه التاريخ عن مناحيم بيغن- استناداً إلى سجله العدلي- أنّه رجل متخصص في سرقة الأوطان وهذه الموهبة الأكاديمية النادرة هي التي ألهمت الجامعة العبرية أن تتخذ قرار المنح تقديراً لنضاله الطويل في إقامة دولة اسرائيل في فلسيطن.
طبعاً لا أحد يلوم الجامعة فيما ذهبت إليه لأنّها مؤسسة اسرائيلية قبل كلّ شيء تعمل في خدمة الوطن الاسرائيلي و الفكر الاسرئيلي وكلّ أبحاثها العلمية تدور في فلك القضاء على الجنس البشري الفسطيني وقطع ذريته وتخريب الجينات العربية وتحويلها إلى طفرات معدّلة وراثياً مشاركة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تحقيق رؤيتها و رسالتها وأهدافها المقررة.
إنّها دكتوراه شرف في الاعتداء على شرفنا! ولأول مرّة يعترف مسؤول عربي كبير بخلاصة المهزلة حين قال الشيخ حمد بن جاسم (اسرائيل ليست ذئباً ولكنّنا نعاج).
يتجدد العدوان في القصف على غزّة في هذه الآونة التاريخية البالغة التعقيد، رغم اتفاق التهدئة بين اسرائيل و المقاومة الشعبية الفلسطينية، ولأنّه ليس في التاريخ مصادفات يتبادر للذهن فوراً هذا التزامن بين إغلاق مكاتب حماس في دمشق بالشمع الأحمر و بدء الغارات الإسرائيلية على مواقع حماس في غزّة و اغتيال أحمد الجعبري القائد الميداني لحماس.
اسرئيل التي ما فتأت تدعم ربيبها المدلل الأسد وتؤمن له التغطية السياسية والإعلامية ليمعن في قتل الشعب السوري العظيم ويدمر سورية الفاتنة و تمنع صدور أي قرار بإدانة جرائمه وعزله عن الحكم تأتي اليوم – بعد أن شهد العالم تقدّم جيش سورية الحرّ و فصائل الثورة واقترابهم من تحقيق النصر لاسيّما بعد استهداف القصر الجمهوري مرات واستهداف مقرات الأمن والمخابرات السورية والمطارات العسكرية والسيطرة على 70% من مساحة الأرض السورية ومجمل الحدود السورية التركية والسورية العراقية - تأتي اليوم لتشعل المنطقة ناراً و تصرف أنظار العالم عن حمام الدماء السوري وتخلط الأوراق في محاولة لدعم الأسد ومدّ عمر حكمه الدكتاتوري الذي حمى حدودها نصف قرن من الزمن.
فهل اسرائيل وحدها صاحبة المصلحة في تدمير سورية و إعاقة نهضتها و حريتها؟
من يقرأ التاريخ يدرك أنّ اسرائيل لم تكن إلّا صنيعة العالم الغربي ويده المخربة في المشرق العربي.
فأول من اقترح إقامة دولة صهيونية في فلسطين الزعيم نابليون بونابرت حين طلب من اليهود تشكيل مجلس السندرين (Sanhedrin) وهو هيئة قضائية حثّها نابليون على مساندة يهود أوروبا في احتلال الشرق العربي واعداً إياهم بمنحهم فلسطين على تكون سلطتهم فيها ذاتية تحت النفوذ الفرنسيو رغم فشل مشروعه إلا أنّه زرع بذور الفكرة.
تلا نابليون عضو البرلمان البريطاني لورانس أوليفانت عام 1829 الذي كتب كتاب ( أرض الميعاد) يدعو فيه لإقامة مستوطنة يهودية شرق الأردن تحت السيادة العثمانية والحماية البريطانية وقدم توصيات منها
1- طرد البدو من فلسطين لأنّهم مولوعون بالحروب
2- عزل الفلاحين الفلسطينين ووضعهم في أرض خاصة كالهنود الحمر في أمريكا الشمالية.
وبدأ بتشكيل مؤسسات تشجع هجرة يهود روسيا إلى فلسطين و تدعمهم مادياً و معنوياً.
فكانت الهجرة الأولى و الثانية.
بعض اليهود هاجروا إلى أمريكا وازداد عددهم بشكل مقلق مما نبّه الأمريكين إلى ضرورة دعم المشروع الاستيطاني اليهودي في فلسطين.
وجاء اللورد شافتسبري عام 1830 ليطلق مقولة (فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض- أيْ اليهود) زمن وزير الخارجية البريطاني بالمرستون وشجعوا اليهود على الهجرة إلى فلسطين، فهاجر فقراء اليهود بينما بقي أغنياؤهم في أوروبا، ووجدوا صعوبات في التأقلم في فلسطين لأنهم لم يعتادوا على العمل في الزراعة فكتب شافتسبري إلى بالمرستون "إنّ اليهود يفضّلون مقعداً في مجلس العموم البريطاني على مقعد تحت أشجار العنب والتين في فلسطين".
وعام 1838 افتتحت أول قنصلية بريطانية في القدس لتشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين ودعمهم وحمايتهم.
و رغم كلّ محاولات بريطانية الحصول على موافقة السلطان عبد الحميد بإقامة المستوطنات اليهودية رفض السلطان رغم غرق الدولة العثمانية بالديون وضعفها الاقتصادي وحاجتها إلى الإغراءات المادية التي قُدمت لها حيث أكّد السلطان عبد الحميد أنّه لا يملك فلسطين حتى يتنازل عنها بل هي ملك الشعب.
وقد ذكر توماس كلارك عام 1861 في كتابه (الهند و فلسطين) أنّ بعث الأمة اليهودية ينعش اسرائيل ويعود على بريطانيا بأفضل المنافع قاطبة و بذلك خططت بريطانيا للمحافظة على امبراطوريتها الممتدة من كندا غرباً إلى الهند شرقاً و استراليا جنوباً – الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
وجاء موشي هس وهو أحد مؤسسي الصهيونية اليهودية عام 1862 لينشر كتاب (روما و القدس) كمؤشر على أنّ الحركة الصهيونية إنّما هي وليدة العالم الغربي الأوروبي.
وهكذا نجح الصهاينة الأوربيون بإغراء يهود العالم بفكرة الصهينة.
وجاء تيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية اليهودية لينشر كتاب ( الدولة اليهودية) عام 1895 وأقام أول مؤتمر صهيوني في بازل- سويسرا عام 1897 وحين عاد إلى بريطانية كتب (لقد أسست الدولة اليهودية ..... بعد خمسة أعوام أو خمسين عاماً. (ثم جاء مؤتمر الدول الأوروبية عام 1907 ليطرح فكرة زرع جسم غريب في المشرق العربي يحفظ مصالحهم التجارية الاقتصادية ويعيق قيام دولة عربية لها مقومات الدول القوية كوحدة الدين واللغة والتاريخ.
وقرروا أن يكون هذا الجسم الغريب (دولة اسرئيل) بهدف عزل يهود العالم و حصرهم في منطقة واحدة بعيداً عن أوروبا و تحقيق مصالحهم الاستعمارية من خلال هذا الكيان الاستيطاني الجائر وتكلل وعدهم لليهود في وعد بلفور 1917.
كلّ ماسبق يؤكد أنّ اسرئيل لم تكن و لن تكون بهذه القوة لولا وقوف دول العالم الغربي وراءها ودعمهم المطلق لها بما يحقق مصالحهم الاستعمارية والاقتصادية بعزل يهود العالم والسيطرة على المشرق العربي وإعاقة تقدمه ونهضته وتكريس النزاعات في المنطقة ومنع تحقيق أحلام الشعب العربي في الوحدة والحرية والتحرر.
لذلك كانت حركات التحرر العربي (الربيع العربي) ضربة قاسية في عمق سياساتهم شيئاً لم يكن في أجنداتهم وحساباتهم وتجلى تخبطهم في ردود أفعالهم تجاهها والتناقض العجيب في مواقفهم منها.
ففي حين ساندوا الثورة المصرية و أنهوها في 17 يوماً في حلّ سلمي سياسي، وساندوا الشعب الليبي فأنهوا ثورته بتدخل عسكري مباشر، و صفقوا لربيع تونس وربيع اليمن، وقفوا موقف المتاجر المنافق حيال الشأن السوري لما فيه من خطورة على مصالحهم ومصالح مدللهم اسرئيل، لاسيّما بعد وضوح الصورة في احتمال انتصار الحركات الإسلامية في سورية وتوليها الحكم وأول أولوياتها القضية الفلسطينية وتحرير القدس الشريف.
يزداد المشهد تعقيداً وكلّما ضاق .... كلّما اقترب من الفرج ولا يموت حقّ وراءه مُطالب!

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع