زهير سالم
تصدير المادة
المشاهدات : 3217
شـــــارك المادة
نعتقد أن عشرين شهرا مرت من عمر الثورة السورية كانت أكثر من كافية ليحزم المعارضون السوريون أمرهم، ويتعرفوا على بعضهم، ويختبروا النوايا والمواقف للمخالفين والموافقين من الأصدقاء و(الأعدقاء)... كما كانت الأشهر العشرين، من جهة أخرى، كافية لتضيء طريق الثورة السورية، وتحسم خياراتها، وتضعها أمام الاستحقاق الوحيد المفروض عليها.
حصيلة معادلة معقدة من صدام القوى والمشاريع والتي يتقدمها خيار العصابة المتسلطة في كسر إرادة المواطنين وإعادتهم تحت نير القهر والاستعباد، وانحياز الروس والإيرانيين إلى هذا الخيار بكل ثقلهم من جهة، وإصرار المجتمع الدولي وتوابعه الإقليمية على التخلي عن المجتمع السوري وتركه يواجه هذه العصابة مباشرة، مما يعني ضمنا تمكين المشروع الروسي –الإيراني– الأسدي من تحقيق أغراضه في إخضاع المجتمع السوري والقضاء على روح المقاومة فيه. نعتقد أنه بعد ما يقرب من عشرين شهرا، ومع كل ما شهدته وتشهده الساحة السورية على كل الصعد السياسية والعملياتية أن للمعارضة السورية أن تواجه لحظة الحقيقة واضحة مكشوفة بلا غبش ولا التواء. آن لها أن تتحمل مسئوليتها عن مشروع ثورتها الوطنية بدون ترقب ولا انتظار ولا لهاث ولا توقع ولا استرضاء. أن تكون مستعدة بقدراتها وطاقاتها لمواجهة العدو بطبقاته الروسية الإيرانية وتوابعه في المنطقة، وتحمل مسئولية مخرجات المعركة بشجاعة ومسئولية. يدرك كل من يقارب الواقع السوري بمسئولية محدودية قدرات المعارضة النسبية بالنسبة لقدرات عصابات القتل على أكثر من صعيد كمي وتعبوي واستراتيجي. فإذا كانت هذه العصابة المتحكمة بإمكانات الدولة السورية والمعتمدة على مددها الروسي والإيراني تستطيع أن تعمل على أكثر من محور بما فيها المحور الأمني لإفساد ذات البين بين قوى المعارضة السورية (ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم). فإن القوى الثورية حسب ترتيب الأولويات الأهم قبل المهم لا تملك من الوقت والجهد والقدرات لتعمل على ذات المحاور. ستكون هذه الحقيقة أكثر لزوما عندما نلحظ أن هذه القوى أكثر تشتتا وتفرقا، ولاتسيّرها إدارة مركزية موحدة تستطيع أن توزع الطاقات بطريقة أكثر توازنا. وستكون هذه الحقيقة أكثر وجوبا هذه المرة عندما لا تكون إدارة القوى الثورية مؤهلة لتوظيف الطاقات في مضاميرها لاستثمارها بالطريقة الأمثل.. إن مقاربة الواقع السوري على ضوء تطورات الواقع التعبوي، مع اعتبار حقيقة المواقف الدولية والإقليمية تجعل من واجب القوى الثورية والسياسية في سورية أن تضع الأولوية في الوقت والجهد والتركيز على المحاور التالية: الأول: تدعيم محور الجهد الأساسي للصراع مع هذا الزمرة الفاسدة المفسدة وداعميها. إن أي خلل يتسرب إلى مخرجات هذا المحور يعني خسارة مشروع الثورة –لا سمح الله– من أساسه. وهذا يعني ضياع كل الجهود الثانوية التي يندفع إليها البعض تأميلا بالانتصار المأمول على هذا المحور. لا مجال ضمن المعطيات التعبوية للقبول بأي حجم من المغامرة بمشروع المضي في الثورة حتى تحقيق النصر. يجب أن يدرك المأملون المسترسلون والمتراخون أو المتواكلون أن الطرف الآخر يعمل مع القوى المساندة له على إجهاض مشروع الثورة، وهو يمتلك من القدرات والطاقات ما يجعلنا نعتقد أنه من الغرور الاستهانة بها أو تجاهلها. إن تأمين مستلزمات المضي في طريق الثورة حتى النصر بكل متطلباتها البشرية والمعنوية والمادية هو محور الجهد الرئيس الذي يجب أن تتوفر له كل الإمكانات والجهود. أما المحور الثاني الذي يستحق الأولوية من الوقت والجهد والطاقة فهو المخرجات الإنسانية للمعركة على المحور الأول. الجرحى والمصابون وحاجتهم الملحة إلى الإسعاف في وقته بما ينقذهم ويحافظ على سلامتهم. المعضلة ( الإسعافية ) للجرحى بشكل خاص والتي تجعلها العصابة المتسلطة أكثر صعوبة تستحق من كل القوى الثورية جهدا واهتماما ومخصصات أكبر. لا يمكن أن يجد البعض مالا لينفقه على المؤتمر السابع والسبعين – والسبعات عند العرب للتكثير– ولا يجد الجريح أوالمصاب من يعينه على الحفاظ على عضو من أعضائه أصيب وهو يخوض معركة حرية هذا الشعب. دائما يجب أن تعطى قضية إسعاف المصاب والجريح الأولوية في التفكير والتدبير والإنفاق. كيف يصل المصاب إلى الطبيب أو كيف يصل الطبيب إلى المصاب في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان، هو أولوية أخرى يجب أن يتفرغ لها العاملون. وهذه أولوية ثانية لا نظن أن المنصرفين إلى الجهود الثانوية على أهميتها قد وفوها حقها. ونسمع من الشكوى في التقصير بحقها ما تدمى له القلوب. والمحور الثالث من مخرجات محور الثورة الأول.. هذا الجيل من المواطنين السوريين الذين فقدوا كل شيء بفقدانهم بيوتهم ومصادر رزقهم. وتحولوا في لحظة قاسية بالنسبة إليهم إلى مشردين ولاجئين ومحتاجين. وانتشروا بالملايين داخل الوطن وخارجه. هؤلاء أيضا أولوية بكل معاني الكلمة، وعلى كل المستويات. والتفكير في هؤلاء وأطفالهم وعجزتهم ونسائهم والشتاء على الأبواب هم أولوية الأولويات بالنسبة للثورة السورية والحاملين لعبء مشروعها، والأمناء عليها. وحين تدير قيادات المعارضة السورية ظهرها لهؤلاء، وتتركهم يواجهون واقعهم أو مصيرهم منفردين، فهي لن تكون أقل قسوة من مجلس الأمن ومؤسسات المجتمع الدولي المدعية للإنسانية أو الصليب الأحمر أو ما شئت من المنظمات بعد... إن أي هدر للوقت والجهد والمال في سبل أخرى، قبل تغطية هذه الأولويات والوفاء باستحقاقاتها سيكون – مهما تكن أهميته – نوعا من الترف أو الفنتازيا التي يعني الانشغال به الانشغال بالنافلة عن الفريضة. (وإن الله لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة). ورحم الله فقهاء الإسلام حين رتبوا الأولويات الشرعية في مراتبها: الضرورية والحاجية والتحسينية. لقد آن الأوان لمواجهة استحقاقات اللحظة بفقه الفقيه، وعقل المفكر، وعزم الرجال.
المصدر: رابطة أدباء الشام
أحمد أبازيد
مجلة العصر
خالد مصطفى
غازي دحمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة