..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هل قرأ الفلسطينيون الوثيقة الفرنسية؟

طريف يوسف آغا

٥ سبتمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3519

هل قرأ الفلسطينيون الوثيقة الفرنسية؟
1.jpg

شـــــارك المادة

هل قرأ الفلسطينيون الوثيقة الفرنسية؟ والنقطة الرابعة تحديداً؟

كنا قد سمعنا كثيراً في الماضي عن (وثيقة) بست نقاط موقعة من قبل شخصيات اعتبارية تنتمي للطائفة العلوية، ومنهم (سليمان أسد)، جد حافظ، وتعود لفترة الاحتلال الفرنسي لسورية (1920-1946) يطالبون فيها الحكومة الفرنسية بعدم الإصغاء للمطالب الوطنية وذلك إما بعدم منح البلاد الاستقلال المطلق أو بمنح الطائفة العلوية الاستقلال ضمن دولة خاصة بها!

 

 

وقد بقيت هذه (الوثيقة) تتأرجح بين عالمي الحقيقة والإشاعة حتى لما قبل أيام حين رماها المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة في وجه مندوب النظام السوري حاسماً بذلك الخلاف حولها.
ولكن ماهو الجديد فيها ولماذا أخفيت طوال هذه السنوات؟
كما سبق وأشرت، فإن طلب الموقعين على الوثيقة من فرنسا بعدم خروجها من سورية أو بمنحها الاستقلال للطائفة العلوية لم يفاجئ أحداً لأنه كان معروفاً لدى الكثيرين، وهو ما تدور حوله خمس نقاط من أصل ستة احتوتها الوثيقة (النقاط 1، 2، 3، 5، 6)

ولكن ماذا عن النقطة التي أتت تحت الرقم 4 ؟ والتي سأخصص الجزء الأكبر من مقالي لها أولاً وفي النقاط الخمسة المذكورة، فقد أسهب الموقعون في إظهار الأغلبية العربية السنية في سورية بمظهر المعتدية وإظهار طائفتهم وبقية الطوائف من الأقليات كالمعتدى عليها، واستعملوا من أجل ذلك كلمات مثل (مصير مخيف وفظيع، الحقد والتعصب الديني السني، خطر الموت والفناء).
والمطلع على تلك النقاط يمكنه فهم الأسباب التي دعت الموقعين للتوقيع. فهم كأقلية تؤمن بعقيدة مختلفة وسبق لعلماء من السنة وكفرتها في مراحل تاريخية سابقة، فلا غرابة أن تطالب بما طالبت به. وأنا هنا لا أقول أنها محقة بتلك المطالب، وإنما يمكن فهم الدوافع خلفها.
من جهتي فإني أرى دائماً أن من الطبيعي في أي بلد ديمقراطي أن يؤول الحكم للأغلبية بموجب صناديق الاقتراع، إذ ليس من المعقول أن يصوت المؤمن لملحد أو الأبيض لأسود إلا إذا كانت البلد قد وصل إلى مرحلة مثالية من الديمقراطية بحيث لا تعود تلك الأمور الشخصية تؤثر على قرار الناخب. هذا من ناحية،

ومن ناحية ثانية فالإيمان والإلحاد يبقى أمراً نسبياً. فإذا كان هناك بلد فيه 20 مليون مؤمن و2 مليون ملحد، فهذا أيضاً يعني أن هذا البلد، ومن وجهة نظر الطرف الآخر، فيه 2 مليون مؤمن و20 مليون ملحد.
التعايش هنا لايتم بأن يقوم أحد الطرفين بتهميش أو إفناء الطرف الآخر، بل بوضع قانون مدني يضمن للجميع الحياة الكريمة ويكون على مسافة واحدة من كافة الأطراف ويمنع أي منها من الاعتداء على غيرها.
في النهاية، فعلى الأقليات احترام الأكثرية في أي بلد، لمجرد أنها الأكثرية، لا أن تقوم بإهانتها واضطهادها ثم شن حرب إفناء ضدها إذا رفضت ذلك.
بالعودة إلى النقطة الرابعة من الوثيقة الفرنسية، فمن الواضح أن من وقعوا عليها يؤيدون (وعد بلفور) بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين،

وهذا بدوره سيقودنا إلى عدة استنتاجات لامجال لتجاهلها.
فمن الواضح هنا أن الموقعين يضعون أنفسهم في خدمة المشروع الصهيوني الغربي الاستيطاني لليهود في فلسطين وخدمة بقاء وأمن دولة إسرائيل مقابل تنفيذ مطالبهم السابق ذكرها.
وهذا يفسر بدوره السبب وراء منح الأسد الأب الجولان السوري لإسرائيل في حرب حزيران عام 1967 دون قتال وإصداره الأوامر للجيش السوري بصفته وزيراً للدفاع بالانسحاب الكيفي حتى قبل وصول الجيش الاسرائيلي. كما يفسر أيضاً عمله على تصفية المقاومة الفلسطينية من جهة، وتحالفه مع إيران (العدو التاريخي للعرب) ضد المصالح القومية والوطنية للعرب من جهة ثانية.
وهذا أيضاً، وهو زبدة المقال، يؤكد أن شعارات من أمثال (المقاومة والممانعة ومن قبلها الصمود والتصدي والقدس قبل الجولان) ما هي إلا شعارات للتمويه عن الهدف الرئيسي لهذه المجموعة التي وقعت الوثيقة والتي أنتجت فيما بعد نظام الأسد الأب والابن.
وبالتالي فأرى أن على الفلسطينيين الذين مازالوا يصدقون بأن النظام السوري وفي لقضيتهم ونضالهم من أجل الحرية، عليهم أن يعيدوا النظر في ذلك على ضوء تلك الوثيقة. فعلى ضوئها يمكن إعادة قراءة شعارات النظام الخاصة بالقضية الفلسطينية.
فهو مثلاً عندما كان يصدح (بالمقاومة والممانعة) إنما كان يقصد بهما مقاومة عودة الأراضي المحتلة وممانعة عودة اللاجئين الفلسطينيين إليها! أما (الصمود والتصدي) فكان يعني بهما مساعدة إسرائيل على الصمود أمام الشعوب العربية والتصدي للمقاومة الفلسطينية التي تستهدف إسرائيل.
وقد بدا واضحاً الآن أن الغرب لم يخف تلك الوثيقة لكل تلك السنوات إلا لأن إسرائيل جزء منها وأن إلحاق الأذى الأخلاقي بالنظام السوري بكشفها إنما يعني إلحاق الأذى بحليف إسرائيل الأمين في المنطقة.
وهذا بدوره يعني أن الغرب، أو فرنسا على الأقل ولسبب غير معلن بعد، قررت قطع شعرة معاوية مع النظام وتعريته وأن لا حوار معه تحت أي ظرف.
قد يسأل البعض: أليس في كشف وثيقة كهذه أذىً أو فضيحة لاسرائيل أيضاً؟
على العكس فأرى أن إسرائيل تستطيع الآن أن تفتخر بأنها، وكعادتها، قادرة على (شراء) أي دولة أو شخص،
أو طائفة أو حزب، بالثمن المناسب وتجييش الجميع لخدمة مصالحها علناً أو سراً.
هي بلا شك كانت تتمنى لو أن نظام الأسد تمكن من البقاء، ولكنها وكأي دولة براغماتية، لا تجد فائدة من البقاء مع الغارق على سفينته حتى ولو كان حليفها المخلص.
ملاحظة: الوثيقة المذكورة مسجلة في الخارجية الفرنسية برقم 3547 وتاريخ 6/15/1936 ويمكن إيجاد نصها بسهولة على النت.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع