سامر محمد البارودي
تصدير المادة
المشاهدات : 7401
شـــــارك المادة
لا شك أننا لم نثر بإرادة منا أو بدفع من غيرنا، ولكننا وجدنا أنفسنا ثائرين اضطراراً فاخترنا لثورتنا ما يتناسب وإمكاناتنا. ولكي نستمر فيها بصورة فعالة علينا ألا ندع مجالاً للوساوس أو المصاعب أو الإرجاف أن ينال من عزائمنا أو يثبط هممنا أو يؤيسنا من مستقبل ثورتنا. وربما كان هذا الأمر أهم من إعداد العدة أو جمع العتاد.
إن بناء نفس الثائر أهم من بناء سواعده وأفكاره، ذلك أن نفسيته هي التي تبدد الأوهام وتتغلب على المصاعب، وحين ينعق الناعقون أو يرجف المرجفون من هنا أو هناك محللين ومنظرين حول المؤامرة العالمية الكبرى التي يحيكها العالم أجمع تارة لتثبيت الأنظمة الظالمة وذبح تلك الشعوب المقهورة، وأخرى لسرقة الثورات المباركة من أيدي الثوار المناضلين لتقع في أيدي الشرق أو الغرب أو في أيدي المتآمرين من أتباع الأنظمة القهرية، وكأني أقول في نفسي ويقول غيري: فلماذا أثور طالما أن العالم كله يقف في وجهي ويتآمر على ثورتي، وإن لم يكن كذلك فإنه سيخطفها من كفي الناعمتين إلى كفيه الغليظتين؟؟ وأنا لا أقول إن علينا أن نأمن على ثورتنا أو نركن إلى العالم الذي لا يهمه أمرنا ولكني أقول: إن الذي زرع في نفوسنا منذ أن عرفنا الدنيا كراهية الشرق أو الغرب وأن بيننا وبينه حرباً أبدية وكونية نجيش من أجلها الجيوش ونلغي بسببها مشاريع بناء الإنسان ومدنيته هو ذلك الغادر الذي لم يسرق لنا ثروة أو نفطاً بل سرقنا جميعاً ظاهراً وباطناً، إنساناً وحيواناً، سماءً وأرضاً، إنه هو ذاته وهاهي ذي دباباته ومجنزراته التي أوهمنا بأنها للدفاع عنا تقتل ما تبقى من نفوسنا وتهدم ما عاف من أطلالنا. علينا أن نوقن أنه لا يوجد لنا على هذه الأرض عدو مطلق غيره، ولا كاذب أفاك مثله، ولا خائن محتال نحوه. وكما أن لنا أعداءً كثيرين فإن لنا أصدقاءً كثيرين تغيرهم نحونا المصالح وتقربهم المنافع، وللناس جميعاً عندنا مصالح جمة، وصداقات قديمة، وعندما نثق بأهميتنا وأهمية أرضنا ووطننا فعلينا أن نثق بأن العالم يبحث لنفسه لدينا عن منابت لزرعه ومصانع لإبداعاته. بل ربما أكاد أجزم أن العالم الأول كان سياسياً ساذجاً عندما انطلقت عليه حيل من كان يسميهم أصدقاء، لم يفد منهم لنفسه بقدر ما أفادوه لأنفسهم، إننا نملك ثروات مختلقة مادية ومعنوية ستجعل العالم كله يبحث لنفسه لدينا عن تحالفات وصداقات أهمها ثقتنا بأنفسنا وتاريخنا المجيد مما سيجعلنا ننشغل بواجباتنا تجاه ثورتنا أكثر من انشغالنا بخطر سقوطها أو سرقتها، ولقد عاش أبطالنا الأول حقيقة الثقة من خلال اعتزازهم بأنفسهم وإنصاف أعدائهم، وعدم الانشغال بجلد ذواتهم أو إظهارها تارة جبانة وأخرى مظلومة ونحو ذلك. واستمع إلى أمثلة من البيان القرآني في هذا الجانب، قال - تعالى -: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}، {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ}، {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}، {إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ}، {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وأخيراً فلست أقول هذا الكلام إلا خشية على نفسياتنا ونفسيات الثوار من أن يصيبها الملل أو الإحباط، خصوصاً وأن الثورة قد طالت وأنها تواجه حلفاً عريضاً ضالعاً في القهر والخديعة، والنبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الْحَرْبَ خُدْعَةً))، ويقول: ((رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَرَاهُمُ الْيَوْمَ مِنْ نَفْسِهِ قُوَّةً)).
مجاهد مأمون ديرانية
عماد الدين خيتي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة