..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

عنان.. وأدعياء الديمقراطية الكاذبة في سورية

خالد حسن هنداوي

٨ مايو ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3424

عنان.. وأدعياء الديمقراطية الكاذبة في سورية
11.jpeg

شـــــارك المادة

كم هي الأسئلة الواضحة في هذا العصر الذي نزعم أنه عصر الرقي الحضاري والتقدم الفكري والارتقاء الأخلاقي وعصر السلام وصيانة حقوق الإنسان، حيث يتبين لنا الفرق الشاسع بين القول والفعل، وبين الحقيقة والدعوى دون بينات على حد قول الشاعر:

والدعاوى ما لم تقيموا عليها ***  بينات أبناؤها أدعياء

 

ولعل المشهد السوري بكل تناقضاته خير دليل على ما نقول اليوم، فعلى الصعيد المحلي الوطني الحكومي كم نسمع كلاماً دون أي تحقيق لمقتضاه! كمن يسمع جعجعة ولا يرى طحناً! وما من خطاب تفوه به بشار الأسد رغم طول الحديث الممل ونفذ منه شيئاً يمكن أن يخفف من التوتر الذي خلقه هو ونظامه، بل كان العكس بأن يتفاقم الاحتجاج كثيراً بعده، وقس على ذلك كل قول أو تحرك تقوم به حكومة الأسد لأنها نسخة من طبعته المزورة.
وعلى الصعيد العربي والإقليمي فإننا لم نلمس أي جدية تذكر في التعاطي مع هذا النظام الإجرامي الحاقد الطائفي المراوغ، بل إن كل التحركات التي نشأت ومازال بعضها يقوم على استحياء لم يوقف بوجه عملي مأساة القتل والمجزرة المستمرة التي فاقت كل تصور بشناعتها وبشاعتها وفظاعتها، إضافة إلى السجن والاختطاف والاعتداء على الشيوخ والأطفال والنساء والتهجير القسري للسكان داخل البلاد وخارجها بعدد زاد على المليونين، إضافة إلى منع صوت الحرية ورش المتظاهرين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، وهكذا ذهبت وتذهب أقوال وقرارات الجامعة العربية هباء، حيث تفرغ من مضمونها ولا يبقى إلا بعض الدول التي مازالت تدأب بإخلاص للوصول بالشعب السوري إلى بعض أهدافه دعما ومساندة كالسعودية وقطر والكويت ومع ذلك فتحركاتها لم تصل إلى الخطوات الكافية، فالكارثة جسيمة ولا بدّ من الاستدراك وإدراك ضرورة الاستعجال بإغاثة الثوار الذين يدافعون عن العروبة والإسلام والحق المنشود من أي طيف ويقفون جسورا أمام المد الشعوبي المعادي لتراثنا العظيم وحضارتنا المتألقة.
أما على الصعيد الدولي فمنذ الفيتو المزدوج من روسيا والصين وتداخل التناقضات وسباق المصالح واستعمال النفاق السياسي في مجلس الأمن، ناهيك عما يتم من صفقات سرية بين تلك الدول تظهر بالعلامات والقرائن والحقائق أن الغرب والشرق متفقان على إطالة الأزمة السورية، وأنه لا قيمة للدماء الطاهرة أمام ما يجري بين تلك الدول في سوق المنافع، وأن التصريحات التي كررها أوباما أو ساركوزي أو وزراء خارجية الدول الأوروبية لصالح الشعب السوري وإجراء العقوبات ضد النظام، بل واجتماع أصدقاء سورية بهذه الكثافة من الدول لم تجد نفعاً للضحية الذي مازال عداد الموت شغالاً ضده من قبل الجلاد الظالم، ونكرر بكل سخرية إن هذا ما يحدث في زمن الادعاء بالحفاظ على حقوق الإنسان وزمن الديمقراطية، وعند البحث عن الحقيقة ومرمى ومغزى التحرك يظهر التسيب في الموقف والكل ينسى ما قاله في الليل، حيث يمحوه النهار، ولكن لإحكام الحيلة والضحك علينا نحن العرب والمسلمين جاؤونا بخطة مبادرة عنان التي وقفت خطأ منذ بداياتها عندما صرح عنان بأن النظام مخطئ وكذا المعارضة؛ لأن كليهما قد استخدم العنف حيث لم يفرق بين المجرم والمدافع عن حقه ضد الجلاد وحلفائه كروسيا والصين وإيران وحزب الله وعراق المالكي الذين يزودون هذا المجرم بالأسلحة الفتاكة فأين وجه المقارنة؟
ولذا؛ نقول إن عنان سيعود خائباً وقد أخفقت خطته حيث لم ينفذ من نقاطها الست شيء، فأين إيقاف العنف؟ وأين سحب الأسلحة الثقيلة من المدن والأحياء؟ وأين حق التظاهر السلمي؟ وأين الإفراج عن المعتقلين؟ وأين حرية الإعلام؟ وأين السماح بالمعونات الإنسانية وإدخالها إلى سورية وأين وأين، وهكذا تورد الإبل يا عنان بل يا أيها المجتمع الدولي الغربي الذي كلف عنان بذلك تغطية على فشله أن يعمل شيئاً حقيقياً للشعب السوري أو عمل هذا بخطة المؤامرة لإضعاف سورية كاملاً والانقضاض عليها بعد ذلك لتقاسم ما يمكن من أي حصة معنوية بسبب الموقع والمميزات أو مادية تخص أي دولة، ثم إن هذا كله في جانب، وأما في الجانب الآخر فالتوافق الدولي العلني والسري وقد دلت عليه عشرات الدلائل لإرضاء إسرائيل بإبقاء النظام السوري وبشار وعصابته فهم خير حافظ لأمنها من أي بديل يأتي بعد ذلك سواء كان إسلامياً أو علمانياً، وهكذا فالمحصلة نفاق دولي وتآمر بات مكشوفاً، وذلك بإعطاء الفرصة تلو الفرصة لهذا النظام الخائب كي يستمر لأنهم لن يروا أكثر منه وفاء لهم من حيث الحقيقة والنتيجة، أما الشعارات والمظاهر فدعك منها فقد كشفت جميع الأقنعة وذاب الثلج وبان المرج، ولا شك أبداً أن ما يقدمه النظام السوري والعصابة المتآمرة على الوطن قد بات هو المرجح والرابح في الحلبة، وأن الدم السوري الثائر إنما أريد ويراد له أن يبقى أكثر رخصاً من الماء لأنه ليس الدم المتآمر من جهة وليس دم بني صهيون ومن يدعمهم شرقاً وغرباً.
ولذا؛ فإن كوفي عنان هو الناطق الرسمي باسم المتآمرين من حيث النهاية، وهل ننسى صمته المطبق إزاء ادعاءات التحالف الأمريكي البريطاني بوجود أسلحة دمار شامل في العراق وهو يعلم خلاف ذلك مما جعل العراق لقمة سائغة للغزاة ثم عمله لإقرار اتفاق عام 1996م بين العراق والأمم المتحدة لتنفيذ عملية النفط مقابل الغذاء، فالتهمت الشركات الكبرى نفط العراق؟ ولا ننسى عمله مبعوثاً خاصاً لدى منظمة حلف شمال الأطلسي عقب توقيع اتفاق دايتون للسلام في البوسنة والهرسك عام 1995م حين بدا لدول الغرب تفوق كفة المسلمين في الحرب.
ولا شك أن مبادرة عنان اليوم وقد باركتها روسيا والصين وإيران هي داخلة بشكل أو بآخر في التسويفات وكسب الوقت لمزيد من قتل أهل السنة في سورية خصوصاً، ومع ذلك فقد أحسنا الظن سياسة وقلنا ربما نقبل بخطبته ولكننا اليوم في مقام التقويم، وإذ نسمع المتحدث باسم عنان أن الخطة قائمة على المسار نقول: لا فقد ساوت بين الضحية والجلاد وتعاظم العنف والتفجير والقلق والهدم والحرق والاعتداء براً وجواً على الناس العزل بشهادة الأقمار الصناعية والمخلصين من المراقبين، وهل يعقل أنه منذ أكثر من شهر لم يصل منهم إلا خمسون والبقية للثلاثمائة بعد أكثر من شهر ونصف الشهر في حين أرسل آلاف المراقبين في نزاع كوسوفا مع صربيا.
وهكذا فعلى الصعيد الدولي قول بلا فعل وتزوير والتفاف وعمل بالدم قراطية وليس بالديمقراطية كما يدعون، ولعل ما يوضح ذلك ما صرح به مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق ديفيد ماك السبت الماضي في حلقة للجزيرة بعد العاشرة ليلاً مع المذيعة ليلى الشيخلي، حيث ذكر ماك أن على المعارضة كذلك أن تعطي ضمانات للحفاظ على الأقلية العلوية والدرزية والمسيحيين، جاهلاً أو متجاهلاً أن سورية في جميع عهودها لم يؤذ السنة فيها أياً من الأقليات وأن رئيس وزرائها كان الدكتور فارس الخوري وهو مسيحي وقد أسلم قبل موته، وأن الجميع كانوا ومازالوا يتعايشون بسلام إلا هذا الحكم الطائفي البغيض منذ حافظ الأسد الذي ولغ في السنة ظلماً، أقول له هذا ما يتوافق مع تصريح لافروف وزير الخارجية الروسي حين تخوف من صعود الإسلاميين في سورية المستقبل ثم صرح بخوفه من صعود السنة مع أنهم هم الأكثرية التي مازالت تذوق أصناف العذاب، وهذا ما يتطلب مقالاً خاصاً لنقد هذه الديمقراطية التي يدعونها زوراً وبهتاناً دون خجل.

المصدر: رابطة العلماء السوريين 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع