ميمونة جنيدات
تصدير المادة
المشاهدات : 10243
شـــــارك المادة
موقف المشايخ وعلماء الدين: لقد كان عموماً موقف معظم علماء الدين غير مشرف، وخاصة في المدن الكبرى حلب ودمشق، حيث شكل أغلبيتهم فئة صامتة، وهناك فئة ثانية لها موقف متبلور ولكنه خجول ومتأخر جداً عن حراك الشارع، وأما الفئة الثالثة فهي قليلة ولكنها سباقة جهرت بالحق مبكراً، وكان لها أثر كبير في تحريك الشارع، ولكنها تتعرض اليوم لضغوط هائلة فتراجع دورها، ونسأل الله أن يربط على قلوبها ليعود دورها فعالاً كما كان وينبغي أن يكون.
وأما الجماعة الصوفية، والتي تنشط في حلب كثيراً لعلها -الآن- بعد آلاف المذابح ترقى إلى درجة الفئة الصامتة، فقد كان دورها سلبياً جداً في بداية الثورة، حيث صورتها فتنة كبرى القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي.. وكذلك هي فتنة الخروج على ولي الأمر؛ (كأنه أحد الخلفاء الراشدين، وليس بلص اغتصب الحكم واستباح الأموال والدم والأعراض والمساجد ونادى أتباعه بتأليهه فألفوا له قرآناً، وأجبروا الكثيرين على السجود له في القرن الواحد والعشرين)، ًوتغافلت عن كل نص في القرآن أو في السنة يحث على نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم ولو قتل في سبيل هذا كان سيد الشهداء. قد تلاقت مصالحهم مع مصالح من يلتف حولهم من التجار، هؤلاء يرومون مكاسب معنوية تتجلى بطقوس التبريك والتقديس وتقبيل الأيدي وتصدر المجالس والحفلات، ومكاسب مادية تبدأ بالولائم و... لتنتهي بالهبات والعطايا الضخمة ورحلات الحج والعمرة المكوكية، وأولئك التجار يستمدون منهم الوجاهة والشرعية لصفقاتهم وعلاقاتهم مهما بلغت الشبهات حولها وكلاهما معاً كبَرُ َدورهم في إعاقة انطلاق الثورة. وبعد مئات المجازر لم تعد حججهم مقنعة لأصحاب الضمائر الحية فتهاوى رصيدهم من الاحترام، وأصبحوا يشعرون أن العزٌ الذي كان ينعمون به تحت ظل العمائم واللحى لن يدوم طويلاً وستصبح بعد الثورة عالة عليهم؛ لأن كثيراً من أتباعهم أيقنوا أن تحت كل عمامةٍ شيطان أخرس، وأن عليهم إشعال ثورة أخرى لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي لحقت بالدين وأهله. *** موقف الطائف المسيحية: لقد كان موقف (الإخوة)(1) المسيحيين سلبياً من الثورة -بشكلٍ عام -، ولا أعمم، وهذا يدفعنا لتفسير موقفهم باتجاهين: الأول: أنهم مرفهون ومُنَعَمُون ومرتاحون في ظل حكم الأسدين، وهذا غير حقيقي، بينما تعاني الأكثرية من استشراء الفساد والظلم والقهر والتميز، حتى بات قسمٌ كبيرٌ من أبنائه تحت خط الفقر بينما استأثرت الفئة الحاكمة (الأقلية) بتسعين بالمئة تقريباً من خيرات البلاد، وبنت دولة أمنية طائفية ترسي دعائم حكمها بالحديد والنار حتى صار عدد مواطنيها خارج البلاد كعددهم داخلها، وتجاوز عدد من قضوا في مجازرها وسجونها عشرات الآلاف. ولما حاول بعضهم المطالبة ببعض الحقوق أسوة بمن حولهم في ربيع التغير العربي، جابهوهم بألوانٍ من الوحشية التي تجلت بعشرات المجازر والاغتصابات والتفنن في بث الرعب من ذبحٍ وحرقٍ للأحياء، وقصفٍ للمدن على رؤوس ساكنيها، وتعذيبٍ وحشيٍ ممنهجٍ في السجون لم تعرفه البشرية في أشد حقباتها انحطاطاً. فإن كانوا راضين عما يعاني (إخوتهم) -حفاظاً على مكاسب وامتيازاتٍ حازوا عليها-؛ فذاك يدل على أنانيةٍ مفرطة وخدرٍ في الضمير ينافي الأعراف العامة للعيش الإنساني المشترك. الثاني: أنهم يدركون الأمور على حقيقتها، ويعانون كما نعاني من نقصٍ في الحقوق وغيابٍ للحريات، وتشرد كثير منهم بعيداً عن الوطن بحثاً عن لقمة العيش وحياةٍ كريمةٍ، ولكنهم رأوا ثمن التغير باهظاً مع وجود من يبث فيهم الخوف من المستقبل إن عادت الأكثرية لحكم البلاد -كما هو متعارف عليه في كل أصقاع الدنيا -، فهل سلخوا من ذاكرتهم مئات السنين من الإنصاف والتعايش الرائع والذي خطه في بلاد الشام الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يوم دخل بيت المقدس ورفض أن يصلي في كنيسة القيامة مخافة أن يحولها المسلمون بعده إلى مسجد، فعاشوا على دينهم مئات السنين لم تمس كنائسهم، في حين هُدمت مئات المساجد خلال أربعين عاماً فقط من حكم الأقلية التي لم يسلم من شرها أي طائفةٍ في سوريا وامتدت مذابحها وتصفياتها إلى معارضيها من أبناء الطائفة نفسها. نحن نلتمس لهم الأعذار ونتفهم إحجامهم، وكذلك نقدر ونُثِمن أي خطوة باتجاه دعم الثورة، وقد كانوا من قبل دائماً يحظون باحترامنا، وسيبقون -إن شاء الله دائماً كذلك- منفتحين راقين يقدسون الديمقراطية، وقيم الحرية، وحقوق الإنسان، وأن يبحثوا لهم عن موطئ قدم لائق في سوريا القادمة. ــــــــــــــــ (1) الأصل في اعتبار الأخوة جانب الدين، وعليه فالمسيحي ليس بأخ للمسلم. (نور سورية).
عبد الكريم بكار
ﻣﺤﻤﺪ المختار ﺍﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ
أحمد أرسلان
محمد مصطفى عبد الرزاق
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة