محمود حسين صارم
تصدير المادة
المشاهدات : 3771
شـــــارك المادة
يا حماة الديار.. يا أبناء وأحفاد رجال الاستقلال والجلاء من الطائفة العلوية: ما كنت أفكر في أي يوم من الأيام أنني سأناديكم بما أرفضه وكنتم ترفضونه، ففي كل بيانات الكتلة الوطنية ناديتكم بحماة الديار، وخاطبتكم في ذكرى هزيمة الخامس من حزيران بما أحب أن أخاطبكم به
فقلت: إن الدولة العربية الإسلامية التي أسسها الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان القرشي العدناني في دمشق في سنة 41 للهجرة، ما كان لها أن تستمر في تبليغ الرسالة لولا أن معاوية كان قد أقام تحالفاً مع أجدادكم من قبائل الأزد القحطانية (الكلبية وغسان وتنوخ)، فجاءت الدولة الأموية وكأنها ولدت من رحم الدولة التي بناها الرسول الأعظم في مدينته المنورة بعد أن آخى بين المهاجرين من قريش العدنانية وبين الأنصار من الأزد القحطانية. يا حماة الديار.. يا أبناء وأحفاد رجال الاستقلال والجلاء من الطائفة العلوية: أبناء شعبكم يُقتلون برصاصكم، وبأمر من الفريق بشار الأسد!.. يا لها من معادلة لا يمكن فهمها؛ مهما كان تبرير الفريق بشار الأسد في خطاباته، وتأكيده على وجود مجموعات مسلحة إرهابية، وأن العالم كله متآمر عليه؛ ولكن لا شاهد على كلامه إلا ما زوَّره ويزوره مثقفو وشيوخ السلطان من الضالين المضللين منذ انقلاب 8/ آذار/ عام 1963م. لقد اتهمني رجال النظام، بـ"وهن نفسية الأمة وإضعاف الشعور القومي والقيام بأعمال بقصد إثارة العصيان المسلح ضد السلطات القائمة"، فكان اعتقالي خمس مرات، عرفت فيها كل أقبية النظام وسجونه بين العام 2002م والعام 2008م، كما عرفها كل أحرار سورية، والسؤال هو: هل استطاعت محكمة أمن الدولة والقضاء العسكري أن يثبتوا أيَّ ادعاء من ادعاءات النظام ضدي أو ضد مئات الآلاف من أحرار سورية في معتقلاتهم اليوم؟.. طبعاً؛ لم يثبتوا إلا حسن النية والطوية. إذن: ادعاءات النظام باطلة، وتهمه كاذبة، فلا مسلحين ولا إرهابيين في سورية إلا شبيحة النظام. يا حماة الديار.. يا أبناء وأحفاد رجال الاستقلال والجلاء من الطائفة العلوية: إن الرئيس بشار الأسد فقد شرعيته بعد أن قتل الآلاف من شباب ثورة الحرية والكرامة، واعتقل عشرات الآلاف من أحرار الشعب السوري، وهجر مئات الآلاف داخل الوطن وخارجه. فمنذ خمسة أشهر، والدبابات والحوامات تحاصر المدن والأحياء والقرى، وتقطع الماء والكهرباء والتموين عنها، وتمنع إسعافات الجرحى، وتحول الوطن على امتداده إلى ساحة حرب ضد شعبنا الأعزل، وتهدم البيوت والجوامع، وتقتل كل من يشهد أن لا إله إلا الله، أو ينادي: سلمية سلمية. لقد فعلها الحرس القومي لثورة البعث عام 1966م، بعد أن وضع لهم المنظر الماركسي ياسين الحافظ المنطلقات النظرية لحزبهم، وكان يومها اللواء حافظ الأسد وزبر دفاعهم، فأمر قوات الحرس الثوري باقتحام الجامع الأموي وقتل المصلين، والشاهد هنا هو شاعر العربية الأكبر بدوي الجبل، فلنقرأ وصفه لاقتحامهم الجامع الأموي:
هتكوا حرمة َالمساجدِ لا *** جنكيزُ باراهُمُ ولا تيمورُ قحمُوهَا على المصلينَ بالنار *** فشلوٌ يعلو وشلوُ يغورُ* فقئتْ أعينُ المصلين تعذيبًا *** وديستْ مناكبٌ وصدورُ ثم سيقوا إلى السجون ولا *** تسألْ فسجانها عنيفٌ مريرُ يشبعُ السوط َمن لحوم الضحايا *** وتأبى دموعُهم والزفيرُ هتفوا باسم أحمدٍ فعلى الأصواتِ *** عطرٌ وفي الأسارير نورُ هتفوا باسم أحمدٍ فالسياط ُ *** الحمرُ نعمى وجنة وحريرُ طرف أتباع أحمدٍ في السماواتِ *** وطرفُ الطاغي كليل حسيرُ
وعن الجامع الأموي يقول البدوي:
جامعٌ شادَهُ على النور *** فحلٌ أمويٌّ معرِّقٌ منصورُ لم ترعْ فيه قبل حكم الطواغيتِ *** طيورٌ ولا استبيحتْ وُكورُ
وعندما ناديتُ حماة في قصيدتي ربيع البعث في الشام، والتي كانت الوثيقة الثامنة من وثائق القضية التي جمعها الأمن السياسي وقدمها أدلة لمحكمة أمن الدولة، رغم أنني بعد وصف جرائمهم أنهيت القصيدة باستحضار الأسير "جبل الشيخ" من سجنه ليعزيَ أهلنا في حماة بمأساتهم في ثمانينيات القرن العشرين ويطلب منها أن تسامحهم، فوطننا من علم العالم التسامح:
شيخُ الجبال يقولها منْ سجنِهِ *** جَلَّ المُصابُ فسامِحيهمْ يا حَمَا شُدِّي دمشقُ على الجراحِ وشددي *** بالعقل نبني لا بإهراق الدِّما يا موطني إني عرفتكَ مؤمنًا *** مُتسامحًا فالكونُ منكَ تعَلمَا
وأما اليوم، فلا كلام عندي أقوله لشعبنا في مأساته المستمرة منذ نصف قرن، يعاني فيها ظلم وفساد واستبداد نظام رجعي طائفي من أنظمة القرون الوسطى، إلا الصبر والثبات في سلمية الثورة حتى بلوغ النصر المؤزر -بإذن الله-، وترحيل النظام والرئيس. يا حماة الديار.. يا أبناء وأحفاد رجال الاستقلال والجلاء من الطائفة العلوية: إن العالم كله يعلم أن طائفة واحدة هي طائفة الرئيس بشار الأسد انفردت بحكم الوطن منذ أن استطاع والده حافظ الأسد، خلال الحرب الباردة، أن يجعل سورية تدور في فلك الاتحاد السوفييتي السابق بعيداً عن أهداف حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أوصل ضباطه وزير دفاع دولة البعث اللواء حافظ الأسد إلى رأس السلطة في سورية عام 1970م. فاغتنم الرئيس الأسد لحظة التغيير في الإستراتيجية الدولية منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وعودة الخميني من باريس عام 1979م، والغزو السوفييتي لأفغانستان، والحرب العراقية الإيرانية، اغتنمها كلها ليعقد معاهدة دفاع مشترك مع الاتحاد السوفييتي لمدة عشرين عاماً، ويدور في فلك النظام الإيراني الإسلامي المذهبي المسرف بمباركة السوفييت، والدليل هو خطاب خالد بكداش زعيم الحزب الشيوعي السوري في المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث، فمن سمعه يستحضر الآيات القرآنية الكريمة في الدفاع عن نظام آيات الله الإيراني، لظن أن خالد بكداش أصبح آية منهم؛ لآن مصلحة السوفييت، وليس مصالح الوطن والأمة، كانت تقتضي ذلك. يا حماة الديار.. يا أبناء وأحفاد رجال الاستقلال والجلاء من الطائفة العلوية: إنكم وحدكم تتحملون المسؤولية عما جرى ويجري اليوم في الوطن السوري، فأنا وأبناء جيلي شهداء عليكم؛ ونتيجة لقبولكم استبداد حافظ الأسد وانفراده بالسلطة وتحويله نظامنا الجمهوري إلى نظام وراثي، فقد أصبح الوطن اليوم: قاب قوسين أو أدنى من التدويل والحرب الأهلية. واعلموا أنكم لستم على شيء إلا بالإجماع الوطني، وأنكم لستم أحرص على وطننا السوري ضد التدخل الأجنبي من المعارضة الوطنية بكل فصائلها وفي مقدمتها أصدقائي في حزب الإخوان المسلمون، وأنكم وحدكم تتحملون عواقب القادم الوخيم -إذا لا سمح الله-، تدولت الأزمة الوطنية السورية؛ ولهذا رأيت أن أضع مبادرة الكتلة الوطنية أمامكم، قبل فوات الأوان، للعمل على تحقيق الأهداف التالية: أ- عليكم، يا قادة الجيش من العلويين، أن تعلنوا انضمامكم لشباب ثورة الحرية والكرامة، كما انضم أشقاؤكم من قادة جيش مصر العظيم إلى ثورة أبنائهم، وأن تأمروا جميع القوات المسلحة بالانسحاب من المدن والقرى والشوارع إلى ثكناتها. ب- ولأن الرئيس بشار الأسد فقد شرعيته، فلا مجال أمامكم إلا عزله، وانتخاب قائد عسكري علوي من بينكم كي تدخلوا الطمأنينة على قلوب الذين أرعبتهم شبيحة النظام من كل الأقليات الطائفية، على أن تكون مهمة القائد العسكري الجديد إدارة الدولة في فترة انتقالية لا تتجاوز السنة، وعندها يمكن التفاوض مباشرة على مبادرة الوزير السابق محمد سلمان، بعد إضافة بنود مبادرة الكتلة الوطنية للتعيير والإصلاح، وهي التالية: 1- إلغاء النظام الجمهوري الوراثي للحزب القائد للمجتمع والدولة الذي ابتدعه حافظ الأسد، وإعادة نظامنا الجمهوري الديمقراطي التعددي الحر في الفكر والسياسة والدين وفي احترام حقوق الإنسان والأقليات؛ وإعلان الانتماء الوطني، أي المواطنة، التي تعلو فوق أي انتماء آخر في مجتمع الدولة الوطنية السورية. 2- إعادة دستورنا الوطني لعام 1950م والعمل به، ريثما تتم الدعوة لانتخاب مجلس تأسيسي ووضع الدستور الجديد. 3- إلغاء كل ما ترتب على دستور عام 1973م.. والقيام بالمصالحة الوطنية مع كافة أطياف المعارضة السورية دون استثناء أحد منها.. وفي مقدمتها حزب الإخوان المسلمون. 4- تشكيل مجلس وطني انتقالي وحكومة وحدة وطنية. 5- إحداث هيئة قضائية عليا من خبراء في القانون الوطني والدولي لمحاسبة كل من أساء استخدام السلطة، وكل من اغتنى على حساب دماء شهداء الوطن وعرق جبين أبنائه منذ صدور قوانين التأميم في عهد الوحدة حتى يومنا هذا. 6- السماح لكل الأحزاب السياسية الوطنية والقومية والإسلامية والأممية التي كانت تعمل على الساحة السياسية السورية عام 1954م، وهي: الحزب الوطني، وحزب الشعب، والسوري القومي الاجتماعي، وحزب البعث العربي الاشتراكي، وحزب الإخوان المسلمون، والحزب الشيوعي السوري، وكل من يريد أن يؤسس حزباً سياسياً جديداً من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. 7- الابتعاد عن النظام الإيراني الإسلامي المذهبي المسرف، وعن كل نظام في الإقليم إلا إذا كان ذلك يصب في مصلحة الإستراتيجية العربية العليا. 8- العودة إلى الصف العربي، والعمل مع مصر العربية والعربية السعودية على تفعيل ميثاق الجامعة وتفعيل معاهدة الدفاع المشترك بين دولها الموقع عليها في 13/ نيسان –إبريل- 1950م، والعمل على تحرير الأراضي العربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية بحدود ما قبل 4/ حزيران/ 1967م وعاصمتها القدس الشريف، والعمل مع دول الجامعة العربية على وضع الأسس السياسية والاقتصادية والعسكرية لإقامة دولة الاتحاد العربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي. والخلود لشهداء الوطن والأمة.
أبو عبد الملك الشرعي
محمد عادل فارس
أبو طلحة الحولي
أبو بكر الشامي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة