..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

تأملات ثورية بعد عام: سلسلة (3) الدور السلبي لإعلام المعارضة

ميمونة جنيدات

٣ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6721

تأملات ثورية بعد عام: سلسلة (3) الدور السلبي لإعلام المعارضة
++987.jpeg

شـــــارك المادة

قد يستغرب البعض تجاوز الإشادة بالدور الايجابي للأقنية السورية المعارض، أو الأقنية غير السورية والتي تتبنى وجهة نظر طيف من المعارضة ودورها الفاعل في تأجيج نار الثورة وإيصالها إلى ما هو عليه الآن!! ولكن عظم هذا الدور جعله كالشمس التي بات نورها غير محتاج إلى تعريف به أو توصيف له.

 

وأما فتح ملفات التأثيرات السلبية لهذه الأقنية فهو من باب وضع اليد على ثغرات في جدران الثورة، وتنبيه الثوار إلى مكامن الخطر لاستدراكه ومن ثم تجاوز بعض المطبات التي وقعنا فيها بحسن نية، والخروج من شراك نُصبت لنا، ولعل أحدها هو التركيز الإعلامي القوي على بعض المدن الثائرة في حين كانت التغطية باهتة وخجولة لمناطق أخرى، مثل: (اللاذقية، دير الزور، إدلب وريفها، الجزيرة السورية، ريف حلب. وغيرها....). فالذي حصل عقب هذا هو إعطاء العالم صورة خاطئة أن الثورة هي في حمص ودرعا وحماة، وأنها مدن متمردة تقوض أركان الدولة، وهناك مبرر أخلاقي لقمعها حفاظاً على الدولة من الانهيار طالما أن كثيراً من المناطق السورية تصور على أنها ذات حراك بسيط، أو أنها صامتة أو موالية.
والوجه الآخر السلبي لهذه الظاهرة هو عند توجيه ضربة موجعة للثورة في تلك المدن، فيبدو للعالم وكأن الثورة ترنحت وشرعت بالتلاشي، وهذا ما حصل في بابا عمرو، حيث جاء رئيس العصابة بنفسه ليتجول في هذا الحي شامتاً يرسل للعالم رسالة المنتصر ولشعبنا بعض الإحباط وكسران الخاطر. وربما لو أننا أعطينا باقي المدن حظاً أوفر من الدعم الإعلامي -أو حتى لو بالغنا فيها بتضخيم الحدث- لرفعنا من كم ونوع الحراك الثوري هناك، وخففنا الضغط عن المدن المنكوبة.
ومن الآثار السلبية لإعلامنا هو خلق هوة كبيرة بين المعارضة وثوار الداخل بسبب تبادل الاتهامات بين المعارضين أنفسهم (ونشر الغسيل الوسخ) على الفضائيات مما زرع مناخاً لضعف الثقة من أهل الداخل بمن هم بالخارج وصل لدرجة مساواتهم بالنظام في بعض الأحيان. ولعل أسوأ فخ وقع فيه إعلامنا هو الهجمة الشرسة التي شنت على حلب منذ بداية الثورة في حين كانت مدناً أخرى (في نفس الدرجة لمقياس الحراك الثوري) لم تنلها هجمة مماثلة أو لنقل كانت في معزل تماماً عن النقد والشهير. وكان هذا منزلقاً خطيراً ترك ندبات، وسيترك كوارث بعد انتهاء الثورة إن لم يتم تدارك الأمر، وقد كان بإمكان الفضائيات استضافة خبراء ومحللين ومتخصصين أكاديميين من المغتربين السوريين لتحليل ودراسة الحالة والأوضاع الخاصة لكل مدينة، ومعرفة نقاط القوة والضعف، ومن ثم الإرشاد لكيفية استثمارها بالطريقة المثلى والوقت المناسب، بدلاً من فتح شاشاتنا لوابل من الرسائل والمكالمات واللقاءات التي تُشن؛ إما من أذناب النظام لدس الفرقة، أو من ثلة من الغوغائيين الذين يفتقرون للحكمة والموضوعية فكانوا خير بوق للنظام وهم لا يشعرون.
ولعل أشد الآثار السلبية ظهرت من أقنية رجال أعمال غير سوريين، وهم أناس فضلاء عظماء مكانتهم في نفوسنا رفيعة جداً؛ ولكنهم لم يوفقوا في كثير من الأحيان في اختيار كادر ناضج ذو أهلية وكفاءة وحكمة.
وختاماً: نثمن جهود إعلامنا كثيراً، ونَمتَنُ لدورهم المؤثر في دفع الثورة. وانطلاقاً من موقعهم الحساس نرجو منهم أن يتجردوا من الشخصنة، ويكونوا صوت الثورة الحق والتي هي كالأم الرؤوم تؤلف قلوب أبنائها جميعاً، فإذا تأخر أحد أبنائها بالنطق تعاملت معه بالحكمة لا بالانتقاص وعقد المقارنات؛ لأنها تدري أنه حين يتكلم قد يكون أكثر فصاحة من باقي إخوته، وإذا عقها بعض أبنائها وابتعد عنها نادته بحنان وصفح لتعيده إلى حجرها.. لا غنى لها عن أي من أبنائها. ونرجو أيضاً أن يخرج إعلامنا من شرنقة التحجر والانغلاق إلى عالم رحب يتقبل فيه الأخوة بعضهم مهما تباعدت وتعاكست آراؤهم بعيداً عن التجريح والتخوين، يتفاهمون في غرف مغلقة ثم يخرجون لنا بزي واحد وإن تعددت الألوان والمقاسات يكون أهلاً لكسب ثقة باذلي الدماء في داخل سورية وطمأنة نفوسهم وجبر خواطرهم.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع