..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هل يتخلى الغرب عن نظام بشار الأسد

وليد الحاج

٨ ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3677

هل يتخلى الغرب عن نظام بشار الأسد
0663300.jpeg

شـــــارك المادة

سؤال كثيراً ما يتم تداوله اليوم بعد أن رأى العالم كيف تخلت دول الغرب عن أوثق حلفائها في المنطقة كنظام حسني مبارك في مصر وبن علي في تونس، ولم يستغرق الأمر سوى أيام قليلة حتى أعلنت واشنطن وعواصم غربية عديدة أنهما قد فقدا الشرعية وعليهما الرحيل.


ولكن في الحالة السورية فإن أكثر ما يثير علامات الريبة والشك أنه وبعد مضي ما يزيد على أربعة شهور ونصف وأكثر من 4500 شهيد من المدنيين والعسكريين وعشرات آلاف المعتقلين وما يقارب الثلاثة آلاف مفقود فإن الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا لا تزال تأمل في بقاء بشار الأسد على هرم السلطة عبر إصلاحات تبقي على حكمه بالتوازي مع انقلاب يطيح ببعض رموز الفساد وقيادات الأجهزة الأمنية التي تعيث تدميراً وتخريباً في طول البلاد وعرضها.
مما لا شك فيه أن نظام بشار الأسد قد استطاع بناء شبكة مصالح وعلاقات مع دول العالم وخاصة الغربية منها جعلت من قرار الإطاحة به أمراً في غاية الخطورة ومجازفة حقيقة لا تحمد عقباها، وخاصة في حال تسلمت حكومة وطنية تراعي مصالح شعبها قد تكشف أمام الرأي العام حقائق ومعلومات خطيرة وحساسة حول المدى الذي بلغه النظام السوري في تقديم خدماته السياسية والأمنية للعديد من الدول التي تحاول تسويق نفسها اليوم كدول مدافعة عن حقوق الإنسان.
لا شك أن بشار الأسد قد ورث عن أبيه حافظ الأسد سياسة المقايضات وتبادل المصالح والمنافع التي سمحت له بالنتيجة في الحفاظ على مقاليد السلطة لثلاثة عقود، وبغض النظر عن صحة ما يشاع بأن التنازل عن الجولان وإعلان سقوطه في نكسة حزيران بينما كان الجنود السوريين - كما روى لي أحدهم - يشربون ويتوضؤون للصلاة من مياه بحيرة طبرية، كانت صفقة أبرمها الأسد الأب من أجل مباركة تسلمه لمقاليد الحكم في البلاد بعد انقلابه على رفاق دربه فيما سمي آنذاك بالحركة التصحيحية، فإن مثالاً صارخاً آخر جرى هذه المرة في حرب الخليج الأولى حين أيد حافظ الأسد الحرب على العراق مقابل إطلاق يده في لبنان وإعطاءه الضوء الأخضر لإنهاء تمرد الجنرال ميشيل عون والذي فر إلى فرنسا ولم يسمح له بالعودة إلا بعد مرور 15 عاماً على إثر مقتل رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري ليصطف الجنرال عون اليوم وراء مواقف الأسد الابن وسياساته في لبنان في مشهد يثير العديد من علامات الاستفهام، هذا فضلاً عما حققه الأسد الأب من مكاسب سياسية واقتصادية ضخمة جاءت كمكافئة له على موقفه في حرب الخليج الأولى والتي لا يزال نظام الأسد الابن يجني ثمارها إلى اليوم عبر دعم سياسي ومادي يقدم إليه من بعض دول الخليج في مواجهة الثورة السورية.
واليوم فإن دلائل كثيرة تشير أن الأسد الابن قد استثمر في هذه السياسة كثيراً وهو يسير على خطى والده ففي العام 2001م وعقب شهور قليلة على تسلم بشار لمقاليد الحكم جاءت أحداث الحادي عشر من أيلول لتمثل فرصة ثمينة له ولأجهزته الأمنية التي أذهلت وكالات الاستخبارات العالمية بمن فيها وكالة المخابرات الأمريكية CIA بحجم ما تمتلكه من معلومات ووثائق حول الحركات الجهادية والأصولية ليس في سوريا والمنطقة العربية فحسب بل على مستوى الشرق الأوسط والعالم، فحجم ما قدمته دمشق لواشنطن من مستندات ووثائق فاق 300 ألف - بحسب مصادر أمريكية- تتضمن معلومات حساسة وخطيرة حول تنظيم القاعدة والمجاهدين العرب في أفغانستان والقارة الأوروبية وحتى داخل أمريكا نفسها، وقد مكّنت هذه المعلومات من إنقاذ حياة آلاف الأمريكيين كما صرح به مسؤولون أمريكيون في أكثر من مناسبة.
لقد تعاونت سوريا مع الولايات المتحدة إلى أقصى الحدود الممكنة في حربها المزعومة على الإرهاب، ففضلاً عن كنز المعلومات الذي وضعته سوريا تحت تصرف الاستخبارات الأمريكية، فتحت سوريا سجونها ومعتقلاتها لأفراد من القاعدة تم اعتقالهم من قبل القوات الأمريكية في أفغانستان وباكستان، حيث يؤكد مايكل شوير الذي عمل لمدة 22 عاما لدى CIA وترأس لسنوات طويلة فريقاً للبحث عن أسامة بن لادن لإذاعة BBC في 1-2-2005م وجود صفقة أمنية سورية ـ أمريكية لنقل معتقلين من سجن غوانتانامو لتعذيبهم في سورية من أجل الحصول على اعترافات حول علاقتهم بمنظمة القاعدة.
كما نشرت مجلة التايم الأمريكية في هذا السياق تقريراً سرياً للاستخبارات الألمانية بتاريخ 15-11-2006م مفاده أن 'CIA' استخدمت سجناً سورياً يدعى فرع فلسطين مشهور باعتماده التعذيب، وذكر التقرير أن مهندس الاتصالات الكندي من أصل سوري ماهر عرار كان معتقلاً في الزنزانة رقم (2) في سجن فرع فلسطين السوري، بعدما اعتقل في مطار جون كيندي -القريب من نيويورك- وتم ترحيله إلى سوريا، وبعد تعرضه للتعذيب والضرب وقّع عرار إفادة بأنه تدرب في معسكر لـ'الإرهابيين' في أفغانستان، كما تشير تقارير أخرى أن الإدارة الأمريكية قامت بتسليم سوريا واحداً من أبرز زعماء القاعدة وأهم المطلوبين لدى المخابرات السورية وهو مصطفى الست مريم الملقب (أبو مصعب السوري) ثمناً لتعاونها الاستخباراتي بعد أحداث 11 أيلول.
وقد اعترفت سورية علانية وفي أكثر من مناسبة بهذا التعاون، حيث يقول وزير الاتصالات السوري الأسبق عمرو سالم لقناة سكاي نيوز البريطانية بتاريخ 24-7-2006م: "نعلم أين هي مواقع القاعدة ونستطيع إبلاغكم بذلك"، وتابع سالم: أن "سوريا تقترح أن تكون وسيطاً بين إيران والولايات المتحدة"، ويمكنها أيضاً أن "تؤدي دوراً مهما في العراق".
ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية بتاريخ 9-12-2010م وثائق نقلاً عن ويكليكس تناولت محضر الاجتماع الذي كتبه القائم بالأعمال الأمريكي بدمشق تشارلز هانتر في 24-2-2010 والموجه إلى الخارجية الأمريكية حول اجتماع حضره كلاً من اللواء علي مملوك مدير إدارة المخابرات العامة بتكليف من الأسد شخصياً، ودانييل بنيامين منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، حيث قال مملوك: "إن سورية كانت أكثر نجاحاً في محاربة الإرهاب في المنطقة من الولايات المتحدة، لأننا كنا عمليين وليس نظريين"، مشيراً إلى أن "النجاح السوري تمثل في اختراقه المجموعات الإرهابية، وحصول سورية على ثروة من المعلومات أثناء توغلها في الجماعات الإرهابية".
النماذج العملية لهذه الاختراقات الأمنية للمجوعات الإرهابية -كما يصفها مملوك- كانت أكثر وضوحاً في العراق حين تم تجنيد عدد من العملاء ومنهم الحلبي محمود قول أغاسي (أبو القعقاع) عميل المخابرات السورية، حيث عمل أبو القعقاع على تهريب المقاتلين العرب إلى العراق بأوامر من المخابرات السورية (باعتراف مملوك نفسه)، وتم اتهامه بعد ذلك من قبل مركز خدمات المجاهدين في العراق ومركز الإعلام الإسلامي العالمي التابع لتنظيم (القاعدة) باختراق مجموعات من المقاتلين الذين قصدوا العراق للقيام بعمليات تستهدف قوات الاحتلال وبكونه مسؤولاً عن اعتقال أعداد منهم على يد المخابرات الأمريكية، وقد تم تصفيته بعد ذلك من قبل المقاومة العراقية أمام مبنى أوقاف حلب في وضح النهار وتبنت القاعدة مسؤولية ذلك في بيان رسمي صادر عنها، [موقع الجمل الالكتروني السوري 3-6-2006].
لقد تعاونت سوريا مع الولايات المتحدة إلى حد كبير في الموضوع العراقي، فقامت بتسليم سبعاوي إبراهيم الحسن التكريتي الأخ غير الشقيق للرئيس الراحل صدام حسين ومن ثم إعدامه بعد ذلك، كما بعثت برسالة قوية إلى إدارة جورج بوش حول العراق، أمنياً بالنسبة للإجراءات التي اتخذتها عبر ضبط الحدود، وسياسياً من خلال دعم الانتخابات العراقية المتتالية عبر الضغط على الأحزاب والجماعات العراقية الموالية لها للمشاركة فيها، وتمزيق حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق وإضعافه وذلك من خلال تأسيس جناح يونس الأحمد وتمويله وفتح مكاتب رسمية له في قلب العاصمة دمشق، وثالثاً من خلال طرد جماعات المقاومة العراقية الشريفة غير المرتبطة بالأجندة السورية وحساباتها، ورابعاً عن طريق تصفية العديد من عناصر المقاومة العراقية على الأرض السورية من قبل أطراف قيل أنها إيرانية وبعلم المخابرات السورية.
وفيما يتعلق بالمقاومة والممانعة التي يرفع شعارها النظام أمام المتظاهرين ليل نهار، فقد استعملت سوريا المقاومة الفلسطينية واللبنانية كورقة تساوم بها إسرائيل ودول الغرب، وقد ورد الكثير من الأدلة على ذلك، حيث لعبت دمشق دوراً مهماً في تهدئة العمليات العسكرية في فلسطين وفي تشجيع الحوار بين الفصائل السياسية الفلسطينية الذي جرى في القاهرة، واتخذت إجراءات تحد من الحركة الفلسطينية في الداخل السوري، وتعمدت الإعلان عن هذه الخطوات، وهي قد تمضي بتشجيع الانتخابات الفلسطينية في حال حصلت انفراجات ولو ضئيلة في علاقتها مع واشنطن. وبحسب إحدى البرقيات المسربة عبر موقع ويكيلكس وصف بشار الأسد حماس بالضيف الذي جاء بدون دعوة، وذلك خلال لقائه مع وفد من الكونغرس الأميركي عام 2009، مشبهاً حماس بحركة الإخوان المسلمين في سوريا والتي سحقها والده في الثمانينات، ولمح إلى أنه قد يقطع علاقته مع الحركة مقابل حوافز؛ مثل السماح لسوريا بشراء طائرات مدنية وقطع غيار لها.
كما أغلقت دولة الممانعة والمقاومة منذ أعوام مكتب حركة الجهاد الإسلامي إثر عملية استشهادية نفذها أحد عناصرها، وذلك بعد تهديدات إسرائيلية قوية ومهينة للأسد شخصياً حيث وجه نائب وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك زئيف بويم تهديداً مباشرا إلى سورية بمهاجمتها، وقال للإذاعة الإسرائيلية: إذا لم يفهم الأسد برأسه فقد يفهم برجليه. (القدس العربي 27-2-2005م).
ويتم اليوم تسريب معلومات أن سوريا تضغط على حماس لتسليم الجندي جلعاد شاليط إلى إسرائيل وتقديم تنازلات مؤلمة فشل نظام الرئيس حسني مبارك خلال سنوات عديدة في إجبار حماس على الإقدام عليها قبيل الإطاحة بحكمه.
كما أن هنالك شكوكاً متزايدة حول تعاون أجهزة المخابرات السورية في تصفية محمود المبحوح أحد أهم قيادات حركة حماس فيما قيل أنها صفقة سورية إيرانية إسرائيلية تم بمقابلها تسليم قائد حركة المقاومة السنية في بلوشستان عبد الحميد ريغي لإيران وإعدامه بعد ذلك، حيث أشارت تحقيقات شرطة دبي إلى أن تحركات المبحوح كانت تتم مراقبتها قبيل مغادرته دمشق، كما أشارت بعض المصادر إلى أن المبحوح كان متوجهاً لطهران بدعوة خاصة منها لترتيب نقل ما قيل حينها بأنها شحنة أسلحة إلى غزة.
كما جاء اعتراف دمشق منذ أيام بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967م وعاصمتها القدس الشرقية بـ"التطور المؤلم"، كما وصفه سليم الحص أحد أبرز حلفاء دمشق السابقين، هذا الاعتراف الذي جاء عقب تصريحات رامي مخلوف الشهيرة وربطه لأمن سوريا بأمن إسرائيل وترجمة النظام لتلك التصريحات في واقعة اقتحام حدود فلسطين في الجولان وجنوب لبنان في ذكرى النكسة واستشهاد العشرات من المدنيين الفلسطينيين والسوريين بينما كانت أجهزة الأمن والجيش السوري وقوات حزب الله اللبناني تراقب ذلك عن بعد.
لقد تمت إهانة دمشق سياسياً وأمنياً في العديد من المناسبات ولرأس هرم السلطة فيها بينما احتفظ النظام بحق الرد المشروع في المكان والزمان المناسبين اللذين لم يأتيا لغاية اليوم رغم مرور سنين عديدة على تلك الإهانات والضربات القاسية التي وجهتها إسرائيل له. لقد تم تحليق طائرات إسرائيلية فوق قصر الرئاسة في اللاذقية وبشار الأسد داخله، كما تم قصف معسكرات تدريب للفصائل الفلسطينية على بعد كيلومترات قليلة من العاصمة دمشق في منطقة (عين الصاحب) واخترقت المقاتلات الإسرائيلية الأجواء السورية وقامت بتدمير المفاعل النووي السوري المزعوم في موقع الكبر بدير الزور.
لقد استباحت إسرائيل سوريا طولاً وعرضاً ويعربد فيها عملاء استخباراتها دون أن يفكر النظام في وضع حد لهذه التجاوزات في موقف يثر الريبة والشك، فها هي صحيفة معاريف الإسرائيلية تنقل بتاريخ 23-2-2005م عن شاؤول موفاز وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك قوله لشخصية سورية غير رسمية التقاها في لندن حين سألته تلك الشخصية: «هل تعرف سورية؟ فأجاب وزير الدفاع: اعرفها جيداً، وفصّل موفاز مناطق جغرافية كاملة، بينها دمشق وحمص ومثلث الحدود مع إيران والعراق»، وأشارت الصحيفة إلى أن الشخصية السورية «اهتمت بمعرفة كيفية إطلاع موفاز على هذه المناطق، فأجاب وزير الدفاع: قضيت هناك غير قليل من الوقت لكن ليس كسائح، في عهد السلام سآتي أيضاً في وضح النهار»، وقد استحق بشار الأسد بذلك لقب ملك ملوك إسرائيل وذلك بحسب وصف (صحيفة هآرتس الإسرائيلية).
‏كما يذكر السوريين كيف تمت تصفية العميد محمد سليمان مسؤول الملف النووي ومستشار الأسد للشؤون الأمنية، حيث كشفت مجلة دير شبيجل الألمانية في العام 2008م أن قناصاً من جهاز الموساد الإسرائيلي قد أطلق من على سطح يخت في مياه البحر المتوسط رصاصة من بندقية كاتمة للصوت على رئيس اللجنة النووية السورية بينما كان على الشاطئ فأرداه قتيلاً. كما يعترف خالد مشعل زعيم حركة حماس أنه قد تعرض إلى عدة محاولات اغتيال داخل العاصمة دمشق رغم الحماية اللصيقة التي توفرها أجهزة المخابرات السورية له؟!.
ولو عرجنا على دعم النظام المقاوم والممانع لحزب الله اللبناني فقد نشر موقع ويكليكس في 17-1-2011 أن بشار الأسد أبدى استعداده للتخلي عن حزب الله مقابل السلام مع إسرائيل وذلك خلال لقاءه مع وفد من أعضاء الكونغرس الأمريكي، كما يذكر الجميع تصريحات السيدة سعدى بدر الدين أرملة عماد مغنية القائد العسكري لحزب الله الذي تم اغتياله في حي كفرسوسة الراقي في قلب العاصمة دمشق وقرب مكتب رئيس شعبة المخابرات العامة آنذاك اللواء آصف شوكت، هذه العملية التي كان لها تأثيراً كبيراً وموجعاً للحزب، حيث اتهمت أرملة مغنية السلطات السورية بوقوفها وراء اغتيال زوجها من خلال سيارة مفخخة. ونقل آنذاك موقع "البرز" المقرب من طهران تصريحاً لها تتهم فيه دمشق صراحة بـ"خيانة" زوجها قائلة: "لقد سهّل السوريون الخونة قتل زوجي"، وأضافت: "إن رفض سوريا مشاركة محققين إيرانيين في ملابسات واقعة الاغتيال هو الدليل الدامغ على تورط نظام دمشق في قتل عماد" بحسب تعبيرها.
وحتى طهران حليفة دمشق الحميمة فقد أثبت النظام الممانع أنه ليس على استعداد لخوض أية حرب للدفاع عنها في حال تعرضها لهجوم أمريكي أو إسرائيلي، وما يشاع اليوم عن اتفاقيات تعاون عسكري واستراتيجي ودفاع مشترك إنما هي للدعاية والإعلام فقط، فقد ذكرت بتاريخ 8-12-2010م برقية دبلوماسية أمريكية كشفها موقع ويكيليكس أن سوريا رفضت (توسّلات) إيرانية بالالتزام بالانضمام إليها في حال وقوع حرب بينها وبين إسرائيل أو بين حزب الله وإسرائيل.
ويعود تاريخ البرقية الموجهة من السفارة الأمريكية في دمشق إلى وزارة الخارجية في واشنطن إلى كانون الأول/ ديسمبر 2009 وتنقل عن مصدر دبلوماسي سوري أن سوريا قاومت توسلات إيرانية للالتزام بالانضمام إلى طهران إذا اندلعت حرب بين إيران وإسرائيل أو حزب الله وإسرائيل.
وقال المصدر: إن مسؤولين إيرانيين كانوا في سوريا (لجمع الحلفاء) تحسباً لضربة عسكرية إسرائيلية، مشيراً إلى أن الإيرانيين كانوا أكيدين من حصول الضربة الإسرائيلية وكانوا يناقشون موعدها.
وتابع المصدر: إن الرد السوري كان إبلاغ الإيرانيين بألاّ يتطلعوا إلى سوريا "لخوض هذه الحرب"، وقال: قلنا لهم إن إيران قوية بما يكفي لتطوير برنامجها النووي بنفسها ومحاربة إسرائيل، مضيفاً: "نحن ضعفاء جداً".
كما نشر الموقع رغبة بشار الأسد في استئناف المحادثات مع إسرائيل بشكل غير مباشر عبر تركيا كما أن سوريا أبدت رغبتها أيضاً في قيام دولة عراق مستقر بعيداً عن هيمنة إيران!!.
لقد أثمرت السياسات السورية وتعاونها منقطع النظير مع الغرب عن غض النظر عن جرائم النظام وقمعه الوحشي للمتظاهرين السلميين من خلال دعم بقاء بشار الأسد في السلطة، وتم تسريب معلومات عبر وسائل الإعلام أن إسرائيل بعثت موفدين إلى أوباما بُعيد انطلاق الثورة السورية بأيام معدودة أبلغته بأن نظام بشار الأسد هو خط أحمر بالنسبة لإسرائيل، نتيجة لما يوفره بقاء بشار الأسد في السلطة من تأمين لحدودها الشمالية الهادئة منذ ما يزيد عن أربعين عاماً، وقد التقط نظام بشار هذه الرسالة وترجمها عملياً من خلال تصريحات رامي مخلوف الشهيرة وتمثيلية اختراق الحدود التي حدثت في ذكرى النكسة والتي كانت نتيجتها عشرات الشهداء والجرحى.
لقد أثمرت تلك السياسات السورية اصطفافاً ودعماً غربياً وأمريكياً كبيراً للأسد للبقاء في الحكم فقد شككت أمريكا في المعارضة السلمية للثورة السورية فقد نقلت صحيفة نيويورك تايمز في 15-6-2011م عن مسؤول أميركي قوله: «نحن نرى عناصر المعارضة المسلحة عبر سوريا».
وأضاف: «في شمال غرب البلاد، نحن نرى أنها تستولي، هناك الكثير منهم».
وفيما أكد أن الأميركيين «لا يعرفون حقاً من هي هذه الجماعات المسلحة»، وأشار إلى أنهم «على أساس ديني، بالتأكيد».
كما قالت صحيفة لوس أنجلوس الأميركية في 19-7-2011م إن الولايات المتحدة بدأت تلطف من لهجتها ضد سوريا، وأضافت أن الرئيس الأميركي باراك أوباما توقف عن دعواته للرئيس السوري بشار الأسد للتنحي عن منصبه والرحيل وأنه بدأ يخفف ويلطف من لهجة الخطاب مع الأسد.
كما ذكّر نتنياهو الأسد في مرتين على الأقل وخلال تصريحات صحفية أمام وسائل الإعلام بأن إسرائيل هي من حالت دون زحف القوات الأمريكية إلى دمشق للإطاحة بالأسد بُعيد سقوط بغداد حين هرع أرييل شارون إلى واشنطن ليبلغ بوش بأن نظام الأسد خط أحمر ويجب المحافظ عليه.
وفي 26-7-2011م وصف تقرير إستراتيجي إسرائيلي بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه "أهون الشرور" بالنسبة لإسرائيل، معتبراً أن استمرار الأسد في السلطة يعني أنه سيكون مشغولاً بتقوية نظامه بدلاً من مواجهة إسرائيل، في حين أن سقوط نظامه قد يعني عدم الاستقرار على الحدود بالنسبة لإسرائيل أو احتمال أن يصل إسلاميون إلى السلطة، وحتى لو قام نظام ديمقراطي على أنقاض نظام الأسد فإنه لا يعني علاقات أفضل مع إسرائيل.
وبالمحصلة وبعد كل ما ذكر آنفاً، فإن الغرب لازال يأمل في بقاء بشار في السلطة وسيبقى كذلك إلى اللحظة التي يدرك فيها أن مركبة بشار بدأت تغرق وأن الرهان عليه هو رهان خاسر، عندها فقط ستبدأ الولايات المتحدة والدول الغربية وإسرائيل وربما روسيا والصين ستقول بأن بشار الأسد فقد شرعيته وعليه التنحي، ولكن بعد أن يكون الشعب السوري قد دفع ثمنا باهضاً جداً في سبيل نيل حريته وكرامته.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع