..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ثورة العصر : تَطوي عامَ الدم .. وتَلِجُ عامَ النصر

محمد بسام يوسف

٢٤ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3048

ثورة العصر : تَطوي عامَ الدم .. وتَلِجُ عامَ النصر
1.jpg

شـــــارك المادة

عامٌ مضى، مخضَّباً بشلاّلات الأحمر القاني، ارتوت أرضُ الشام فيه بدماء أبنائها وبناتها، ونسائها وأطفالها، وشبابها وشيوخها..
عامٌ مضى، مَغسولاً بحبّات المآقي.. مُتَطَهِّراً بخفقات القلوب المؤمنة.. مُتَدَثِّراً بأرواح الأحياء عند ربّهم يُرزَقون.
عامٌ من حياة سورية وتاريخها، صنع السوريون -خلاله- مَجدَهم القادم، وحُرّيّتَهم المضرَّجة بأغلى ما يملكون، واثقين أنّ جلاء المحتلّ الأسديّ، بات قابَ: إرادةٍ لا تلين، وإصرارٍ لا يتزحزح.

 


ثورة الشام، ثورة.. لا نُزهة!.. والثورة لا تتألّق، ولا تتعمّق، ولا تنتصر.. إلا بالتضحيات الجِسام. فكلما بُذِلَت الغاليات من الأنفس والأرواح والدماء والأموال والأوقات.. كانت ثمرة الحرية والاستقلال والتحرير والاستقرار أنضجَ وأحلى وأجمل.
في عام الثورة الذي مضى، امتزجت الآلام بالآمال، وأشرقت النفوس بنور ربِّـها، وانجلت القلوب بصرخات: (الله أكبر)، وتعطّرت مساجد الشام بالدماء الزكية، وتطهّرت الفضاءات بتجلّيات: (لبيكَ يا الله)، وخرجت جموع السوريين إلى ساحات المواجهة، شباباً ورجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخا، يدفعهم واجب الجهاد في سبيل الله، ويمدّهم إصرارٌ على نيل الحرية مهما بلغ الثمن، وتتملّكهم شجاعةٌ أسطوريةٌ لا مثيل لها، جعلتهم يواجهون -بأجسادهم- آلةَ القمع والبطش بكل أصنافها وأنواعها، ثابتين على الحق، متضرِّعين إلى الله عزّ وجلّ وحده، أن ينصرَهم على عدوّهم المحتلّ الأثيم.

*     *     *

عام انقضى، وقوافل الشهداء ما تزال تتزاحم للفوز بالجنة، وافتداء البلاد والعباد بالدم والروح، ولرسم المستقبل المشرق للأجيال القادمة.
عام انصرم، وقد انجلت خلاله الحقائقُ بلا (ديكوراتٍ) ولا رتوش، جليةً، لا يمكن لآلة الباطنيين والمنافقين والمتلاعبين والمناوِرين.. أن تُـخفِيَهَا، ولا لأَكُفّهم المضرّجة بدماء السوريين، أن تحجُبَهَا:
أما رأيتم رَأيَ العين، ذلك الحلف الباطنيّ الطائفيّ، كيف اجتمع على قتل السوريين، وذَبْحِهِم، وانتهاك أعراضهم وحُرُماتهم، ودَكّ مساجدهم ومساكنهم، ونَـهب وطنهم، وإبادة مزارعهم ومَصادر أرزاقهم، وإهلاك حَرثهم ونَسلهم؟!.. أما رأى العالَم بالعين المجرّدَة، كيف اجتمع الحلف الطائفيّ الهمجيّ اللعين، على الشرّ وابتكار أساليبه اللئيمة وأشكاله الإجرامية، بما يُرضي غليل القلوب المجوسية الصفوية السود الحاقدة؟!.. هذا الحلف الذي أُسِّسَ على النذالة والوضاعة والغدر والعقائد الفاسدة، التي وضعها لهم مجوس (أبي لؤلؤة) منذ أكثر من ألفٍ وأربع مئة عام.. ذلك الحلف بقرونه الشيطانية الثلاثة: إيران الصفوية وعراق المالكي وحزب المجوس اللبنانيّ؟!.. هل بقي عاقل من البشر، لم يشهد هذه الروح العدوانية الشريرة بالغة الحقد على سورية والسوريين؟!.. إنها الثورة السورية الربانية، التي كشفت طائفية العدوّ وباطنيّته، الذي كان يرمينا بِدَائه ويَنْسَلّ!..

*     *     *

أما رأيتم بني صهيون، كيف ائتمروا وتحرّكوا وفزعوا، لحماية ربيبهم وعميلهم خائن سورية وغادرها: نظام الاحتلال الأسديّ، الذي ظهر للناس أجمعين، أنه ليس إلا ذراعاً احتلاليةً ليهود، يبيعهم الأرضَ والعِرض، ويشتري منهم الدعمَ ليبقى جاثماً على صدور السوريين، قاتلاً لروح التحرير فيهم، مُبيداً لإرادة مواجهة المحتلّ الصهيونيّ الغاشم؟!.. أبقي في الدنيا غبيّ أو أعمى بصرٍ وبصيرة، يستطيع أن يواجهَنا بأكذوبة (الصمود والتصدّي) وخُرافات (الممانعة) التي اخترعها الصفويون -حلفاء يهود- للمحتل الأسديّ، ليخدعَ بها الحمقى والعميان ومكفوفي البصيرة من العرب والمسلمين والقومجيين الحمر والصفر والزرق والسود؟!.. إنها الثورة السورية، التي أسقطت كل أوراق التين، عن عورات الحلف الشيطانيّ بقرونه الثلاثة!..

*     *     *

أما رأيتم هذه اللعبة القذرة التي يلعبها الغرب، ويتقاسم فيها الأدوار والمهمّات، لإطالة عمر الاحتلال الأسديّ المجرم، وحمايته من التداعي والسقوط؟!.. فروسية والصين تستخدمان (الفيتو)، وأوروبة وأميركة تتذرّعان بالفيتو، والكيان الصهيونيّ يُنَسِّق بينهم أجمعين، والنتيجة: بقاء الاحتلال الغاشم الأسديّ ينهش سورية والسوريين، ويُبيد البلاد والعباد.. حتى إذا أنهِكَ الطرفان كما يأملون، تدخّل الغرب والشرق، كي لا يتمكّن السوريون من انتزاع حرّيتهم وبناء دولتهم المدنية الحديثة.. حمايةً لحليف الحلف ذي القرون الثلاثة: الكيان الصهيونيّ!.. كيف يمكن للعالَم الذي يُسمّي نفسَه بالعالَم المتحضِّر، أن يسكتَ على جرائم العصر وانتهاك كل الحقوق الإنسانية للسوريين، وبأبشع صورةٍ عرفها التاريخ؟!.. كيف يمكن لهذا العالَم أن ينام قريرَ العين، مرتاحَ الضمير، متفرِّجاً على وحوش الأسديين وهم يقترفون ما يقترفون؟!.. ثم يمنحهم المهلةَ تلو المهلة، ليشتدّ فَتكُهُ بشعبٍ أعزل مضطهَد، لا ذنب له سوى المطالبة بالحرية والكرامة!.. إنها الثورة السورية، التي عَرَّت المنافقين في الشرق والغرب، وكشفت لعبتهم القذرة، المجلّـلة بالتواطؤ والفضيحة؟!..

*     *     *

أما رأيتم أنذال الغرب وبعض الحكومات العربية، وهم يطالبون الضحيةَ التي لا تملك إلا أضلاع صدرها.. بوقف إطلاق النار؟!.. أما رأيتم دجّالي العرب والشرق والغرب، وهم يطالبون بعدم التدخّل الخارجي لحماية الشعب الذي يتعرّض للإبادة؟!.. مع أنهم يعلمون علم اليقين، أنّ التدخّل الأجنبيّ واقع بكل صُوَرِهِ العسكرية واللوجستية والسياسية والاقتصادية والاستخباراتية، لدعم نظام الخيانة الأسديّ، من قِبَل أركان الحلف الشيطانيّ مثلث القرون، وقِبَل روسية الإجرامية والصين الدموية!.. إنها الثورة السورية، كاشفة الفضائح والدسائس، والمُريب من الوقائع!..

*     *     *

أما شاهدتم كيف تتدفّق التصريحات والتلميحات، من شرق الدنيا وغربها، بكل اللغات: الفرنسية والإنكليزية والروسية والصينية والألمانية والعبرية والعربية، بأنه على المعارضة السورية أن تتوحّد، شرطاً لحماية الشعب الذي يتعرَّض للإبادة ولكل أصناف الجرائم ضد الإنسانية؟!.. وهم يعلمون -علم اليقين- أنّ أكثر من ثمانين بالمئة من المعارضة السورية موحَّدة تحت سقف (المجلس الوطنيّ السوريّ)، وأنه لا توجد معارضة في التاريخ القريب والبعيد والحديث والقديم.. يمكن أن تتوحّد من بابها إلى محرابها!.. كما يعلمون -علم اليقين- أنّ ثوار سورية أشعلوا ثورتهم بإرادتهم الكاملة، ولا علاقة للمعارضة السورية بذلك، ولا وصاية لكائنٍ مَن كان عليهم، وأنّ الثورة السورية ثورة شعبية وطنية لم تندلع وتستمرّ إلا بسواعد ثوارها وقلوبهم وأرواحهم ودمائهم، وأنّ دَوْرَ المعارَضَة هو دعم هذه الثورة، لتستمرَّ وتتطوّرَ.. وتنتصر!.. إنها الثورة السورية، التي أسقطت كلَّ الأقنعة عن وجوه الدجّالين المنافقين!..

*     *     *

أما رأيتم كيف يتواطأ الشرق والغرب، على الجيش الحرّ، وتنطلق التصريحات المتناقضة من أقصى الأرض إلى أقصاها، بأنّ تسليح الجيش الحرّ ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة؟!.. فلا هم يتدخّلون لحماية الشعب السوريّ الذي يُبادُ أمام أعينهم، وذلك تنفيذاً لشرعة الأمم المتحدة وشرائع حقوق الإنسان.. ولا هم يُـمَكِّنون جيشاً شريفاً -كالجيش الحرّ- من الدفاع عن شعبه وأهله، بل يَسُدّون كلَّ القنوات، ويوصِدون كلَّ الأبواب، للحيلولة دون امتلاك الثورة السورية أسبابَ القوّة، للوقوف بوجه جزّاري الاحتلال الأسديّ!.. فيما يغضّون الطرف عن بوارج روسية الإجرامية، وسفن إيران الصفوية، وشاحنات عراق المالكي الطائفيّ، وناقلات جنود حزب المجوس اللبنانيّ.. التي لا تتوقف حركتها باتجاه الأراضي السورية وسواحلها، تحمل وسائلَ الموت وأدوات الجريمة إلى نظام الإجرام الأسديّ الخائن!.. إنها الثورة السورية: الفاضحة التي فضحت همجَ العصر، والشياطينَ الخُرس، وهم يتلوّنون وينافقون ويُشاركون في الجريمة التي لا مثيل لها في تاريخ البشرية!..

*     *     *

ثورة السوريين، علّمتهم -خلال عامٍ من الخذلان والنفاق والتآمر والتواطؤ- أن لا ملجأ لهم إلا الله عزّ وجلّ، وأنه بقدر الإيمان بهذه الحقيقة، وبقدر امتزاجها في نفوسهم وأرواحهم.. فإنّ ساعة النصر تقترب أو تبتعد، فالله عزّ وجلّ هو القويّ الذي لا تُستمَدّ القوّة إلا منه، وهو الناصر الذي لا نصر من دونه، وهو الجبّار القاهر لطواغيت الأرض، وهو العزيز الحكيم الذي لا ينصر بشراً إلا بعد استكمال شروط نصره، وأول هذه الشروط: العقيدة الراسخة والإيمان المطلق، بأنّ الله سبحانه وتعالى هو -وحده- حامي المظلومين، ورادع الظالمين، وقاهر الجبابرة والأرباب المزيّفين.. يُظهِر الحقَّ ويُبطِلُ الباطل.. يُعِزّ مَن يشاء، ويُذِلّ مَن يشاء!..

*     *     *

لقد كانت الثورة السورية -بناءً على سنة الله عزّ وجلّ في الأرض- حتمية، فاندلعت بأنامل غضّةٍ لأطفالٍ من درعا، خَطَّت على جدران مدرسةٍ ابتدائيةٍ لازمةَ الاندلاع: (الشعب يريد إسقاط النظام).. ثم وصلت شرارتها -حتى الآن- إلى أكثر من سبع مئة بقعةٍ من بقاع سورية، من أقصاها إلى أقصاها، إلى أن تجاوزَ عدد الشهداء خمسة عشر ألفاً، من الرجال والنساء والأطفال والفتيات والشيوخ والعجائز.. فضلاً عن أعدادٍ تجاوزت مئات الآلاف من المفقودين والمعتقلين والجرحى والمهجَّرين!.. وها هي ذي سورية بملايينها الثلاثة والعشرين، بعد سنةٍ كاملةٍ من الغليان والتضحيات والإقدام، تصدح في الآفاق: (الشعب يريد إسقاط النظام)، بل: (الشعب يريد إعدام بشار)!.. فهل يمكن لطاغوتٍ أو بشرٍ أو حِلفٍ أو شيطانٍ أو أفّاكٍ.. أن يُـخمِدَ هذه الثورة الأسطورية؟!.. فمثل هذه الثورة -بإذن الله وحده- ستنتصر، وستدحرُ كلَّ شياطين الولاء للاحتلال الأسديّ، وكلَّ أبالسة الأحلاف والنفاق والتآمر والتواطؤ.
شمس الحرية في سورية بدأت تُشرِق في جنبات الشام، مُطرَّزَةً بأرواح الشهداء الأبرار، محمَّلةً بأكاليل الغار، معطَّرةً برحيق دماء الأوفياء.. ولنا في هذا العام -إن شاء الله الحيّ القيّوم- موعد مع التحرير، لكلّ الوطن السوريّ، بإنسانه وأرضه وسمائه وإرادته!..
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5).

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع