..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سيناريوهات نجاح الثورة السورية تتوقف على إرادة الشعب

عصام عبد الشافي

٨ مارس ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4266

سيناريوهات نجاح الثورة السورية تتوقف على إرادة الشعب
1.jpg

شـــــارك المادة

كما لم يكن متوقعاً عند الكثيرين أن تقترب الثورة من مصر أو ينهار نظام مبارك، باعتباره -عند الكثيرين- من أعتى الأنظمة وأكثرها رسوخاً واستقراراً وقدرة على ضمان أمنه، حتى لو كان هذا الاستقرار على فساد. كذلك لم يكن متوقعاً أن تقترب الثورة من سورية، ونظامها الأكثر قمعاً وقهراً وتسلطاً بين النظم السياسية في المنطقة العربية، ولكنها إرادة الشعوب التي لا تحدها حدود ولا تقف على توقعات المحللين وتنبؤات العرافين، وها هي الثورة السورية تقترب من عامها الأول، دون يأس أو خفوت في قوة المد الشعبي الثوري.

 


ومع تصاعد جذوة الثورة، في مقابل تصاعد بطش النظام، ثار الجدل حول السيناريوهات التي يمكن أن تأخذها هذه الثورة، وكيف ستكون نهايتها، وقبل رصد هذه السيناريوهات، يجب التذكير بأن هذه الثورة قامت على عدة مكونات أساسية، اجتماعية، سياسية، ثم عسكرية.
الأول: المكون الاجتماعي:
ويتمثل في تلك الملايين الثائرة عبر ربوع سورية، وكانت أداتها الأساسية المظاهرات السلمية، وهؤلاء هم من تعرضوا للقتل والاعتقال والتعذيب، ولأسباب سياسية واجتماعية متداخلة شكلت البيئة السنية الإطار الطبيعي للثورة، لكن قيم الثورة ومحركاتها خاطبت جمهورا واسعا، من أصول دينية ومذهبية غير سنية بل وغير إسلامية كذلك.
الثاني: المكون السياسي:
ويشمل التشكيلات السياسية التي تنسب نفسها إلى الثورة أو تعمل على خدمتها، وفي مقدمتها المجلس الوطني السوري، وللمجلس الوطني ميزتان مهمتان: الأولى: هي ما حظي به من تأييد شعبي، يجعل منه أقرب إلى تمثيل الوطنية السورية الجديدة، والثاني: أن قياداته والشخصيات الأبرز والأكثر ديناميكية فيه مستقلة في الأصل، وليست حزبية أو من أوساط المعارضة التقليدية.
الثالث: المكون العسكري:
ويتكون من جنود وضابط انشقوا عن الجيش السوري، بجانب مدنيين حملوا السلاح في وجه النظام لأنهم ملاحقون أو متعاونون بصورة ما مع الجيش الحر.
وفي ظل هذه المكونات الداخلية وأهميتها تبرز الأطراف الخارجية ومحورية دورها في إدارة الصراع، وهنا برز تياران على طرفي نقيض، الأول: التيار الداعم للثورة السورية ويضم معظم الدول العربية، ومن خلفها الدول الغربية وتركيا، وعدد كبير من دول العالم، بلغ نحو 137 دولة هي تلك الموقعة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المندد بممارسات النظام القمعي في سورية، والتيار الثاني، الداعم للنظام السوري، ويضم روسيا والصين اللتين تحدتا العالم واستخدمتا الفيتو ضد مشروع قرار أممي يدين ممارسات النظام السوري، وبجانبهما تأتي إيران وحزب الله في لبنان.
وأمام هذا التعدد في الأطراف والتداخل في المصالح، يأتي السؤال ما هي البدائل المتاحة أمام الثورة السورية، حتى تحقق أهدافها؟
أولاً: البدائل الداخلية:
البديل الأول: الانقلاب العسكري:
وقوع هذا البديل يكاد يكون ضعيفاً، ذلك أن الجيش السوري وتركيبته الطائفية من السياسات التي اتبعها النظام، فعبْر حكم «الأسدين» كانت هناك عملية ممنهجة لهيمنة الطائفة «العلوية» على مؤسسة الجيش، خاصة على مستوى قيادات الصفين الأول والثاني وجعل ضباط الطوائف الأخرى في الصفوف الخلفية للجيش. وهذه السياسة كانت تمارس بشكل واضح للشعب السوري، وكان الهدف منها حماية النظام الطائفي في سورية.
كما أن عمليات الانشقاق التي تحدث من قبل بعض الضباط هي حالات انشقاق فردية لن يكون لها أي ثقل ميداني إلا إذا اعتمدت على الصدى الإعلامي، بحيث يمكن أن تؤسس لحركة انشقاق ذات تأثير قوي لقطاعات من الجيش يمكن أن تحسم المسألة.
وقد يأتي هذا الانقلاب من داخل النظام، من قبل أشخاص كانوا أو صاروا ضده. وليس من قبل المقربين جدًا للرئيس، لأنهم يشاركونه مسؤوليته عن كل ما حدث.
البديل الثاني: بقاء النظام:
ويقوم على محاولة الأسد امتصاص الاحتجاجات عبر وعود إصلاحية وحلحلة بعض الملفات الشائكة خاصة ملف الأكراد، ويكون هناك اتباع لعملية الاحتواء المزدوج باتباع سياسات المنطق الأمني واتخاذ إجراءات الاعتقال التعسفي والتمشيط الأمني، والوصول للقيادات الدينية والسياسية والاجتماعية وإقناعها بالوقوف بجوار النظام عبر عناوين كبيرة مثل الحفاظ على الوحدة الوطنية والمؤامرات الإقليمية والدولية على سورية.
البديل الثالث: انهيار النظام:
من خلال الضغط على النظام من جميع الاتجاهات في الداخل والخارج، ولكن هناك عدة مشكلات تجعل من حدوث انهيار النظام سريعاً أمراً مستبعداً، منها: قدرة نظام الأسد، الذي يتمتع بتأييد كبير من الجيش والنخبة، وشرائح أخرى من السكان، على إطالة أجل نهايته الدموية بمساعدة أطراف خارجية، وتسارع الصراعات الطائفية التي تفرق بين العلويين وغيرهم من الأقليات وبين غالبية السكان السنة، مما يضاعف التوتر في لبنان المجاور، حيث يمكن أن ينظم المقاتلون السنة صفوفهم ويشنون هجمات داخل سورية، وكذلك السنة في العراق، ومحاولة قيام الأسد وإيران وحزب الله بالعمل على إنقاذ النظام السوري، ولديهم الوسائل للقيام بذلك، من خلال توجيه قوتهم العسكرية في معركة من أجل وجودهم الجماعي. واستدراج إسرائيل إلى صراع كبير دون أن يبدو الأسد أو حزب الله مسؤولين عن ذلك. وهنا سيكون على الولايات المتحدة وحلفائها الاستعداد لترتيب ضربة وقائية عسكرية واسعة النطاق، وتنفيذها بسرعة، من أجل مواجهة هذا الموقف الخطير بشكل مسؤول.
البديل الرابع: الحرب الأهلية:
وهذا البديل هو الأكثر دموية، وليس من صالح أحد أن تصل الأمور إلى هذا الحد، لأن للحرب الأهلية طابعها الطائفي الذي سيؤدي إلى استقطابات حادة، فالنظام يحرض المعارضة على استخدام العنف وقد يؤدي هذا إلى وضع يصعب السيطرة عليه. ففي بداية الأزمة كان من الممكن استدراك الوضع بالقيام بإصلاحات سياسية وبإيقاف العنف. ولكن، ومع تطور الأوضاع، صار بشار لا يسيطر على قواته، وقد تبدأ الحرب الطائفية بين القوات المسلحة، بمشاركة المدنيين والوحدات العسكرية المنشقة، وتمتد الحرب وتشمل سورية كلها.
البديل الخامس: التغيير السلمي:
ويقوم على تمدد الاحتجاجات في جميع المناطق السورية لتأخذ شكل ثورة سلمية تقوم على كاهل الشباب وبتبنٍّ من القيادات المجتمعية لهذه الثورة. يدعم ذلك طبيعة التركيبة الديموغرافية للمجتمع السوري تؤهل لوقوع هكذا بديل، فالمجتمع السوري يتسم بالتنوع الشديد والفريد، وفيما لو قررت العشائر الانضمام للثورة، فان هذا البديل واجب الحدوث.
وقد أعلنت رموز عشائرية في سورية، بالفعل في 14/ فبراير/ 2012، عن تشكيل تكتل أحرار العشائر العربية لمواجهة النظام السوري، والتحضير لمرحلة ما بعد الأسد، مؤكدين أن بعض القبائل السورية ساهمت بدور فعّال خلال الثورة، فيما تواصل قبائل أخرى وقوفها إلى جانب النظام في قمعه للمحتجين. وقال الشيخ «هزاع محمد الحسين التركاوي»، أحد مؤسسي الكتلة الوطنية للقبائل والعشائر السورية: أن أكثر من 70 قبيلة سورية تقف إلى جانب الثورة وتنشط فيها، وهو ما دفعهم لإنشاء تكتل سياسي يسهم في إسقاط النظام الحاكم». وعن الكتلة، قال التركاوي: إنها تسعى لتحقيق مطالب الشعب في إسقاط النظام بجميع أركانه ومنظوماته، من خلال دعم الثوار في سورية، والعمل على تأييد ودعم الجيش السوري الحر الذي يقوم بحماية الثورة المدنية من عصابات الأسد».
ورغم أن هذا البديل، ممكن الحدوث، فان بنية النظام والتداخلات الإقليمية قد تعيق حدوث هذا البديل مما قد يؤدي إلى إخفاق نجاح الثورة السلمية المأمولة.
ثانياً: البدائل الخارجية:
في ظل البنية الحالية للنظام السياسي في سورية فإنه من الصعب تخلي السلطة القائمة عن مهامها أمام الاحتجاجات الداخلية فقط، وهو ما يفتح المجال أمام البدائل الخارجية، ومنها:
البديل الأول: الخروج الآمن للنظام:
ويقوم على أن التحالف الدولي الذي يواجه الأسد يعد صفقة كبرى تتخلى عن المطالبة باستقالته، وخروجه بشكل آمن. مع تشكيل فريق قوي ذي كفاءة من المراقبين العرب والدوليين، ينتشر في أنحاء البلاد من أجل التحقق من سحب أسلحة الجيش الثقيلة وإطلاق سراح السجناء السياسيين. ويكون لهذا الفريق وجود دائم، ويمكن للمواطنين الوصول إليهم لتسجيل الشكاوى حول العنف الذي يقترفه أي طرف. مع عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية خارج سورية، برعاية جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وتمهيد الطريق لكتابة دستور جديد والتعددية الحزبية، ومراقبة إجراء الانتخابات البرلمانية، والانتخابات الرئاسية.
البديل الثاني: نموذج اتفاق الطائف السوري:
ويقوم على تقليص صلاحيات الرئيس السوري وتوسيع صلاحية مجلس الوزراء الذي يرأسه سني والاتفاق على توزيع المناصب في الإدارات العامة، وفقاً لنسبة عادلة تضمن تمثيل مختلف شرائح المجتمع.
البديل الثالث: الحصار الاقتصادي:
فهناك عاملان يوفران فرصة لزيادة الضغط على نظام الأسد من خلال الحصار الاقتصادي بحيث يطيح به، العامل الأول هو التحول في دور جامعة الدول العربية، فبعد سنوات من العجز أصبحت تتحدث عن دعمها لممارسة الضغط، وسحب أعضائها سفراءهم من دمشق، وأنهت عمل بعثة المراقبة، وفرضت عقوبات على النظام. أما العامل الثاني فيتمثل في تركيا التي تعد أقوى دولة إسلامية في الشرق الأوسط، والتي تملك حدوداً طويلة مع سورية، إضافة إلى فرض حصار بحري لمنع عمليات التصدير والاستيراد عبر البحر، ونقل الأسلحة إلى النظام، ووقف الرحلات الجوية التجارية إلى سورية، مع توسيع هذا الحظر.
البديل الرابع: التدخل الخارجي العسكري المحدود:
تحت مسميات مختلفة، من بينها:
(أ) نشر المراقبين: أي وجود أفراد، أو منظمات، أجنبية، على أرض الدولة المعنية، يمارسون الرقابة دون عمل عسكري، ولكن يعتبرون تحت حماية أجنبية، فإذا تعرّضوا لعدوان ما، يمكن أن يتحوّل التدخل عبر المراقبين إلى تدخل عسكري.
(ب) حظر الطيران: صورة من صور التدخل العسكري الأجنبي، ويعني أن تضمن قوة عسكرية جوية أجنبية منع تحليق الطائرات العسكرية غالباً، فوق مساحة جغرافية جزئية أو شاملة لأرض الدولة المعنية، ولا تخوض عمليات قتالية إلا في حالتين: تحليق طائرات عسكرية، أو تشغيل محطات رادار استكشافية على الأرض مما يعتبر مقدمة لإطلاق سلاح أرضي مضاد (صواريخ ونحوها) ضد الطائرات الأجنبية.
(ج) الحظر الجوي: صورة أوسع من حظر الطيران، ويبدأ تنفيذه بتوجيه ضربات جوية مباشرة لجميع الأسلحة الدفاعية المضادة للطائرات والصواريخ الأجنبية، لتعطيلها، وتمكين الطائرات الأجنبية من التحليق دون أن تتعرّض لخطر ما.
(د) التشويش الالكتروني: ويستهدف شلّ تقنيات التواصل العسكري وشبه العسكرية، بين مراكز القيادة ومواقع انتشار الأسلحة، ويمكن أن يكون البديل الأفضل، بشرط ألا يقترن بأغراض أخرى كضرب الطاقة العسكرية الدفاعية والهجومية، وبالتالي إضعاف الدولة وتدمير قدراتها.
(هـ) المنطقة العازلة: وتعني حظر العمليات العسكرية في مساحة من الأرض على الحدود غالباً، مع استخدام القوة عند الضرورة لتنفيذ ذلك، والقصد منها تأمين مأوى آمن للمدنيين، أو قواعد انطلاق آمنة لصالح القوة الوطنية المسلّحة ضدّ القوة المسلحة تابعة لنظام حاكم كالاستبداد القائم في سورية.
(و) الممرات الآمنة: تفرض عادة كطرق بين المناطق العازلة وسواها، بغرض تأمين المساعدات المدنية والحركة للمدنيين ولمنظمات الإغاثة والرقابة الخارجية.
البديل الخامس: الصراع بالوكالة:
ويقوم هذا البديل على شن حرب بالوكالة، بين العرب والغرب من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى، ومن خلاله تراهن الدول العربية والغربية على الجيش السوري الحر، والعمل على دعمه بالمال والسلاح عبر لبنان والأردن وتركيا والعراق، وهنا يمكن تطوير علاقات رسمية مع المجلس الوطني السوري، ومع قيادة الجيش السوري الحر، ومن صور المساعدات التي يمكن تقديمها إلى الثوار: مساعدات لوجستية ومعلومات استخباراتية ونظم اتصال واستطلاع. بما يزيد من قدرات الجيش السوري الحر ويزيد من التهديد الذي يشكله على الرئيس الأسد، وتزويد الجيش السوري الحر مباشرةً بالأسلحة والذخيرة، وغضّ الطرف عن الدول العربية التي تساعد الجيش السوري الحر، وفي المقابل تقوم إيران وروسيا وحزب الله بدعم الجيش النظامي السوري.
البديل السادس: التدخل العسكري الشامل:
ويقوم على شن حرب شاملة، يمكن أن تطال جميع المنشآت العسكرية والتموينية الحساسة بما فيها المصانع والطرقات ومراكز القيادات وغيرها، وتخضع للقوانين الدولية أثناء الحرب، ويمكن أن تؤدي إلى احتلال أجنبي، إلا أن التدخل الخارجي المباشر في سورية، يواجه بالعديد من الصعوبات، منها: الجوار الجغرافي مع إسرائيل واحتمال اشتعال حرب إقليمية تجر إليها إيران الحليف الرئيس لنظام الأسد، والتي تقف في حالة مواجهة مع الغرب على خلفية البرنامج النووي، وتهديداتها بإغلاق مضيق هرمز حيث تمر أغلب سفن النفط العالمية في منطقة الخليج العربي، وكذلك وجود قاعدة الصيانة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري، وهي القاعدة الوحيدة لروسيا خارج أراضي الاتحاد السوفييتي السابق، وتحظى بأهمية كبرى لدى موسكو، الأمر الذي قد يجعل العسكرية الروسية طرفاً في مواجهة ما، إذا تدهورت الأوضاع في سورية.
البديل السابع: بديل التراجع الخارجي:
وقد برزت عدة مؤشرات عن وجود تراجع في حماس العديد من القوي والأطراف الإقليمية والدولية عن دعم الثورة السورية، من هذه المؤشرات:
(أ) تعدد التقارير الإعلامية، الصادرة عن وسائل الإعلام المعروفة بموقفها المعارض للنظام السوري عن الصراعات بين ائتلاف القبائل السورية، وعن وجود مبالغات كبيرة فيما تبثه بعض الفضائيات ومواقع المعارضة عن الأوضاع في سورية.
(ب) التقرير الذي نشرته شبكة «سي. ان. ان» الأمريكية عن مسلحين في حي «بابا عمر» في مدينة حمص دون إشارة إلى أنهم منشقين عن الجيش السوري، على نحو تم تفسيره على أنه دعم غير مباشر للرواية الرسمية السورية عن وجود مسلحين ينفذون عمليات إرهابية في أكثر من منطقة سورية.
(ج) تناول الخلافات التي تفجّرت داخل المجلس الوطني السوري المعارض، والتي تعبر عن وجود ارتباك داخل المعارضة يُعبّر عن خلافات بدأت تطفو على السطح بين أنقرة وباريس على خلفية الإصرار الفرنسي على الحديث عن ملف الإبادة الجماعية للأرمن، فالمجلس الوطني السوري هو ائتلاف بين قوى تدعمها أنقرة وأُخرى تدعمها باريس فيما التمويل قطري، ولذلك لا يستبعد أن يكون وراء الانقسام في المجلس الوطني أسباباً تتعلق بالخلاف بين داعمي هذا المجلس، إلى درجة أن اسم رئيسه برهان غليون بات يُشتَم في تظاهرات بعض المحتجين في المدن السورية.
(د) الحديث عن دور للقاعدة في سورية، وخاصة بعد أن أعلن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري دعمه «للانتفاضة» في سورية، داعياً «أسود الشام» إلى «الجهاد» وعدم الاعتماد على العرب والغرب وتركيا. وقال الظواهري: «لا زالت سورية الجريحة تنزف والجزار ابن الجزار بشار ابن حافظ لا يرتدع»، وأضاف: «لقد هب الشعب السوري المجاهد الباسل ولن يقبل بأقل من النصر على الجزارين المجرمين ليقيم في شام الرباط والجهاد -بإذن الله- وقوته دولة تحمي حمى الإسلام». وذكر أن «أبطالنا الأشاوس المجاهدين يزدادون كل يوم ثباتاً وصبراً وصموداً واستبسالاً ويخوضون معركة العزة والكرامة ضد النظام العلماني الطائفي».
ودعا الظواهري الشعب السوري إلى «عدم الاعتماد على الغرب ولا على أمريكا ولا على حكومات العرب وتركيا فانتم أعلم بما يدبرون لكم». وتابع: «يا أهلنا في سورية لا تعتمدوا على الجامعة العربية وحكوماتها التابعة الفاسدة فان فاقد الشيء لا يعطيه». واعتبر أن «كل هؤلاء لا يريدون سورية مسلمة حرة مستقلة قوية مجاهدة ضد إسرائيل ولكنهم يريدون سورية تابعة مستضعفة، تعترف بإسرائيل وتتماشى معها وتخضع للظلم العالمي».
(هـ) تعدد التقارير عن مخاوف أمريكية من تسليح المعارضة السورية: ففي 19/ فبراير/ 2012م، كشف رئيس هيئة الأركان بالجيش الأمريكي، الجنرال مارتن ديمبسي، عن مخاوف الولايات المتحدة إزاء تزويد المعارضين لنظام الرئيس السوري، بدعم عسكري وأسلحة، بسبب ما وصفه بغموض الوضع في سورية. وقال: «من السابق لأوانه اتخاذ قرار بتزويد حركة المعارضة في سورية بالأسلحة، لأنني أتحدى أي شخص أن يوضح لي، وبشكل لا يقبل الجدل، طبيعة المعارضة السورية في الوقت الراهن». وحذر من أن سورية «أصبحت الآن منطقة صراع مصالح بين أطراف متعددة، ومن بين هذه الأطراف دول مجاورة لسورية، مثل تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، والقوى السنية والشيعية في المنطقة، بالإضافة إلى شبكة القاعدة، وجميعها تسعى إلى تعزيز موقعها».
بين الداخل والخارج.. الشعب أولاً:
مع هذا التعدد في البدائل، يبقي البديل الأول والأخير، وهو قدرة الشعب السوري وصموده وإصراره على نجاح ثورته، وتحقيق أهدافه، مستعيناً في بذلك بعدد من الآليات المساعدة، مثل استثمار الحراك العربي الدبلوماسي عبر الجامعة العربية كوسيلة لإيصال صوت الثورة إلى العالم، والتنسيق مع بعض الدول الناشطة في الملف السوري من أجل مزيد من الحراك الدبلوماسي ودعم الثورة بشتى السبل.
واستمرار الجيش الحر في القيام بعملياته النوعية، مع استمرار الدعم المادي والعسكري، ووجود تخطيط عملياتي دقيق، إضافة إلى تنسيق الاتصالات بين مجموعات الجيش الحر، الأمر الذي يمكن أن يحدث تغييراً في معادلات القوة على الأرض، ويمكن مع المزيد من العمليات النوعية أن تؤثر في الجيش النظامي من حيث ازدياد حركات الانشقاق أو الهروب أو العصيان. والعمل على تفكيك التحالفات المؤيدة للنظام، والتي تضم إيران وروسيا والصين، فعلى الثورة وقادتها إدراك أن دفع إيران خارج سورية من شأنه إحداث الكثير من التغيير في المنطقة، وهنا يجب على قيادة الثورة السورية صياغة رسالة طمأنة لإيران، مفادها أن مصلحتها مرتبطة ومرهونة بمدى رضا الشعب السوري وليس النظام الحالي.
والعمل كذلك على فهم العقلية التي تدير روسيا والصين والقائمة على تغليب المصلحة على أي مبادئ وقيم إنسانية معروفة، من شأنه أن يكون عاملاً مساعداً على كسب الدولتين إلى جانب الثورة، خاصة إذا ما تمت صياغة رسالة واضحة لهما، خلاصتها أن مصلحتهما في المنطقة عبر الشعب السوري وليس نظامه.

المصدر: مفكرة الإسلام نقلاً عن الوطن الكويتية 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع