..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

قراءة إستراتيجية للمشهد السوري

إبراهيم الديب

٥ مارس ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6841

قراءة إستراتيجية للمشهد السوري
1.jpg

شـــــارك المادة

النظام السوري وبامتياز يمثل النموذج المثالي للدولة الوظيفية لخدمة أهداف دول وقوى خارجية على حساب الشعب السوري ومصالح الأمة العربية والإسلامية.

- النموذج السوري أزمة عالمية بمفتاح شعبي محلي الصنع.
- سوريا البوابة الحقيقية لأمن الخليج والأمة العربية.

 

المشهد السوري بالغ التعقيد، كما هو بالغ الألم والمرارة في حلق كل إنسان حر، كما هو بالغ الهم والغم.
لكل مسلم وعربي يستحضر موقف المساءلة يوم القيامة بين يدي رب العالمين عما قدم تجاه ما يحدث لإخوانه وأخواته وأطفاله في سوريا الحبيبة.
ولفهم أي مشهد سياسي وخاصة المشهد السوري لا بدّ أن تبدأ قراءته من أعلى لأسفل، بداية من المشهد العالمي وصولاً إلى المشهد المحلي عبر البحث في مرتكزات وأولويات كل دولة، وهذا ما سأحاول رسمه وتفصيله بإيجاز ومباشرة ولغة بسيطة يفهمها الجميع.
- يعيش العالم الآن حالة تعدد أقطاب سياسية يحاول كل منها المحافظة على مكاسبه وحمايتها وتعظيمها إن أمكن له ذلك، تترأس هذه الأقطاب أمريكا، ثم الاتحاد الأوروبي فالصين وروسيا، وأقطاب أخرى تحاول الصعود وبسط نفوذها السياسي والاقتصادي إقليميًا كإيران وتركيا.  - في ظل هذه القطبية المتعددة المتنوعة تنتمي سوريا بنظامها الاستبدادي الفاسد الضعيف إلى عدد
غير قليل من هذه الأقطاب، بمعنى أنها تحقق العديد والمتنوع من الأدوار الوظيفية المتناقضة أحيانًا
فيما بينها، ولكنها تجتمع كلها لتحقيق هدف واحد هو المحافظة على بقاء واستمرار هذا النظام الفاسد العميل لخدمة المصالح الإستراتيجية لكل هذه الأقطاب.
ولكي نفهم الأمور ببساطة تعالوا نجيب على هذه الأسئلة:
- ماذا تمثل سوريا لإسرائيل وأمريكا؟
صمام الأمن والأمان للكيان الصهيوني وتأمين حدوده الشمالية والشمالية الشرقية ضد أي اعتداء أو تدخل، كما أنها تقدم لإسرائيل 38 % من احتياجاتها من المياه عبر هضبة الجولان المحتلة.
وإستراتيجياً وجود نظام استبدادي فاسد وعميل على رأس سوريا يضمن لأمريكا وإسرائيل وأد أي فرص للتنمية والنهوض والقوة السورية على المدى المتوسط والطويل، حيث ستظل سوريا بالرغم من إمكانياتها الضخمة وفرصها الكبيرة في التنمية والنهوض ستظل دولة هشة ضعيفة تكتفي بممارسة دور الشرطي العميل على الحدود الشمالية لأطول فترة ممكنة.
- ماذا تمثل سوريا لإيران؟
الحليف الإستراتيجي لها في مشروعها السياسي للتمدد والهيمنة على منطقة الخليج والمنطقة العربية وإفريقيا، كما هي بوابتها البرية إلى العالم العربي، ومفتاحها ونافذتها الوحيدة على البحر الأبيض المتوسط، وذراعها الممتدة إلى الداخل اللبناني، وإلى الحدود الإسرائيلية لضمان القدرة المستمرة على تهديد أمن إسرائيل واستثمارها في تعظيم مكاسبها السياسية إقليميًا ودوليًا.
- ماذا تمثل سوريا لأوروبا وروسيا والصين؟
الحليف الإستراتيجي لها للحد من الهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية بأسرها وإطلاق يدها في إدارة المنطقة لتعظيم مكاسبها الإستراتيجية، حيث تمثل سوريا وإيران وحركات المقاومة بالمنطقة حلفاً ضمنياً وشوكة كبيرة في خاصرة المشروع الأمريكي بالمنطقة.
في هذا السياق العالمي يمكننا فهم ما يجري في سوريا التي تعيش تحت حالة من التآمر الدولي مع نظام الأسد العميل للمحافظة على مصالحها المذكورة، ومطالبتها له بسرعة حسم الموقف خلال شهرين على الأقل مع توفير كافة أسلحة البطش العسكري، ومؤامرات التمويه السياسي والإعلامي المختلفة.
كما تعيش حالة تخاذل عربي بفعل ضعف العرب وعدم قدرتهم على التدخل باسم العروبة والإسلام والإنسانية وتحت ضغط شعوبهم بدون موافقة القوى الدولية الكبرى هذا من جهة، ومن جهة أخرى خشية البعض من امتداد رياح الربيع العربي إلى بلدانها.
في هذا السياق يمكننا تحديد الرابحين والخاسرين من نجاح الثورة السورية:
أبرز الخاسرين سيكون وبلا شك إسرائيل وأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وإيران، كما أن أبرز الفائزين هم دول الخليج العربي التي ستنعم بالأمن والاستقرار نتيجة وقف تمدد المشروع الإيراني وحصاره داخل أراضية فقط، ولبنان التي تبحث عن أمنها واستقرارها، وتركيا التي تتبنى مشروعاً تحررياً وتنموياً على المستوى الإقليمي والعالمي.
بالإضافة إلى الشعوب والدول العربية التي تشق طريقها إلى الحرية والتنمية والنهضة.
في هذا السياق يمكننا استشراف وتوقع الآتي:
- ثبات الثوار وامتداد لهيب الثورة في شتى المدن والقرى السورية يوماً بعد يوم بوقود دماء الشهداء الأبرار، وهذا أمر لا شك فيه ولا ريب معه مع مثل هذا الشعب العظيم الذي نبت وتربى على تراث وتاريخ أجداده العظام من الصحابة وعظماء وعلماء الإسلام -رضوان الله عليهم-.
- ارتفاع وتيرة وحشية النظام واستخدام أسلحة جديدة ربما سلاح الجو وربما الحرب الكيماوية.
   - طول فترة الثورة وتنامي عدد الضحايا.
- المزيد من المسلسلات الدولية المخادعة في مجلس الأمن وجامعة الدولة العربية.

- النمو الأفقي والرأسي للثورة السورية وقيادتها المباركة، واستكمال نضوجها حتى تصبح مؤهلة لتحمل مسئولية السلطة في سوريا وبناء وإدارة الدولة السورية في ظل هذه المعطيات الإقليمية والعالمية المعقدة سالفة الذكر.

المصدر: المصريون 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع