..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سوريا والحل الأخير!

حامد العمري

٢ مارس ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3539

سوريا والحل الأخير!
0200.jpeg

شـــــارك المادة

يُشكل على البعض الجمع بين موقف الدول الغربية (أمريكا والاتحاد الأوربي) المعلن من الثورة السورية، والذي يبدو مؤيداً للثوار، وبين موقفها على الأرض، والمتمثل في عدم التحرك جدياً لوقف ممارسات إيران، وجرائمها الوحشية اليومية التي يرتكبها قطعان الشبيحة النصيريين ومليشيات الغدر الشيعية العراقية، بالإضافة إلى عناصر الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، غير أن أدنى من له إلمام بترتيبات الوضع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط يسهل عليه تفسير تلك المواقف.


فمن المعلوم أن مصلحة تلك الدول هي في بقاء نظام بشار الأسد (الإيراني)، وذلك لأسباب أقلها أهمية الحفاظ على أمن إسرائيل، والذي برهن ذلك النظام، على مدى أربعين عام، أنه أفضل نظام يمكنه القيام بذلك.
إذاً؛ فما الذي يدفع تلك الدول إلى إعلان موقفها المناهض لنظام بشار الأسد؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، ينبغي التذكير بأن تلك الدول تأخرت كثيراً في الإعلان عن ذلك الموقف، غير أن تسارع الأوضاع هناك واتساع رقعة الاحتجاجات أكد لتلك الدول أن الرهان على بقاء ذلك النظام رهان شبه خاسر، فكان الخيار الأمثل هو عملية إبطاء تسارع تلك الثورة ومحاولة احتوائها وتفريغها من أهدافها، عبر سياسة اللعب على الحبال!
فبينما يستمر الساسة الغربيون في التأكيد على ضرورة تنحي الأسد، والقول بأنه فقد شرعيته، بل الدعوة إلى عقد المؤتمرات وتأسيس مجموعات تزعم صداقة ومساعدة الشعب السوري، يتم في الجانب الآخر معارضة وإفشال أي تحرك أو خطوة عملية لنصرة الثورة السورية، وخير شاهد على ذلك التملص من فكرة تسليح المعارضة، ومحاولة إقناع العالم، بمن فيهم بعض أطياف المعارضة السورية، بعدم جدوى ذلك الخيار، وهذا ما دفع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى القول إن قيام الولايات المتحدة بتسليح المعارضة السورية يمكن أن يؤدي إلى دعم تنظيم القاعدة وحركة حماس بطريقة غير مباشرة.
إن مواقف الدول الغربية من الثورة السورية لا تختلف كثيراً عن موقفي روسيا والصين، غير أن الأخيرتين قبلتا بتحمل تبعات المجاهرة بموقفيهما لأن روسيا تراهن في المقام الأول على علاقتها بإيران وأتباعها -أكبر مستوردي السلاح لديها في المنطقة-( 1) أكثر من مراهنتها على علاقتها ببقية الدول العربية، والتي لا تصدر لهم في الغالب سوى العاهرات، بينما تشاركها الصين الرغبة في ابتزاز تلك الدول (الخليجية خصوصاً) وإجبارها بطريقة أو بأخرى على شراء موقفها، عبر عقود نفطية أو مليارات مباشرة، كتلك التي تسلمتها موسكو مقابل موقفها من حرب الخليج الثانية، غير أن ما يميز دول الغرب هو شعورها بالقدرة على مخادعة السوريين عبر مسلسل التصريحات والمؤتمرات ومحاولة إلهاء قادة المعارضة -المتنازعون أصلاً- وتشتيت مواقفهم، انتظاراً لحسمٍ ميداني- بات أكثر إلحاحاً من ذي قبل - يضع الثوار أمام الأمر الواقع، لذلك فلا غرابة أن يقف العالم متفرجاً على ما يحدث من جرائم في حمص وغيرها. أما إذا لم ينجح النظام في الحسم وتحتم عليه الخروج، فعلى الأقل ستكون تكلفة خروجه من السلطة باهظة، بحيث ستكون مهمة تضميد جراح الشعب وإعادة بناء البلد شاغلةً لأي سلطة قادمة لعشرات السنين، ما يعني في الأخير تأخر قيام أي مشروع سني عربي وضمان أمن إسرائيل ولو إلى حين.
من كل ما سبق يتضح أن التعويل على مواقف الدول الغربية عموماً وانتظار دورها الإيجابي لحل الأزمة السورية هو أشبه بالتعويل على خيوط سراب تراءت لعطشان في نهاية الطريق، لأن أفضل سيناريو يمكن أن توافق عليه تلك الدول -إذا تأكدت من نجاح الثورة – هوالسيناريو اليمني، حيث تتم التضحية بالرئيس مع إعطائه الحصانات اللازمة، أما النظام فسيبقى ما بقيت إيران، لأنه بالنسبة لها مسألة حياة أو موت.
إذاً، ما هي الخيارات المتاحة أمام الثوار السوريين، وما هو السيناريو المحتمل للثورة السورية؟
من الواضح أن الشعب السوري قد أدرك أنه لا خيار لديه لإنجاح ثورته، وللتخلص من التسلط والإذلال الفارسي النصيري، سوى حمل السلاح وإعلان الجهاد ودعم الجيش الحر، ولذلك فإن المتحتم عليه هو عدم الانتظار كثيراً لأي دعم أممي أو عربي، فمن يملك القدرة على تسليحهم لا يريد ذلك ومن يريد لا يملك القدرة!
وأما بالنسبة للسيناريو المتوقع للثورة السورية، فإن من أفضل ما يقال هنا، مقولة لأحد العلماء، حيث قال: "ما حدث في تونس ومصر وليبيا خارج عن حُسبان البشر، ويُريدون أن تكون سوريا وفق حساباتهم، {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}"( 2).
فيا أهلنا المجاهدون في سوريا:
اجعلوا من سوريا ناراً تلظى على المجوس وعبيدهم (النصيريين)، ولتقاتل المرأة قبل الرجل، والصغير قبل الكبير، فإن من قتل دون ماله وعرضه فهو شهيد، {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم} [التوبة: 14]، تسلحوا بما تستطيعون، واعلموا أن الله معكم، وأنه لا يطلب منكم ضرورة التساوي مع العدو في القوة العسكرية، فلقد قال: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم..} [الأنفال:60].
يا من تكفل الله بهم لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {لا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيما}، {ولا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ] [آل عمران: 139-142].
بقي أن أقول: لئن كان الغرب أدهى أعداء الأمة، فإن إيران أشرس أعدائها وأكثرهم وحشية ودموية وأشدهم حرصاً على إبادتها، وما ظنك بدولة جمعت بين حقدين؛ ديني وعرقي.
اللهم انصر أهلنا في الشام واستر عوراتهم وآمن خوفهم واطعم جائعهم.. آمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 1-  انظر مقال بعنوان : "سمعة السلاح الروسي أهم من إيران" , د. إينا ميخائيلوفنا، رئيسة المركز الروسي الحديث لاستطلاعات الرأي.
 2-  الشيخ عبد العزيز الطريفي / تويتر.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع