..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لماذا تغير الموقف الروسي من مشروع قرار مجلس الأمن خلال ساعات؟

فراس الأسعد

٢١ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6628

لماذا تغير الموقف الروسي من مشروع قرار مجلس الأمن خلال ساعات؟
88899.jpeg

شـــــارك المادة

بعد الفيتو المزدوج الروسي الصيني في الرابع من فبراير الجاري في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يتعلق بالشأن السوري، ظهر ومن جديد شكل قديم من التجاذبات في السياسة العالمية ينبئ بحرب نتمنى أن تكون باردةً جديدة بين قطبين عالميين جديدين.

 

 

ونخشى أن تكون شرارة لحرب إقليمية أو عالمية ثالثة، بدأت شظاياها تنتشر في لبنان مع اندلاع المواجهات بين مؤيدي النظام السوري ومعارضيه في طرابلس، وفي إيران مع إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن "المستكبرين فشلوا في كل ضغوطهم لمنع إيران من أن تكون دولة نووية"، ويؤكد إطلاق قمر اصطناعي إيراني في وقت لاحق ليستقر في الفضاء تزامناً مع التقدم الحديث الذي حققته في مجال تجاربها النووية.

لقد كانت النتيجة المباشرة للفيتو تصعيد النظام السوري من العنف وانتقاله من الحل الأمني إلى الحل العسكري باستخدام الأسلحة الثقيلة في قصف المدن، أما على مستوى العمل المعارض فإن الفيتو أكد ضرورة المفاوضات وحتميتها مع الجانب الروسي لضمان تغيير حقيقي في النظام السوري من دون المساس بالمصالح الروسية في سورية.
فما الذي أو من الذي منع المعارضة السورية من تقديم كل ما يطمئن روسيا على مصالحها؟
أم أن روسيا بالغت في شروطها في سبيل حفظ مصالحها؟ قد يكون ذلك صحيح أحياناً، فالهدف الروسي هو المصالح فقط، لذلك تسعى روسيا إلى أساليب المساومة وحسابات الربح والخسارة في صفقة بيع الدم السوري مقابل الفيتو، وما انعكس على تصريحات القيادة الروسية ووسائل إعلامها التي جاءت مترددة ومبهمة أحياناً ومتناقضة ومتقلبة أحياناً أخرى، مع التأكيد على حقيقة ثابتة واحدة فقط هي أن باب الحوار مع القيادة الروسية مفتوح دائماً، بمعنى أن الصفقة قابلة للاستثمار دائماً، فمثلاً: صرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قبل يوم واحد من التصويت على القرار في مجلس الأمن أن: "روسيا ليست حليفة ولا صديقة لنظام الرئيس بشار الأسد، وإنما صديقة لسورية، وحريصة على مصالحها"، بينما نقل دبلوماسيون عن المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين تهديده -في جلسة مغلقة للمجلس- بأن موسكو ستعترض على مشروع القرار إذا طرح للتصويت، متضمناً عبارة تقول: إن المجلس "يدعم بالكامل" خطة الجامعة العربية التي تطالب الأسد بالتنحي، كما أن السفارة الروسية في واشنطن قد نشرت قرار مجلس الأمن الذي ستوافق روسيا عليه، وذلك قبل ثلاث ساعات فقط على تعديل مفاجئ أعلنه وزير الخارجية الروسي لافروف من أن روسيا تطلب إجراء 12 تعديلاً على مشروع القرار كي يتم تمريره.
إن الموافقة الروسية على القرار ثم رفضه بعد ساعات، تضع علامة استفهام محورية كبيرة حول ما جرى في مشاورات الغرف المغلقة، وعلى اعتبار أن لا معلومات دقيقة رشحت عن أطراف الخلاف، لأسباب مريبة وغير بريئة، يبقى التحليل والتأمل وحدهما الطريق للاستنتاج، نعم إنها ساعات قليلة، قِيل إنها ثلاث ساعات بالعد والنقد فصلت بين نشر مشروع القرار من قبل السفارة الروسية، ثم رفضه من قبل وزير الخارجية، ساعات لا تكاد تكفي للقاء خاطف أو اتصالات سريعة من قبل طرف آخر صاحب مصلحة في ثني الجانب الروسي عن موقفه والحصول على الفيتو، فهل هو النظام السوري… أم حلفاؤه؟
لكن زيارة الوزير لافروف العاجلة إلى دمشق بعد يومين من الفيتو المزدوج برفقة مدير الاستخبارات الخارجية ميخائيل فرادكوف ترجح كفة حصول صفقة مصالح متبادلة جديدة مع النظام في سورية! كما أن حسابات فاتورة الزيارة اقتصادياً وعسكرياً كبيرة بحيث توازي ثمن الفيتو وتدعم فرضية حدوث تحرك دبلوماسي سوري تجاه الروس خلال الساعات الثلاث المشؤومة، فالصفقة تشمل إعادة تأهيل قاعدة التجسس في جبل قاسيون كانت تعمل في العهد السوفيتي، وهو ما يندرج في إطار مسعى روسي لاستخدام سورية كورقة ضمن مواجهة موسكو لخطط نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا الشرقية وتركيا، وحسب ما تتناقله وسائل الإعلام الروسية فإن دمشق أبدت استعدادها لاستضافة قاعدة ثانية مطلة على الحدود مع تركية، وهي في حال إنجازها ستكون خطوة كبيرة لروسيا في مواجهة الدرع الصاروخية الأميركية في تركيا، وما يقابل ذلك كله من سلسلة طويلة من المساعدات العسكرية واللوجستية الروسية لدعم النظام ضد الثورة الشعبية، إذاً وبناءً على ما سبق من واقع حال العلاقات الدولية المتردي نسأل: ألم يكن من الأجدر بالمعارضة السورية التفاوض مع القيادة الروسية وبشكل مباشر وجهاً لوجه للوقوف عند متطلباتها وحفظ مصالحها في سورية؟
وعلى الضفة الأخرى، فقد أجرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف محادثات في ميونيخ حول سورية قبل التصويت، وتوافقاً على مواصلة العمل على مشروع قرار في مجلس الأمن، وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر "أنهما توافقاً على أن يواصل فريقاهما في نيويورك العمل على مشروع قرار". وأكد أن فريقي البلدين "يبذلان جهداً كبيراً للتوصل إلى رد موحد لمجلس الأمن"، بينما قال دبلوماسيون في نيويورك قبل جلسة مجلس الأمن في الرابع من فبراير الجاري: إن أعضاء المجلس ينتظرون تعديلات جديدة ستتقدم بها موسكو على مشروع القرار. وأوضح احدهم "الأمر الآن أصبح بين الولايات المتحدة وروسيا. نحن ننتظر لنرى ما إذا كانوا سيصلون إلى اتفاق"، وهنا ومرة أخرى نسأل ونتساءل: أين هي معارضتنا الباسلة من المفاوضات، وكأن الولايات المتحدة هي ولي أمر شعبنا، أو هي حليف العرب الأول؟ وما سر هذا الغرام الأمريكي الذي ظهر في كلام السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس قبل التصويت على القرار عندما قالت: "إن واشنطن لا يمكنها قبول التعديلات الروسية المقترحة على مشروع القرار المطروح على مجلس الأمن والذي يدعم خطة للجامعة العربية بشأن سورية"؟ فلماذا رفضت الولايات المتحدة التعديلات، وشعوبنا لم تعرفها إلا دولة راعية لمصالحها ومصالح حلفائها في إسرائيل؟ أو على الأقل مناوئة للمصالح الروسية في المنطقة، ولماذا هذا الغياب أو التغيب للمعارضة السورية عن مسارات وتفاصيل الحل الدبلوماسي؟
لا شك أن الاستنتاج الأهم الذي رشح عن الفيتو المزدوج هو حول مدى فاعلية المعارضة السورية وعدم نضجها، ذلك أن أطرافاً عديدة منها تمارس دوراً إعلامياً صرفاً من دون عمل سياسي حقيقي، كما أن بعضها الآخر -وأعني به هيئة التنسيق الوطنية- يتم تجاهلها في وسائل إعلام الثورة السورية، أو أن هيئة التنسيق نفسها لم تُكرس جهودها في مجال الإعلام، إما عجزاً مادياً ولوجستياً، وإما إفراطاً في الثقة بأطروحاتها وأفكارها التي أثبتت صموداً منقطع النظير بعد الفيتو المزدوج، إيماناً منها أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وأن الأيام ستثبت صوابية لاءاتها الثلاث، وأنها هي الرابح على المدى البعيد، بينما على المدى القريب غاب عن رؤيتها أن تدني حضورها الإعلامي في صفوف الثوار المتحمسين وطنيةً، والمواطنين المقموعين تحت وطأة العنف، قد أضعف صوت العقل وأطال الطريق والثورة.

المصدر: سوريون نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع