مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3040
شـــــارك المادة
الثورة السورية: عِبَر وفِكَر (21): قوّاتٌ عربية: هل سمعتم رأينا أولاً؟
جَدّ في الأيام القليلة الماضية جديد، فقد اقترحت قطر إرسال قوات عربية إلى سوريا لحماية المدنيين، ونطق أمين الجامعة -الذي لا ينطق عادة بما يَسُرّ- فقال: إنه لا يستبعد مناقشة الفكرة في اجتماع قادم لوزراء الخارجية العرب. وماذا عن الشعب السوري؟ هل اهتم أحدٌ بسماع رأيه؟ أم أنه طائفة من الأيتام تفرّقت حقوقُهم وضاعت بين موائد الكرام واللئام؟
لقد رأينا عيّنة من تدخلكم يا عرب، رأيناها في بعثة المراقبين التي كانت فأراً وُلد بعد مخاض الجبل، فإن كانت المبادرة الجديدة من النوع نفسه فوفّروا على أنفسكم الجهد، ووفّروا علينا عناء التجربة الأطول، ودعونا نُنجز أمورَنا بأنفسنا، فإنكم تضعون أيديكم في الماء البارد فيما أيدينا تغلي في القدور. تتحدثون عن قوات عربية؛ هل تضمنون أن تخلو قواتكم العربية من جنود عراقيين؟ أما علمتم ما فعل سفاح العراق -المدعو بالمالكي- من وقت قريب؟ ألم يصدر قراراً هو من أعجب ما صدر في تاريخ جيوش العالم من قرارات، حينما أمر بدمج القتلة والمجرمين في جيش البلاد؟ المجرمون من أفراد عصابات ومليشيات القتل المنظّم الذين لم يكن لهم شغل في السنوات الماضية إلا قتل وإبادة المسلمين السنّة في العراق صاروا جنوداً نظاميين في جيش العراق، وحينما يرسل المالكي قوات عراقية إلى سوريا سيكون أولئك المجرمون ضمن تلك القوات، فهل تظنون أننا أغبياء حتى نقبل دخول قوة احتلال من حلفاء النظام تحت مظلة قوة الحماية العربية؟ إنها ستكون قوة حماية للنظام لا حماية للشعب والثورة، بل ولا يُستبعَد أن تضم تلك القوات إيرانيين من بين مئات الآلاف الذين جنّسهم نظام الاحتلال الطائفي بالجنسية العراقية خلال السنوات الماضية. أرأيتم لو أن الأسد أصدر اليوم قراراً بضم عصابات الشبيحة كلها إلى الجيش العربي السوري، ما هي النتيجة؟ سنحصل على خليط من العسكريين والقَتلة والمجرمين يضمّهم كيان واحد اسمه جيش. لو كانت هذه هي صفة الجيش العراقي الحالي لما قبلنا أن يدخل ذلك الجيشُ إلى بلادنا، ولكنه في الحقيقة أسوأ بكثير، فإني أعترف بأن الشبيحة الذين نعاني منهم في سوريا ما نعانيه لا يبلغون في السوء معشار ما يبلغه مُجرمو العصابات الطائفية التي ضمّها المالكي إلى الجيش العراقي بقانون "الدّمج"، والتي سيعاني منها إخواننا السنّة في العراق لسنين طويلة ما لم يتداركوا أمرهم ويثوروا ثورتهم منذ اليوم ليتحرروا من الاحتلال الإيراني، ومن تسلّط واستبداد المالكي وعصابته. إن الكارثة في العراق أسوأ من الكارثة في سوريا بكثير، وما لم يتحرر العراقيون من الاحتلال الإيراني والتسلط الطائفي فسوف تعيش المنطقة كلها في خطر شديد، تستوي في ذلك دول الخليج وبلاد الشام الكبرى ببلدانها الأربعة، بما فيها سوريا. وهذا أمر يطول فيه القول وليس هنا محله، إنما أريد أن أنبّه في هذه الكلمة الموجزة إلى خطورة دخول قوات عراقية إلى سوريا، هذا هو ما يعنينا من الأمر في هذا المقام، على أنه ليس أمراً يُترَك ولا بدّ أن نعود إليه ذات يوم بعد التحرير، ولن يَكمُل تحرير سوريا إلا بتحرير العراق. إذن، فإن الشرط الأول والأكبر: هو أن لا يضم جيشُ الإنقاذ العربي أيَّ قوات عراقية. والشرط الثاني: هو أن لا يضم قوات من بلدان تقف في صف النظام وتدعمه سياسياً؛ لأن الذي يدعم بالوسائل السياسية لا يُستبعَد أن يدعم بالوسائل العسكرية، وتضمّ قائمة الداعمين الجزائرَ والسودان واليمن ولبنان بشكل رئيسي كما هو معلوم. الخلاصة: أحسب أن الشعب السوري لن يعارض تدخلاً عسكرياً عربياً إذا اقتصرت القوات العربية المشاركة على دول الخليج والأردن وليبيا، وربما تونس والمغرب أيضاً، على أن توضَع لعمل القوات العربية قواعدُ صارمة لا تخرج عنها، أقترح بعضاً منها فيما يلي وأترك تعديلها والإضافة إليها والبتّ فيها لأهل الثورة أنفسهم، فهم أعلم بما ينفعهم وينفع ثورتهم وبما يضرهم ويضرّ ثورتهم: (1) أن تقتصر المشاركة في القوات العربية على الدول التي يوافق عليها الثوار وتُستبعَد الدول التي لا يوافقون عليها -ضمن الاقتراح الذي سقته أعلاه أو سواه مما تراه قيادة الثورة-، سواء في التشكيل الأوّلي الذي سيكوّن طليعة القوات العربية أو في أي إضافات لاحقة. (2) أن يكون دور القوات العربية محصوراً بتحرير وتطهير المدن من القوات الحكومية المحتلّة، وأن تُسلَّم الإدارة المدنية والأمن الداخلي في المناطق المحرّرة إلى الثوار وجنود الجيش الحر، بما في ذلك إدارة المعتقلات التي سيُحتجَز فيها مجرمو وعملاء النظام الساقط حتى تتم محاكمتهم في المحاكم السورية بعد التحرير الكامل. (3) أن يكون من شروط مبادرة الإنقاذ دعم الجيش الحر بالسلاح المتوسط والثقيل، فضلاً عن السلاح الخفيف، ومشاركة قادته في القيادة والتخطيط، ومشاركة ضباطه وجنوده في العمليات العسكرية على الأرض. (4) أن تعمل القوات العربية على تسهيل الانشقاقات المتوقّعة، وأن تحمي الوحدات المنشقة، وتؤمّن إلحاقها -بأفرادها وعتادها وآلياتها- بوحدات الجيش السوري الحر. (5) أن تتعهد القوات العربية بالمغادرة النهائية بعد سقوط النظام حتى لا تتكرر مأساة قوات الردع العربية في لبنان، التي تحولت من جيش إنقاذ عربي إلى جيش احتلال أسدي عانى منه أهلنا في لبنان ربع قرن كاملاً من الزمان.
المصدر: موقع الزلزال السوري
محمد الحسن
أحمد بن فارس السلوم
ميشيل كيلو
مجلة البيان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة