..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

والمؤمن الحقّ، لو يدري هو القدر

عبد العظيم عرنوس

١٩ ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7353

والمؤمن الحقّ، لو يدري هو القدر
90909878787.jpg

شـــــارك المادة

كيف انبثقت هذه الأمة من ضمير الغيب، ودبّت فيها الحياة بعد موات، ومن الذي حرّك الثائرين للحرية في سورية من أقصاها إلى أقصاها.. إنهم المؤمنون الذين هم قدرٌ من أقدار الله، وهم الذين خوّلهم الله أن يقولوا للشيء كُن فيكون. ذكر ابن تيمية في مجموع الفتاوى أنه جاء في الأثر: "يَا عَبْدِي أَنَا أَقُولُ لِلشَّيْءِ: كُنْ، فَيَكُونُ، أَطِعْنِي أَجْعَلْك تَقُولُ لِلشَّيْءِ: كُنْ، فَيَكُونُ، يَا عَبْدِي أَنَا الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ أَطِعْنِي أَجْعَلْك حَيًّا لا تَمُوتُ".
إن قدر الله يجري وفق إرادة البشر، يغيرون فيُغير الله، وهذا من جملة التكريم الرباني للإنسان. ثائرو سوريا هم من خبء الغيب، الذي يظهره الله لقادم الأيام لتجديد ما اندرس من مفاهيم الدين.
قال إقبال:

نحنُ وُرّاثُ هداة للبشر *** نحنُ عند الله سرٌ مُدّخر
لا تزالُ الشمس تُبدي نورنا *** غيمنا فيه بروقٌ وسنا
ذاتنا المرآة للحق اعلم *** آية الحقِّ وجودُ المسلم

 

نعم، المؤمن يفعل العجائب، وثورتنا فيها أسرارٌ خارقةٌ بكلّ المقاييس، وبالصمود والتصميم والعزم الذي لا يلين حركنا كل العالم نحو قضيتنا، وبهرنا العقول، وأخذنا بالألباب. قال أبو الحسن الندوي - رحمه الله -: "الخضوع والاستكانة للأحوال القاسرة والأوضاع القاهرة، والاعتذار بالقضاء والقدر، من شأن الضعفاء والأقزام، أما المؤمن القوي، فهو بنفسه قضاء الله الغالب، وقدر الله الذي لا يُرد".
ولا يمكن لقوةٍ -إن شاء الله- أن تكسر إرادة السوريين؛ لأنهم قاموا لله - عز وجل -.
اعتزوا بالله، ومضوا في طريقهم غير عابئين بالأهوال التي لا تثبت أمامها الجبال. وقد عبّر الأستاذ عصام العطار في قصيدةٍ قديمة له عن هذه المعاني العظيمة فقال:

عجبت من مؤمن يرضى الهوان ***  وما يرضاه إلا الأولى بالله قد كفروا
تراه يحتج بالأقدار معتذراً  *** والمؤمن الحق لو يدري هو القدر
قوم يطلون والدنيا بها ظمأ *** والدرب ملتبس والليل معتكر
أقوالهم شُعل، أفعالهم غُرَر ***  أخلاقهم مُثل، أخبارهم سمر
بهم يُقوَّم ما في الأرض من عوج  *** والحق والعدل والإحسان ينتصر

 

رآهم الشهيد سيّد قطب بفراسته الصادقة، وقلبه النقي، وبصيرته النافذة، وبثّ صورهم في إهداء كتابه العدالة الاجتماعية في الإسلام: "إلى الفتية الذين كنت ألمحهم بعين الخيال قادمين، فوجدتهم في واقع الحياة قائمين، يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، مؤمنين في قرارة نفوسهم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
إلى هؤلاء الفتية، الذين كانوا في خيالي أمنيةً وحُلماً، فإذا هم حقيقةٌ وواقع، حقيقة أعظم من الخيال، وواقعٌ أكبر من الآمال. إلى هؤلاء الفتية الذين انبثقوا من ضمير الغيب كما تنبثقُ الحياة من ضمير العدم، وكما ينبثق النور من خلال الظلمات. إلى هؤلاء الفتية الذين يجاهدون باسم الله، في سبيل الله، على بركة الله".
وقدرُ الله واقعٌ لا محالة، ونصر الله قادم، والله يؤيد بنصره من يشاء، إن في ذلك لعبرةُ لأولي الأبصار. وانتظروا النصر في أي لحظةٍ فوعد الله صادقٌ أكيد.
 

المصدر: موقع أرفلون نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع